تعود لصدام حسين "صناعة" تحويل الهزائم إلى انتصارات، والمآتم الجماعية إلى أفراح وأعراس في زمن حروبه الداخلية والخارجية. يومها وهو في بداية الصعود في سلّم "السيد النائب" تطلعاً إلى اغتصابٍ كاملٍ للسلطة في حزب البعث والدولة العراقية، قال في اجتماع سياسي
تعود لصدام حسين "صناعة" تحويل الهزائم إلى انتصارات، والمآتم الجماعية إلى أفراح وأعراس في زمن حروبه الداخلية والخارجية. يومها وهو في بداية الصعود في سلّم "السيد النائب" تطلعاً إلى اغتصابٍ كاملٍ للسلطة في حزب البعث والدولة العراقية، قال في اجتماع سياسي مع حلفائه في الجبهة "سنترك العراق أرضاً بلا شعب، اذا شعرنا بأن الثورة وقيادتها تتعرض الى الخطر". وتابع قائلاً "ان صعيد مصر كفيل بتعويض العراق بما يحتاجه من سكان"!
والمعروف ان الدكتاتور السابق كان يعني نفسه، حين يتحدث عن الثورة وسلامة قيادة الثورة. وقد ترك العراق بعد رحيله جحيماً مستعراً حتى الآن، وتصفية العراقيين لم تتوقف مذ ذاك والى حين.
ما تحقق خلال سنوات تحت حكم فريق البكر صدام، ليس بمعزل عن الطفرة النفطية غير المسبوقة، وبارتباط مشبوهٍ لإعادة الاعتبار للبعث الملطّخ بدماء عشرات الاف العراقيات والعراقيين في ٨ شباط ١٩٦٣، جرى تدميره وتصفيته مع ما تحقق في زمن العهد الملكي وحكم الزعيم عبد الكريم قاسم، في مغامراته والازمات المتصلة التي اثارها داخلياً، وعمل على تصديرها خارجياً، وخطط لاستمرار عواقبها حتى بعد رحيله.
كل ذلك مفهوم عن سلوك دكتاتور قفز الى السلطة بانقلاب عسكري تآمري. ولكن ما الذي يجعل من السيد نوري المالكي متجبراً الى حد التحدي الفاضح، لكي يتوعدنا هو الآخر بالجحيم اذا لم يكلّف بولاية ثالثة، هي كما يزعم حقٌ شرعي له، فوضه بها ناخبوه الذين منحوه اصواتاً يدور حولها اكثر من تساؤل؟ ولكن حتى اذا افترضنا صحة الأرقام التي حصل عليها في الانتخابات، وهذا افتراضٌ يفتقر الى "دليلٍ شرعي"، أليس من المنطقي الاشارة الى انها تحققت قبل زلزال ١٠ حزيران، واستيلاء داعش على ثلث الأراضي العراقية، وأسر سكانها، وتهجير مئات الآلاف من المسيحيين والشيعة والإيزيديين وطائفة مخالفة من المكون السني؟
ولنتجاوز هذه الحقيقة المرة ونبتلع مرارتها، ونقبل بما تسببه من تسمم أبداننا، ونسأل المالكي وفريقه، عمّا فعله وانجزه خلال ولايتين متصلتين في أي حقلٍ من حقول السياسة والاقتصاد والامن والخدمات والثقافة والبناء والإعمار؟ على ماذا يستند ابو احمد المالكي وهو يتعالى علينا كل اربعاء اسود "سوّد الله وجه من اعانه على ذلك" في حديثه المتلفز، ليؤكد حقه في الولاية الثالثة، والادّعاء بأن سلامة العراق و"مواصلة استكمال إنجازاته" تفرض ذلك!
يقول مناصروه في مجالسهم الخربة، ان اردوغان لا يكتفي بولايات عدة، بل يعيد انتاج صيغة بوتين في التنقل بين الرئاستين، في عملية الاستمرار على رأس السلطة بتغطية دستورية. وليت ما تحقق في تركيا على سيئاته، تحقق ولو بجزء ضئيل منه في بلادنا، بل ليت المالكي استطاع خلال ولايتيه ان يحافظ "مجرد حفاظ"، على ما تحقق من مكاسب محدودة قبل توليه، سواء على صعيد تراجع الارهاب، او قدر من التوافق بين القوى، او ظهور بوادر جنينية للتنمية، وغير ذلك من فتات موائد سياسة المحاصصة.
للتذكير فقط نورد ابرز منجزات السيد المالكي، لعل في ذكرها شفاعة له بولاية ثالثة ميمونة:
اقصاء الدستور وتحويله إلى مجرد "كتيبٍ" يستخدمه الحاكم وفقاً لمصالحه. واستبداله بالقرارات الكيفية والتدابير والتشريعات المناقضة كلياً للدستور.
