TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عقل السياسي

عقل السياسي

نشر في: 3 أغسطس, 2014: 09:01 م

السياسيون كغيرهم من البشر، تتفاوت قدراتهم العقلية بين شخص وآخر ، وليس بالضرورة ان يمتلك زعيم الحزب او عضو مجلس النواب ، او المسؤول الحكمة والذكاء الخارق فيحظى بتأييد جماهيري واسع ، وتعلق عليه الآمال لتجاوز الأزمات ، وحل المشاكل ، ومنها على سبيل المثال حماية الوطن من الاعتداءات الخارجية والداخلية .
في المنطقة العربية ، فان المصادفة في بعض الأحيان تصنع السياسيين ، وللقوى الخارجية الدور الأهم في تسويقهم ، وجعلهم يحتلون واجهة المشهد السياسي ، فيما ينحسر حضور الأحزاب ذات التراث النضالي ، المعروفة بتضحياتها الكبيرة ، فيكون وجودها خارج المشهد ، لفقدانها التمثيل في المجلس النيابي ، والسلطة التنفيذية ،والحياة السياسية في العراق بعد الغزو الأميركي أفرزت حالة واحدة هي الصراع على السلطة ، على الرغم من ادعاء جميع الأطراف التمسك بالدستور لضمان إقامة نظام ديمقراطي .
يقال ان سلوك السياسي هو انعكاس طبيعي لعقله ، فصاحب العقل المنفتح ، يمتلك الرغبة في الحوار مع الآخر، ولديه استعداد التفاوض مع المعارضين والخصوم ، وهو اقرب لتسوية خلافاته مع هؤلاء، انطلاقا من إيمانه بان الخلاف لا يخدم مصالح الطرفين، اما صاحب العقل المنغلق وخاصة عندما يكون في منصب كبير بالدولة فغالبا ما يلجأ الى التصعيد ، يضطر الى استخدام السلاح في التعامل مع خصومه وحتى شركائه ، فيعطي صورة ثلاثية الأبعاد ، عن حالة الجنون ، ونتيجة مواقفه وممارساته يدفع البلاد الى منزلق خطير ، فيحول الهزائم الى انتصارات ، والأزمات والنكبات الى مكاسب ومنجزات ، مسخرا الإعلام الرسمي لتحسين صورته بوصفه القائد الرمز ، صاحب القدرات الخارقة في بناء الدولة .
هل يحتاج العراق اليوم الى عقول مستوردة لحل ازماته ؟ الإجابة على هذا السؤال ، تبدو صعبة جدا فواقع الحياة السياسية يشير الى وجود صراع على السلطة ، على الرغم من وجود نص في الدستور يؤكد تداولها سلميا ، ويوم أعلنت القوى العراقية مشاركتها في العملية السياسية بات عليها احترام الدستور لأنه المرجعية الوحيدة المتاحة لتجاوز الأزمات وفي مقدمتها تراجع الأوضاع الأمنية بشكل مخيف ، واي حديث خارج هذا الاطار ينطلق من عقل منغلق ، ومهما قيل عن الدستور العراقي بانه مازال يحتفظ بالغام وقنابل موقوتة ، تقع على أصحاب العقول المنفتحة مهمة تعديل مواده ، ثم الانتقال الى مرحلة جديدة تؤسس لحالة من الاستقرار السياسي، لان الشعب العراقي شخص عقلاء السياسية ، ومجانينها وأصبحت لديه القدرة الكبيرة على التمييز بين العقول المنفتحة والمنغلقة ، والقوى السياسية مطالبة اليوم بالكشف عن نوعية عقولها، وبعد مرور اكثر من احد عشر عاما على الإطاحة بالنظام السابق توفرت الفرصة الكافية لمعرفة الماركة المسجلة للعقل السياسي لفرز الشخصيات القادرة على ترميم الخراب لكي تنتفي الحاجة لاستيراد عقول من الخارج تحمل خزينة الدولة أعباء إضافية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram