TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السلطان أردوغان

السلطان أردوغان

نشر في: 11 أغسطس, 2014: 09:01 م

للمرة الأولى في تاريخهم، انتخب الأتراك رئيسهم مباشرة، فاز أردوغان بأغلبية الأصوات، ليؤكد أنه عصي على الهزيمة، التي لم يذق طعمها منذ انخراطه في العمل السياسي، وليكون رئيساً كامل الدسم بصلاحيات موسعة، بعد تعديله للدستور كما وعد، استفاد خارجياً من حرب غزة التي منحته دعماً آخر بسبب مهاجمته لإسرائيل، وهو بارتدائه الكوفية الفلسطينية، وخطاباته الرنانة ضدّ أعداء تركيا، كان يغطي فشل سياسته الخارجية، التي أبعدت تركيا عن مراكز التأثير في الشرق الأوسط، وسببت أزمة في علاقاتها مع الرياض وبغداد والقاهرة، وزادت حدّة التوتر مع واشنطن.
انتخب الأتراك رئيسهم الجديد، ليترسخ استمرار أردوغان في قيادة البلاد لخمس سنوات أخرى على الأقل، رغم تحذيرات خصومه من نزعته الاستبدادية، وقبل أن يُعلن فوزه رسمياً، قال إن الشعب يتخذ اليوم قراراً بالغ الأهمية بالنسبة للديموقراطية التركية، وكرر رغبته في الاحتفاظ بمقاليد الحكم، من خلال التشديد على أن الرئيس المنتخب والحكومة المنتخبة سيعملان يداً بيد، لكن ذلك لم يمنع تزايد الانتقادات الحادة لتفرده في السلطة، مع أنه سيحتل في كتب التاريخ منزلة، موازية لموقع الجمهورية التركية العلمانية مصطفى كمال أتاتورك، كواحد من القادة الأكثر نفوذاّ وتأثيراً في البلاد.
 بات مؤكداً اليوم، أن أردوغان الذي يقود مع حزبه المنبثق عن التيار الإسلامي البلاد، منذ أكثر من عشر سنوات، سيتمكن من البقاء في الرئاسة لولايتين رئاسيتين، مدة كل منهما خمس سنوات، وهو الرجل الذي عمل على نقل بلاده من علمانية أتاتورك إلى الإسلام بطبعة جديدة، يرضى عنها الغرب، لدمجها بين تعاليم الإسلام وحياة اجتماعية واقتصادية متقدمة، تتجه إلى آفاق جديدة، لم يكن محتاجاً لكرسي الرئاسة، إلا لتأكيد سلطته المطلقة، واليوم ستنطلق معركة جديدة، للرجل المعتاد على الانتصارات، فهو سيُعدّل النظام إلى رئاسي، حيث يبدأ كتابة تاريخ جديد لتركيا.
 ثمة العديد من الأسئلة، تنتظر من فترة أردوغان الرئاسية الجواب، وتتعلق باستعادة الوحد الوطنية، وحل المعضلة الكردية سلمياً، وعلى أساس تلبية مطالب "أتراك الجبل" في الاعتراف بقوميتهم، والأكثر أهمية تجنيب تركيا مخاطر التطرف الإسلامي المنفلت من كل عقال، وكذلك استعادة الدور التركي في المنطقة، بعيداً عن التوتر مع أكثر من طرف فيه، وكيف ستكون علاقة أردوغان مع الغرب، حيث يسعى لأن تظل بلاده بوابة أوروبا الاقتصادية والأمنية، اعتماداً على موقعها الجيوسياسي، الشديد الأهمية عند واشنطن في سياساتها تجاه أوروبا.
يستهل سلطان تركيا فترته الرئاسية بالدعوة إلى الوحدة، وبدء مرحلة جديدة في بلد شهد الكثير من الانقسامات في عهد حكم حزبه، ودعا إلى تخطي خلافات الماضي، منادياً بمصالحة اجتماعية جديدة بين مواطنيه، واحتجاجاً على اتهامه بالتسلط، قال إنه سيكون رئيساً لكل الأتراك، وليس فقط الذين منحوه أصواتهم، وعلى طريقة السلاطين العثمانيين قبل اعتلائهم عرش السلطنة، توجه أردوغان إلى المسجد لأداء الصلاة الشكر، وهو يعتمد على تأييد غالبية شعبه المتدينة والمحافظة، التي استفادت كثيراً من النمو الاقتصادي في عهده، لكنه يدرك تماماً أن الصعوبة الرئيسة التي تواجهه، ليست في الفوز بالرئاسة وإنما فيما سيليها، حيث يتوقف مستقبله السياسي إلى حد كبير، على الطريقة التي سيتمكن بها من المحافظة على سلطته، في حزب العدالة والتنمية.
تركيا اليوم تحت سيطرة رجل يساوي بين الشيوعيين واليهود، باعتبارهم مصدر الشر، لكنه يواصل علاقات بلاده مع إسرائيل رغم تسميته الصهيونية بأنها جريمة ضدّ الإنسانية، والمؤسف أنه سيُجيّر سلطته لمصلحة الإسلام السياسي الذي يعبث بالمنطقة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. يحفظو الموريتاني

    اظلمت الرجل وكانك موقفك منه. ،،تعصبا،، لا اكثر واعترفت مكرها بانجازاته ويبدو ان موقفك منه بسبب سوريا ....الاسلام السياسي هو من يقود المقاومة في الجهاد في غز فحماس ابنة الاخوان وعضو الاصابع اذا!!!

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram