في أول أيام ولايته، وضع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم يده على واحد من أكبر جروحنا النازفة. نأمل أن تكون هذه إشارة خضراء منه لتدشين مرحلة جديدة تتسم بمعالجة الجروح الغائرة الكثيرة التي ألمّت بنا على مدى السنوات الثمانية الماضية.
الرئيس معصوم دعا الى إعادة بناء القوات المسلحة العراقية على أسس قوية ومهنية، مشدّداً بصواب على أن استقرار الأوضاع الأمنية يعتمد على القوات المسلحة "بوصفها الدرع الحصين لحماية الوطن"، وواضعاً أولوية للحكومة الجديدة بأن تقوم "بدورها في إعادة بناء الجيش على أسس قوية ومهنية تُشعر المواطن العراقي، أينما كان، بأن هذا الجيش قادر على حمايته وحماية ممتلكاته".
هذا كلام مفيد. ومن الجميل أن يبدأ الرئيس الجديد عهده بالسعي لحل واحدة من أكبر معضلات نظامنا الجديد. رئيس الجمهورية يُمكن التعويل عليه في هذا الشأن وفي سائر الشؤون الحيوية، فالدستور يمنحه سلطات وصلاحيات تتساوى تقريباً مع سلطات وصلاحيات الحكومة برئيسها ووزرائها جميعاً، فالسلطة التنفيذية بموجب الدستور تتكون من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، فضلاً عن ان رئيس الجمهورية هو الحارس الساهر "على ضمان الالتزام بالدستور والمحافظة على استقلال العراق وسيادته، ووحدته وسلامة أراضيه"، ويعني هذا انه مسؤول أيضاً عن مراقبة ومتابعة عمل مؤسسات الدولة، وبينها الحكومة والقوات المسلحة، لضمان تأدية مهامها وواجباتها خير اداء. وقد حدد الدستور المهمة الأساس للقوات المسلحة بأن "تدافع عن العراق، ولا تكون أداةً لقمع الشعب العراقي، ولا تتدخل في الشؤون السياسية، ولا دور لها في تداول السلطة". ورئيس الجمهورية بوصفه شريكاً رئيساً في السلطة التنفيذية التي تتبعها القوات المسلحة وحارساً على الدستور، من واجبه أيضاً السعي لضمان تقيّد المؤسسة العسكرية بأحكام الدستور.
في السنوات الثمانية الماضية حدثت غير مرة تجاوزات على الدستور من جانب المؤسسة العسكرية (الجيش والشرطة والأمن)، فقد استخدمها قادتها في قمع الشعب الذي خرج في مظاهرات سلمية في شباط وآذار 2011 في معظم مدن البلاد الرئيسة، وسقط عدد غير قليل من الشهداء والمصابين واعتقلت وأهينت أعداد مماثلة. وتكررت هذه الممارسة في السنوات اللاحقة في الحويجة والفلوجة والرمادي وسواها. وسُجّلت على القوات المسلحة انتهاكات لحقوق الانسان اعترف بها واعتذر عنها نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة.
المؤسسة العسكرية لم تُبنَ على أسس قوية ومهنية، وفي هذا سرّ فشلها في مكافحة الإرهاب وفي حماية حدود البلاد.. في هذا سرّ الفضيحة الكبرى عندما استطاع بضع مئات من الإرهابيين أن يحتلوا في يومين أو ثلاثة وأن يتشبثوا الى اليوم بنحو ثلث مساحة البلاد.
بناء قوات مسلحة على أسس قوية ومهنية يتطلب تغييرات كبيرة في قياداتها وفي أسس تشكيل هذه القوات، فلابدّ من اعتماد معايير الكفاءة والوطنية والنزاهة.. يجب أن تُدرك القوات المسلحة انها خادمة للشعب وليست وصية عليه.. يجب أن تُدرك انها محكومة بالدستور وخاضعة للقانون، وان التجاوز على حريات الناس وحقوقهم الانسانية والعامة وعلى كرامتهم خط أحمر حتى على القائد العام لهذه القوات.
رئيس الجمهورية في وسعه ومن واجبه، استناداً الى الدستور، أن يكون أحد معلمي القوات المسلحة وقياداتها في هذا الخصوص.
الرئيس يستطيع
[post-views]
نشر في: 3 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو احمد
الاستاذ عدنان المحترم اول شئا في المنتسب الى القوات المسلحة او الامنية وبكل اصنافها ان يقدم تعهد بعدم الانتماء لاي حزبا كان وان حزبه الاول والاخير هو العراق والعراق فقط وان يكون يحمل الشهادة الابتدائية على الاقل وان يدخ دورات في داخل المؤسسة المنتسب لها
عبد الرحمن الجبوري
عزيزي ابو احمد لا حاجه للتعهد معظم جيوش العالم لايسمح لها في التصويت في الانتخابات ولو سحب هذا الامتياز من الجيش لاصبح التحزب في خبر كان