كان ينتهي من فترة اللعب مع رفاقه في الساحة التي تتوسط منازلهم وحين تأتي مجموعة اخرى من الاولاد ليلعبوا فيها، كان يطلب منهم مشاركتهم اللعب فيرفضون لأنه اكتفى من اللعب وجاء دورهم كما هو السياق المتبع في منطقة سكناهم ..لم يكن يقتنع برفضهم فيصر ويعترضون وحين يعجز عن اقناعهم، كان يجلس في وسط الساحة متربعا مطلقا مقولته الشهيرة (لو ألعب لو اخربط الملعب)...!
من هذا المنطلق، مازال رئيس الوزراء المنتهية ولايته يصر على اللعب مع المجموعة الجديدة من رفاق اللعب حتى بعد ان لعب لثمانية سنين كاملة بالبيضة والحجر ولم يدخر وسعا في ممارسة كل أنواع الألعاب المشروعة منها والبهلوانية ليستمتع بالكرسي وصلاحياته لأبعد حد ممكن.. مازال يصر على ان يلعب او يخربط الملعب، ومن هنا طالت فترة ولادة الحكومة ودخلت في مرحلة مخاض عسير لا يعرف أحد ان كانت جلسة اليوم ستضع حدا له يرضي جميع الأطراف وأولها الشعب المنكوب.
ولأن السياسة هي فن الإقناع بالكذب والخداع احيانا فقد عمد اللاعب الاكبر الى استخدام كل الوسائل التي تبقيه في ساحة اللعب من اقناع والتفاف على القانون والدستور، وبعد ان اختطف الولاية الثانية اختطافا من صاحب أغلبية الاصوات قبل اربع سنوات عملا بمبدأ ( الكتلة الاكبر ) التي ولدت من خلال التحالفات مع الكتل الاخرى ، يأتي اليوم ليرفض نفس المبدأ ويطلق نواب قائمته ليصرحوا في كل مكان بأحقية دولة القانون فقط في تقديم مرشح لرئاسة الوزراء كونها الاكثر اصواتا في الانتخابات وان يكون مرشحها المالكي دون غيره كونه الحاصل على اكثر الاصوات ..
المشكلة ان تشكيل الحكومة الذي ربما لن يتم اليوم وقد يمتد الى اسابيع واشهر، يمثل للبعض ضوءا في نهاية النفق خاصة وان السائرين في نفق مظلم من العراقيين حاليا ليس لهم عدد، فمن نازحين تركوا حياتهم ومصادر رزقهم وذكرياتهم في مناطقهم المنكوبة دون ان يتكهنوا بموعد وكيفية العودة اليها، الى آخرين هدهم التعب من الجري كالوحوش لتحصيل لقمة عيشهم وسط المخاوف واحتمال الموت في اية لحظة ، وقد يسير خلفهم خريجون ركنوا شهاداتهم على الرفوف وطلبة لا يعرفون ما يخبئ لهم المستقبل وشباب عاطلون عن العمل وأسر تحلم بمنازل تحميها من اسعار الايجار اللاهبة ومرضى لا يملكون ثمن العلاج وأيتام بلا معيل ونساء وضعتهن الظروف العامة في خانات الترمل او الطلاق او العنوسة ...في المقابل ، تطول حبال الساسة وتمتد وتطول فترة المخاض وتزداد عسرا ..أما السائرون في النفق المظلم من الذين ينتظرون تشكيل الحكومة فيخشون البوح بحقيقة خوفهم من أن يكون الوليد مشوها بعد كل تلك المعاناة وبذلك سينطفئ أملهم ويعود اللاعب الوحيد للتربع في الساحة مطالبا الجميع بان يلعب او ( يخربط الملعب ) !
لو ألعب.. لو "أخربط الملعب"!
[post-views]
نشر في: 8 أغسطس, 2014: 09:01 م