بعد ما يقارب الألفي قتيل، وعشرة آلاف جريح، وخسائر تقدر بالمليارات، نتيجة الهجمة الإسرائيلية على قطاع غزة، تواصل تنظيمات الإسلام السياسي بوجهيها السني والشيعي موقفها الذي يؤكد انتهازيتها وتخاذلها، حيث رفضت جماعة الإخوان المسلمين السوريين طلباً من حماس بفتح جبهة في الجولان المحتل، لرفع بعض المعاناة عن "إخوانهم" في غزة، باعتبار أن معركتهم الرئيسية اليوم مع نظام الأسد، بينما يواصل حزب الله التمسك بموقف "اذهب أنت وربك فقاتلا"، وتتغاضى حماس عن موقف إخوانهم في سوريا، لكنها تسأل ما الذي ينتظره الحزب للتحرّك؟ وهل يجب أن تسقط غزة للخروج من دائرة التأييد اللفظي، الذي يتقنه الشيخ حسن نصرالله وإيران، ولماذا لا يهزّ العصا للإسرائيليين؟ وبين يديه مبررات خارج نطاق حرب غزة، كاختطاف أحد الرعاة اللبنانيين من شبعا.
المؤيدون لحزب الله يستبعدون إقدامه على فتح جبهة من جنوب لبنان، باعتبار أن ذلك سيضر بلبنان دون ان يفيد غزة، ويكتفون برسالة الحزب المعنوية إلى المقاومة الفلسطينية في غزة، باعتبارها كافية للتأكيد أن حلف الممانعة يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة ، ويعتبرون أن استراتيجية الحزب تؤكد من خلال قتالها في سوريا، أنها تقف مع القضية الفلسطينية لمواجهة اسرائيل، لكن واقع الأمر أن سيد المقاومة يكتفي بخطابات الإعلان عن الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، وتأييد ودعم مطالب حماس لإنهاء المعركة الحالية، لأن معركة الجرف الصامد، بغض النظر عن عديد الضحايا ستكون نصراً إلهياً آخر يؤكد هزيمة إسرائيل وانتصار المقاومة.
لا يدافع أنصار الإخوان عن موقفهم المتخاذل لأنهم يعتبرون ما تقوم به قطر كافياً، ويرفع عنهم الحرج، لكن المدهش فعلاً أن البعض من محترفي اللعب على الحبال، يستبدلون الموقف المنتظر من حزب الله، بتصريح باهت أطلقه من طهران اللواء سليماني قائد فيلق القدس، أشاد فيه بسلاح المقاومة، ولم يتوانى عن تهديد "القتلة والمرتزقة" وتوعدهم بغضب عميق سينصب جامه على رأس الصهاينة المجرمين في الوقت المناسب، واعتبر هؤلاء "المحللون" دون ذرة من خجل، أن الرسالة الإيرانية أرهبت القيادة الإسرائيلية المرتبكة، مع أننا لم نشهد أثراً لذلك الإرباك، وبدل ذلك مضي الجيش الإسرائيلي في تنفيذ أهدافه، متجاهلاً رسالة سليماني، وخاصة ما تعلق منها بصب جام الغضب على رأس الصهاينة المجرمين في الوقت المناسب.
يشيد مؤيدو طهران وحزب الله بتوقيت رسالة سليماني، التي منعت إسرائيل من إعادة احتلال القطاع كما يزعمون، وهي دعوة مفتوحة يقولون بنفس طائفي شديد الوضوح، إنها تستهدف إعادة جذب القاعدة السنية، غير أن الإسلام السني منشغل بانتصارات داعش، وتفاصيل دولة الخلافة، في حين يناور تنظيم الإخوان على حساب الدم الفلسطيني، لتلميع صورته ومناكفة النظام المصري، استجابة لتوجيهات شيخ الفتنة القرضاوي، والمهم أن رسالة سليماني ستظل تصعيداً لفظياً لا جدوى منه، ولو أن البعض اعتبرها إنذاراً، يؤمل منه تسريع وتيرة الحلول السياسية، وإنهاء الحرب وفتح المعابر.
لا يعمل أحد في كواليس الإسلام السياسي على فكرة تحرير فلسطين، أو حتى دعم إنشاء دولة فلسطينية على الأرض المحتلة عام 67, لكنهم جميعاً يتنافخون أمام كاميرات الفضائيات وهم يدعون الفلسطينيين للموت المجاني، بهدف تحقيق أهداف سلطوية لا علاقة للإسلام بها من قريب أو بعيد، وهم بذلك يؤكدون بؤس أهدافهم ودناءة غاياتهم، وعلى فلسطين وأهلها السلام.
بؤس الإسلام السياسي
[post-views]
نشر في: 5 أغسطس, 2014: 09:01 م