تفكيك هياكل الدولة المتداعية وتصديعها، وتحويلها الى شبه دولة فاشلة، واقامة خرائب ظلٍ ترتبط بمكتب رئيس مجلس الوزراء، تعمل بانتظام لإلغاء ما تبقى من هياكل متآكلة ليتمكن وفريقه من استكمال اغتصاب السلطة بالكامل.
إشاعة الفساد وتحويله الى سياسة رسمية للدولة، وإباحة نهب ممتلكاتها وسرقة الاموال السائلة، وخلق طبقة من المرتزقة الموالين بفعل توزيع العقود والصفقات، وافساد الضمير العام.
تمزيق وحدة نسيج المجتمع العراقي، بعد ان كانت "الروافة" قد أصلحت ما تمزق منها، وعودة الاستهداف على الهوية.
تشتيت وتفريق قوى العملية السياسية، وتشظيتها وانتهاك كل المحرمات التي من شأنها تكريس الانقسام في الصف الوطني، ووضع المكونات العراقية في مواجهة بعضها البعض، وإعادة انعاش النشاط الميليشياوي في الجبهات المتقابلة وتوسيع حواضن الإرهاب التكفيري لاستباحة دماء العراقيين.
تبديد الأموال المخصصة للخدمات والبنى التحتية، وتراجع كل اوجه الضروريات الحياتية للعراقيين، وانتشار مظاهر الفقر والفاقة والبطالة، وتفاقم معدلات ما دون خط الفقر والجوع الى مستوى جعلت من العراق نموذجاً للدولة الفاسدة والفاشلة.
جعل الموت بالمفخخات والتفجيرات بأحزمة الانتحار والموت المجاني، طقساً يومياً، ومواكب الجنائز منظراً مألوفاً وهي تسير الى مدن المقابر، وملاذات الموتى بالاولياء والائمة.
تحويل السجون والمعتقلات الى مراتع لتأهيل القتلة ورؤوس الارهاب، واعادة ضخ المئات، بل الالاف منهم الى صفوف داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى، عبر مسلسل الهروب الجماعي دون توقف.
تمكين الإرهاب وداعش للتحول الى قوة مواجهة مع الدولة وقواتها المسلحة والامنية، واحتلال ثلث الارض العراقية، وتأمين تسليحها بكل ما لدى ستة فرق من الجيش العراقي وقوى الشرطة والأجهزة الأمنية من اعتدة واسلحة متطورة، ووضع ما يقرب من مليار دولار سائل تحت تصرفها لتعبث بالعراق وسيادته وتقيم لها صرح دولة الخلافة وتمددها في كل اتجاه.
تمزيق وحدة البيت الشيعي، وتحويل قواه الى موضع مساءلة لما يجري من انتهاك وتجاوز، وما يتعرض له العراق من خراب ودمار وتهديد بالانتحار السياسي!
ألهذا، وهو بعض من كلٍ خربٍ وفاسدٍ، يتطاول المالكي على شعبنا، مطالباً بولاية شرعية ثالثة، أو انتظار الجحيم..؟
وأي جحيم بعد هذا الذي يجري في كل أنحاء العراق، يا مشعل الحرائق والفتن والأزمات..؟!
جميع التعليقات 6
صادق هادي
صدام وصل الى بانقلاب وحديد ونار ولم يقل يوماً انه وصل بالديمقراطية وكل سنة كان يخرج علينا بالتلفاز ليسرد لنا قصة وصولهم للسلطة ويقول امام الجميع انه اخذها بدمه , اما المالكي جاء بعد ان رشحه الائتلاف العراقي الموحد ولم يكن احد يعرفه، ولكنه طلع اشطر من الل
الشمري فاروق
ايها...... العزيز.......!! اما !!!!!! ان....لسكوتك...... هذا ....ان!!!! ينتهي؟؟؟؟؟؟؟؟ فقدبلغ السيل الزبى ولم يبقىفي القوس منزع
ازاد شواني
كلنا سمعنا ما قاله الدكتاتور حينها ولاكن فعليا نفذ وصية المقبور الاحمق مالكي بكل امانة.
فرزدق الحداد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ان الكره او التقاطع مع شخص ما ليس مبررا لتزوير الحقائق. مع التقدير
نصير الخفي
وأن كنت يوما بثثت ما في صدري نحوك من مساعدته .. الا ان وجهك وضاح بما تصديت له خلال السنوات الاخيرة من تحليل والتزام موقف جهة شعبك ايها النبيل ابو نبيل ( بس ارجع اتسال شلون غشك ؟؟ ) تحياتي
مواطن
عاشت الأيادي..