وحدة الشيعة في العراق كذبة كبيرة، ووحدة التحالف الوطني (الشيعي) كذبة أكبر، والذين يرفعون الصوت عالياً بالحديث عن هذه الوحدة إنما يثرثرون بكلام لا معنى له، فهم يعرفون أكثر منّا هذه الحقيقة، لكنهم يتصورون ان بوسعهم تمشية كذبتهم على الناس، فيما هم لا يكذبون الا على أنفسهم ولا يضحكون الا على أنفسهم، بل يتسببون في ضحك الناس عليهم.
شيعة العراق، كما شيعة سائر البلدان، متفرقون شيعاً وأحزاباً، المؤمنون منهم إما متوزعون في تقليدهم بين ما يصل الى عشرة من آيات الله في الأقل، وهؤلاء هم الأقلية، أو انهم لا يقلدون أحداً لأنهم لا يعرفون من الدين الا أبسط شروطه وأعمّ تعاليمه، وهؤلاء هم الأكثرية الساحقة. أما غير المؤمنين وهم في موقع الوسط بين الأقلية المقلّدة لآيات الله والأكثرية غير المقلّدة لأحد، فغير معنيين بشيء، وبخاصة الإسلام السياسي سواء كان شيعياً أو سنياً، الا بقدر كونهم ضحايا للصراع المتفاقم على السلطة والنفوذ والمال بين أحزاب الشيعة نفسها أو بين هذه الأحزاب وأحزاب السنة.
وحدة الشيعة ووحدة التحالف الوطني شعار فحسب معروض للاستهلاك المحلي ولخدمة المصالح الحزبية والشخصية.. قبل الانتخابات الأخيرة، وبعدها أيضاً، كان أكثر رافعي هذا الشعار هم جماعة دولة القانون لأنهم كانوا في شك وقلق من النتائج المحتملة، وواصلوا رفع الشعار حتى يوم انتخاب رئاسة مجلس النواب ثم رئيس الجمهورية، مؤكدين ان التحالف الوطني هو الكتلة الأكبر وان رئاسة الحكومة هي الاستحقاق الدستوري لهذه الكتلة، لكن ما أن انتهت عملية انتخاب رئيس الجمهورية حتى قلبوا ظهر المجن لحلفائهم (الشيعة) فتنكروا للتحالف الوطني وبدأوا معزوفتهم القائلة بان دولة القانون هو الكتلة الأكبر لأن التحالف الوطني لم يسجّل نفسه في الجلسة الاولى لمجلس النواب الجديد.
لنفترض ان هذا صحيح، وهو غير صحيح، أما كان من الأخلاق أن ينبّه دولة القانون حلفاءه (الشيعة) الى ضرورة التسجيل إبقاء وترسيخاً لوحدة الشيعة والتحالف الوطني المزعومة؟ أوليس السكوت عن هذا يمثل خروجاً على الأخلاق لأن دولة القانون قد بيّتَ خدعة ونصب كميناً لحلفائه؟
بعيداً عن الأخلاق، فان إصرار دولة القانون على انه الكتلة البرلمانية الأكبر وعدم رضا أطراف التحالف الوطني عن هذه الخديعة يمثل إعلاناً بخروجه من التحالف الوطني، ما يقتضي من سائر الأطراف لملمة نفسها في كتلة يُمكن لها مع التحالف الكردستاني والوطنية ومتحدون أو حتى لوحدها أن تكون الكتلة الثانية في الترتيب بعد دولة القانون التي ستكلف بتشكيل الحكومة بعد فشل دولة القانون، فحتى اذا كُلّف دولة القانون بالتشكيل فانه لن يفلح في ذلك من دون أطراف التحالف الوطني الأخرى، إذ ليس في وسع دولة القانون مهما فعل أن يشتري 70 مقعداً في البرلمان، وبالتالي فان مهمته ستفشل، وهذا أفضل الخيارات في الواقع لأنه سيؤدي الى تراجع قوة دولة القانون في المستقبل وتشرذمه عندما يفشل في تشكيل الحكومة.
في مرة سابقة كتبت ان كرة تشكيل الحكومة موجودة في ملعب الائتلاف الوطني، شريك دولة القانون في التحالف الوطني. هذه الكرة لم تزل في مكانها، وللتحديد فأنها في الجناح الذي فيه المجلس الاعلى الاسلامي بالذات، وهو الذي سيتحمل المسؤولية عن اتجاهات الأحداث في الايام القريبة القادمة، وليس في وسعه التنصل، ولن ينفع التذرع بوحدة الشيعة ووحدة التحالف الوطني... الكذبة الكبرى.
الكذبة الكبرى
[post-views]
نشر في: 5 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عطا عباس
للمرة الثانية تكتب مشكورا عن ذات الموضوع واتذكر ما قلته من أن الكرة الأن تحديدا في ملعب المجلس والاحرار ... وهذا كلام ذهب ! وكتبت تعليقا لم ينشر ( لا ادري لماذا ! ) قلت فيه مامعناه ، أن التعويل على كليهما ( اي المجلس والاحرار ) لا مفر منه ، لكن الخشية ان
عراقي
لما نعتبرها كذبة كبيرى ؟ لايحق للشعب ان يتهم السياسيين كنايتأ لرجال الدين بالكذب؟ فجميع قادتنا بعد ٢٠٠٣ صناعة المرجعيات الدينية بشقيها السني والشيعي ؟ رجال الدين علاقتهم وثيقة مع الله ، وعلى هذا الأساس راجعوا ملفات ساستنا عند الله ، فزكوهم على الله لنا، ب