مصحح الجريدة هو الوحيد بين زملائه ، يضع يده على قلبه ، ينتابه القلق وتراوده المخاوف قبل ان يضع رأسه على الوسادة ، لأنه على الدوام يعيش هاجس التعرض لعقوبة قطع الراتب او الفصل ، عندما يكون سبباً في خطأ مطبعي غير مقصود ، يتصدر الصفحة ، يعد من وجهة نظر رئيس التحرير والمسؤولين في الجريدة كارثة على مقياس ريختر.
استخدام التقنيات الحديثة في التنضيد والإخراج الفني ، اسهم في مساعدة المصححين في جريدة المدى وفي مقدمتهم شيخهم محمد حنون ، وزميله عبد العباس أمين في رصد الأخطاء ومعالجتها قبل الطبع ، وتحمل أمزجة المحررين وخاصة الشباب وفي مقدمتهم صاحب العمود الثامن علي حسين الحريص على إخفاء تاريخ ولادته ، على الرغم من ان عمله الصحفي بدأ قبل استخدام الاوفسيت في طباعة الصحف العراقية .
الجيل القديم من الصحفيين ، والحق يقال ان الخال علي حسين لم يكن واحدا منهم ، ولكن "شيّاب المدى" مع التحفظ على ذكر الأسماء عاصروا الأساليب القديمة في إنجاز تصميم و طبع جرائد أيام زمان ، وكانوا يشعرون بسعادة غامرة عندما يعلن سكرتير التحرير إنجاز عملية "شد الصفحة " ودفعها الى المطبعة ، وكانت احتمالات الوقوع في أخطاء كارثية حالة طبيعية ، لان أي خلل بعملية الشد ، وتغيير سطر ووضعه في مكان اخر، قد يكون سببا في اندلاع أزمة سياسية ، وذاكرة شيوخنا من الصحفيين تحتفظ بذكريات طريفة ، عندما تسقط الصفحة من يد عامل المطبعة فيعيد ترتيبها بطريقته الخاصة ، فيحصل اضطراب في فقرات الأخبار وتسلسلها فتظهر بشكل مغاير للحقيقة ، رئيس الوزراء يطلب الزواج من الراقصة سامية جمال ووزير النقل يفوز ببطولة الزورخانة ، المطربة أحلام وهبي تترأس الوفد العراقي الى بريطانيا .
وفي يوم صدور الجريدة يتلقى رئيس التحرير اتصالات هاتفية من المسؤولين والجهة المسؤولة عن الرقابة ، لمعرفة الأسباب والدوافع وراء حدوث أخطاء كارثية ، والرجل يحاول التوضيح بحصول خطأ" بشد الصفحة " مع التأكيد على انزال عقوبة بحق عامل المطبعة وشعل صفحة آبائه وأجداده .
اعتماد التقنيات الحديثة في التصميم والتنضيد وتجهيز الصفحات للطبع ، انهى احتمال حصول الأخطاء ، فتخلصت الصحف والعاملون فيها من اضطراب الاخبار،وبات من المستحيل ان تصدر الجريدة وهي تحمل خبر ان الوزير الفلاني توجه الى لندن لإجراء عملية تصغير الأنف وزراعة الشعر ،والنائبة الفلانية بالاشتراك مع زميلها النائب في ائتلافها ستقوم بتمثيل بطولة فيلم تدور أحداثه في بيروت يحكي قصة حب بين الطرفين دامت على مدى دورتين تشريعيتين تكللت أخيرا بالزواج .
في عيد تأسيس المدى، ومن دون استشارة المدير العام غادة العاملي هناك من يحاول استعادة طريقة "شد الصفحة" بنشر شائعات حول منح "العباديات " للعاملين في الجريدة ومعنى المفردة يحتفظ به علي حسين وجاره علاء المفرجي ، وزميله رفعة عبد الرزاق ، ويجهله المحررون الشباب ، ومن المناسب الكشف عن معنى الكلمة وتنفيذها بأسلوب النص ردن.
في عيد الجريدة وبعيدا عن ملابسات "شد الصفحة " ليس من المستحسن ذكر أسماء "شيّاب المدى " فهم اكثر حيوية ونشاطا من الشباب، باعتراف حامد السيد وزملائه، الزيدي مازن ووائل نعمة وغضنفر لعيبي، ، وحسين داود اصحاب"الفيكات" الصحفية الجديدة المدعومة بإسناد مدفعي من سرمد الطائي المقيم في "عالم اخر"، المطل على "شناشيل" عدنان حسين.
"شيّاب " المدى
[post-views]
نشر في: 4 أغسطس, 2014: 09:01 م