اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا لا يرحل؟

لماذا لا يرحل؟

نشر في: 10 أغسطس, 2014: 09:01 م

على صفحات الفيسبوك وتويتر انطلقت حملة شعارها ارحل، تطالب بالتغيير وبمعالجة الفشل السياسي والأمني، فيما المواطن العراقي المغلوب على أمره لايزال ينتظر مسرحية "الساعات المقبلة" التي اصبحت لازمة تتردد على لسان معظم السياسيين.. في الوقت الذي يرفض السيد نوري المالكي ان يحمل لقب رئيس وزراء سابق او اسبق، لا مجال للضحك على الناس بشعارات التداول السلمي للسلطة، فنحن في ظل عصر "من الكرسي الى القبر"..و وسط هذا وذاك تقف كتيبة المدافعين عن الولاية الثالثة وهم يحذرون العراقيين من أن البلاد ستمر بظرف عصيب، لو أن المواطنين أصروا على التغيير أو إصلاح البلاد. وان الكوارث تنتظرنا على عتبات الأبواب لو أن المالكي تخلى عنا، وحين تقول لهم ان الناس تدفع أثمانا باهظة لدولة خربة... دولة من العصور الوسطى. ماركة مسجلة للكذب والانتهازية والفشل.
كل يوم يخرج علينا المالكي ليحدثنا عن الأعداء الذين يملأون مؤسسات الدولة، وعن الخونة الذين يستقوون بالأحزاب، وعن الساسة الذين يخونون الوطن، ونشاهده يباشر باستدعاء روح محرر البلاد من قبضة "المليشيات" وباني اُسس الدولة المدنية والمدافع عن سلطة القانون.
رئيس مجلس وزراء يعرف كل شيء، هذه رسالة المالكي التي يريد ان يبلغها إلى جمهور اصبح يشكك في قدرات صاحب السلطة، ويراه عاجزاً عن مواجهة عصابات القاعدة والارهابيين ، ولهذا لابد ان يؤكد مع كل فقرة "لا مكان للإرهاب في العراق" ليتحول الخطاب الى مجرد شعارات، حين تصحو الناس كل يوم على كوابيس القتل والتفجيرات والتهجير القسري.
الناس عاشت السنوات الأخيرة في ظل ما يسمى بدولة القانون فماذا وجدت؟ دولة تضيع فيها الحقوق. دولة يحمى فيها القتلة. دولة تصنع حربا وهمية، دولة العدل فيها غائب ومنبوذ. دولة تحشد كل إمكانياتها من أجل مؤتمر عشائري. دولة تضع قواتها الامنية في قهر المواطن لافي حمايته.. دولة تنظر لمواطنيها على انهم أرقام انتخابية.
قبل مدة كتبت وفي هذا المكان عن صورة المواطن الكوري الجنوبي الذي صفع رئيس وزراء بلاده متهما إياه بالتقصير في حادث غرق عبارة راح ضحيته 180 شخصاً.. أتمنى ان تدقق في الرقم جيدا 180 فقط لا مئة الف ولا مئتين ولا ملايين من المهجرين، 180 فقط كانت سببا في استقالة رئيس وزراء "منتخب" وتحميل حزبه مسؤولية سياسية واخلاقية عن هذا الحادث.. وعليك ان تعرف عزيزي القارئ ان رئيس الوزراء لم يتول وزارة النقل، لكنه تحمل المسؤولية كاملة.. وقف رئيس وزراء كوريا يذرف الدموع ويعتذر ، فيما تخلى مسؤولونا عن إنقاذ مواطنين تحولت بيوتهم إلى مقابر جماعية.
يرفض القائد العام للقوات المسلحة ان يراه الناس في لحظة ضعف بشري.. فكيف نطلب من مسؤول منزه عن الخطأ والخطايا ، ان يتلقى تأنيبا من مواطن فجع بابنه او من ام فقدت اعز ما تملك، فما بالك اذا تجرأ المواطن -أتمنى ان لا تتوهم بانني اقصد ان يصفع مواطن عراقي رئيس الوزراء او وزير الدفاع- لو فكر ان يصفع شرطيا او جنديا اهمل في واجبه، سيحاكم حتما بتهمة 4 إرهاب وسيخرج الناطق باسم الداخلية ليعلن على الملأ ان المواطن "المبتلى" عضو بمنظمة إرهابية تمول من تركيا وقطر والسعودية والأردن وموزنبيق.
في السنوات الثلاثين الأخيرة انتقلت كوريا الجنوبية بفضل إخلاص حكامها إلى التفوق الصناعي والتجاري، ودخلت قائمة الدول الغنية، فيما بلاد خطيب الأمة ومختار العصر ومحرر القدس تزداد تقدما في سجلات البؤس والتخلف والدماء والانتهازية والتزوير والشعارات الكاذبة.
اعود معكم الى المشهد الذي كتبت عنه فيما مضى، مشهد استقالة ديغول ومنع تشرشل من الترشح وصفع رئيس وزراء كوريا، واعتذار ملك إسبانيا، وانتحار وزراء في اليابان، واستقالة مارغريت تاتشر، ودموع الرئيس الألماني.. وتمعنوا في صورة رئيس وزرائنا التي حملها متظاهرو "البيعة" قبل يومين، واسألوا اين نحن بعد أعوام من الكلام عن الرفاهية والسيادة والمستقبل المشرق، وحكومات الشراكة، والمحاصصة اللطيفة، وسيادة القانون.
انسوا.. فنحن مشغولون بتحرير القدس.. فقد اكتشف دعاة الولاية الثالثة ان الموصل ليست عراقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو اثير

    سيدي الكريم ... حرام المقارنة بين شخصيات تاريخية قلما تولدها الشعوب مع شخصيات الصدفة السطحية وساسة الزمن الرديء الذين لا يخجلون ولا يستحون عندما يذبح الألاف من الشعب الآمن في أنحاء متعددة من الوطن وهم يجتمعون كل يوم في أحدى الفلل والقصور التي خلفها لهم ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram