تعتبر كونشرتات براندنبورغ الستة من أشهر أعمال يوهان سيباستيان باخ، ولعلها من أفضل كونشرتات عصر الباروك، ليس من دون سبب، فقد أسماها باخ "كونشرتات لعدد من الأدوات الموسيقية" وكتبها بتوزيع موسيقي غير معهود من قبل. على سبيل المثال يعتبر الباحثون الكونشرت
تعتبر كونشرتات براندنبورغ الستة من أشهر أعمال يوهان سيباستيان باخ، ولعلها من أفضل كونشرتات عصر الباروك، ليس من دون سبب، فقد أسماها باخ "كونشرتات لعدد من الأدوات الموسيقية" وكتبها بتوزيع موسيقي غير معهود من قبل. على سبيل المثال يعتبر الباحثون الكونشرتو الخامس أول كونشرتو في التاريخ تستعمل فيها أداة المفاتيح (الهاربسيكورد) كأداة منفردة وليس كأداة مصاحبة. لكن قصة هذه الكونشرتات مثيرة. تبدأ قصتنا عندما كان باخ يعمل مديرا الموسيقى في خدمة ليوبولد - آنهالت أمير كوتن بين 1717 و1723، حيث حاز اهتمام واحترام الأمير الذي كان نفسه موسيقياً هاوياً وعازفاً على الكمان. ذهب الأمير ذات مرة إلى حمامات كارلسباد الشهيرة مع حاشيته بمعية موسيقييه وعلى رأسهم باخ، يرافقهم ثلاثة خدم نقلوا أداة الجمبالو (الهاربسيكورد)، فقدم باخ وأربعة عازفين من فرقته حفلاً موسيقياً هناك في أيار 1718. اقترب نبيل شاب من باخ أثناء الحفل وكال له المديح: برافو، أحسنت الخ. واستمر هذا الحال طوال الامسية. كان هذا النبيل هو كريستيان لودفيغ مارغراف (ماركيز) براندنبورغ المعروف بثرائه وبرعايته الفنون والموسيقى على وجه خاص. فهم باخ من هذا التشجيع والاطراء الشديدين أن الماركيز قد كلفه بتأليف موسيقى له.
دام تأليف الكونشرتات الستة نحو ثلاثة أعوام، عندما أرسل باخ مدونة الكونشرتات الستة مصحوبة برسالة يذكّر فيها الماركيز بلقائهما في كارلسباد. غير أن كريستيان لودفيغ لم يكلف نفسه عناء الجواب، ويبدو أنه نسي تماماً تلك الامسية والموسيقي اللامع، حتى أن المخطوطة بقيت على حالها دون أن تعزفها فرقته. بعد وفاة الماركيز سنة 1738 بيعت المخطوطة التي لم يمسها أحد باثنين وعشرين قرشاً مع الكثير من الأغراض الزائدة، وانتقلت من مالك لمالك حتى اكتشفها الباحث زيغفريد فلهلم دين سنة 1849 في أرشيف براندنبورغ. ولم تنشر هذه الجواهر إلا سنة 1850، بعد قرن كامل من وفاة باخ، بحيث لم يسمعها أحد منذ تأليفها. ومنذ ذلك الحين أصبحت واحدة من التراث الموسيقي الخالد، ليرتبط اسمها بمقاطعة براندنبورغ الألمانية وعاصمتها بوتسدام الملاصقة لبرلين، وليس بالماركيز الذي لم يسمعها.