TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رئيس الوزراء القادم

رئيس الوزراء القادم

نشر في: 4 أغسطس, 2014: 09:01 م

أي رئيس وزراء نريد؟
بالتأكيد لا يهمّنا أن يكون أسود العينين أو أخضرهما أو أزرقهما أو عسليهما، بأسنان منتظمة كأسنان المشط وناصعة البياض أو متنافرة ومصفرّة من أثر الدخان، بأنف دقيق أو مكوّر أو طويل كمنقار، بشعر مسترسل على الكتفين والصدغين أو يقترب في طوله من "نمرة صفر"، بقامة سامقة كنخلة أو مكتنزة ومكرّشة كبرميل طرشي.
والمؤكد انه لا يعنينا أيضاً إن كان حليق اللحية والشاربين أو طليقهما، بوجه باسم أو كظيم، بسحنة بيضاء أو سمراء أو بين بين، متهندماً ببدلة وقميص أبيض بكمين طويلين وربطة عنق (هذه كانت من النجاسات لدى الإسلاميين، شيعتهم وسنتهم، وصارت الآن من اللوازم والفروض كالمحابس!!!) أو يرتدي الجاكيت السبورت على تي شيرت.
ولن يشغلنا كذلك إن كان رئيس الوزراء القادم صائماً ومصلياً وحاجاً البيت أو لم يكن له الى ذلك سبيل، فما عاد الصوم والصلاة والحج والعمرة عنواناً للتقوى والورع والصدق والنزاهة والشرف، بل إنها في الغالب، وبخاصة لمن يتولى السلطة في بلادنا وسائر بلاد المسلمين، صارت ستاراً للإقبال على الموبقات وممارسة المفاسد من كل نوع وجنس، وفي مقدمها سرقة المال العام والخاص وتزوير الوثائق وهضم حقوق الناس وانتهاك حرماتهم.
إذاً، أي رئيس وزراء نريد؟
نريده متعلماً تعليماً عالياً متخصصاً.. ذا خبرة وكفاءة في السياسة والإدارة.. مهذباً ومتواضعاً.. يحترم كلمته ويلتزم اليمين الدستورية التي يؤديها أمام الشعب ومجلس النواب.. يكون قدوة وأنموذجاً في تطبيق القانون على نفسه وأفراد عائلته.. يحرص على إبعاد أهله وأبناء عشيرته وحزبه عن مكاتبه التي يتعيّن أن يملأها بالمستشارين الخبراء الأكفاء غير الانتهازيين وغير الوصوليين.. مستشارون يشاورهم فيعطونه المشورة الصادقة والصائبة، غير منافقين أو مدلّسين، فيأخذ بمشورتهم ولا يضحك على أصحابها في سرّه.
نريد رئيس وزراء يتحلّى بالروح الرياضية، لا يضيق بالنقد، ولا يسعى لإرهاب معارضيه ونقّاده بالقوة الغاشمة التي بين يديه ولا بالدعاوى القضائية ولا يبتزهم بالملفات... رئيس وزراء ديمقراطياً يحضر هو ووزراؤه الى البرلمان دورياً للمساءلة والمحاسبة.. يبادر من تلقاء نفسه الى الاعتذار عن أخطائه وقصور وزرائه، ولا يتوانى عن الاستقالة إذا ما كرر الخطأ أو ارتكب خطيئة.
قبل هذا كله وبعده، نريده وطنياً غير طائفي وغير عنصري، على مثال رؤساء الوزارات في الهند.
من ذا الذي يتحلى بهذه الشروط والمواصفات والخصائص والمميزات؟
في العراق ثمت العشرات، بل المئات ممن اجتمع فيهم هذا كله.. المؤكد انهم كثيرون، والمؤكد أكثر ان السيد نوري المالكي ليس بينهم البتة، فلقد جرّبناه بدل الولاية الواحدة ولايتين وبدل الأربع سنوات ثماني سنوات، ومن يجرّب المُجرّب عقله مخرّب، كما تقول الحكمة الشعبيّة.
باختصار شديد.. رئيس الوزراء القادم الذي نريده هو نقيض السيد المالكي تماماً... نريده أن يراجع كل ما فعله المالكي لينقضه ويتفاداه، والا فإننا سنُعيد إنتاج كل المساوئ التي شهدناها في عهد السيد المالكي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 7

  1. ابو احمد

    استاذ عدنان جزاك الله كل الخير , وهل هذا موجود ؟ ضمن الوجوه الحالية , والذين كلهم تقريبا هم امراء طوائف ولا يستطيعون الخروج من هذه العباءة لانهم دخلوا الانتخابات تحتها وليس تحت عباءة عراقية شاملة وذات برنامج انتخابي واضح لكل العراقين , ولكن نبقى نأمل لعل

  2. عبدالسلام بەرواری

    عاشت یداک، اخ عدنان. قبل اسبوعین قمت بنشر الخاطرة التالیة في موقعي علی الـ(فیس بوک، و کما تری لسنا بعیدین في الفکر رغم البعد المکاني: ما أشبە الیوم بالبارحة: مصطفی البارزاني: نرید أن نعیش في عراق لا یوجد فیە من یقول :لقد قررنا ... في المنتصف الاول من ستی

  3. عراقي

    أستاذنا العزيز انا إنسان عادي لا افهم بالسياسة وخصوصا سياسة مابعد 2003 لكن بناء على ما موجود من معطيات . التغير ليس الان ربما نحتاج أيضاً عشر سنوات على اقل تقدير وبكل الأحوال لن يحصل اي تغير اذا لم يسبقه انفجار مجتمعي يفتح انسداد الأفق الذي عمل على إيجاد

  4. عطا عباس

    عزيزي عدنان حسين ... انت تكتب متساءلا : أي رئيس وزراء نريد ؟ سؤال حلو ، مثله مثل الأيضاح الجميل الذي ذكرته ... لكني كمواطن عراقي لا يزال للأن يمتلك ملكة التفكير التي لم تخربها بعد جواكيج أزلام دولة القانون و سيبنديتها ، لي شرطي البسيط في رئيس وزراء

  5. الشمري فاروق

    بارك الله بيك هكذا والا فلا....وتقبل تحياتي

  6. ابو اثير

    أستاذنا الفاضل ... هناك نقطة مهمة أعتقد أنك مررت عليها عبور الكرام في المطلوب في شخصية رئيس الوزراء القادم ألا وهي أن لا يكون رئيسا للشيعة ويدير ظهره للسنة ولا يكون رئيسا للعرب ويترك ألأكراد وأن لا ينطق أو يتلفظ بكلمة ... ما نطيها ..لأن الحكم والسلطة مسؤ

  7. عن الافوه

    وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ وَساكِنٌ بَلَغوا الأَمرَ الَّذي كادوا وَإِن تَجَمَّعَ أَقوامٌ ذَوو حَسَبٍ اِصطادَ أَمرَهُمُ بِالرُشدِ مُصطادُ لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ ل

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram