أشار إليه بعض الأشخاص فتوقف ليقلهم ويبدو انه خرق القانون وتجاوز كل الخطوط الحمراء للنظام حين توقف على بعد عشرة امتار تقريبا من المكان المخصص لوقوف مركبات الكيا ...وقتها ، قامت الدنيا ولم تقعد فقد صرخ به رجل المرور ان يتوقف بعد ان حمل الركاب وهم بالسير ، وانتبه رجل الحرس في نقطة التفتيش القريبة فانضم الى رجل المرور ووقف الاثنان امام الشاب خائب الحظ ليطلب منه رجل المرور سنوية المركبة في بادئ الأمر ..اعتذر السائق بلهجة متوسلة قائلا : " ليست سيارتي ..انا سائق فيها بالاجرة وسيحاسبني صاحبها .." فزاد ذلك من نبرة العصبية في كلام رجل المرور وبدأ بإلقاء محاضرة حول النظام والقانون ثم صرخ بالشاب طالبا السنوية فاضطر الى اعطائها له لكنه عاد ليتوسل به قائلا انه يعيل اسرة ولابد ان يعود لهم باجره اليومي وسيفقد عمله بسبب ما حدث ..قال لرجل المرور انه يعترف بمخالفته للقانون ويمكنه ان يدفع غرامة له مقابل اعادة السنوية لكن رجل المرور ( النزيه ) اعتبرها رشوة وبدا يصول ويجول بخطبه الرنانة مطالبا بإنزال اقصى العقوبة بالشاب المسكين ليلقي الكرة في ملعب رجل الحرس الذي تلذذ كثيرا باعتباره سلطة فاقدم مباشرة على انزال الشاب من مركبته عنوة وصفعه امام الركاب مطالبا اياه بإبراز هويته المدنية ، وبعد ان اطلع عليها نظر للشاب نظرة ذات معنى واحتفظ بها ..هنا ، جن جنون الشاب وبدا يتوسل به لاستعادة هويته خشية توريطه في قضية اكبر من مجرد الوقوف في مكان ممنوع ..ودون ان يتحكم بعواطفه ، انهالت الدموع من عينيه وهو يقول للاثنين : " انا مجرد سائق كيا ..لست مجرما " ..هنا ، سعى الركاب وخاصة النساء الى التوسل برجلي السلطة وأمسكت احدى العجائز بتلابيبهما وهي تصرخ : " لخاطر امكما العجوز ..دعوا الشاب وشأنه " ..
المهم ان القضية انتهت برضوخ رجلي السلطة امام مطالب الجماهير بعد ان استمتعا كثيرا بتوسلات الجميع بهما فالقيا بالسنوية والهوية على الارض ليتلقفهما السائق بألم وذل لامثيل لهما ...
اذكر انني رأيت رتلا عسكريا ذات مرة في سوق منطقتنا فتوقعت انها محاولة للقبض على ارهابي او تفكيك عبوة لكني اكتشفت ان الضابط كان يشتري من الصائغ هدية ذهبية لزوجته او غيرها واطال المساومة على السعر بينما توقفت المركبات في الشارع بانتظار تحرك الرتل واختل توازن السوق كله بسبب سلوك الضابط ..وقتها لم يجرؤ احد على محاسبة السلطة على استغلال المواطن لأننا اعتدنا ان نفهم السلطة على انها قوة غاشمة يمكن ان ترمينا وراء الشمس فبات الخوف منها يحكمنا وصار رجالها للأسف يتلذذون بخوفنا فيمعنون في اذلال المواطن ليعلو شأن السلطة ..
بعد كل ما مر علينا من سلطات غاشمة ، صار كل منا يحمل في رأسه شرطيا يتجسس على افعاله لأنه ان لم يفعل فيمكن ان تتهمه السلطة بانتهاك القانون حتى لو كان يسير في ركبه ،وأذن ..كتب علينا ان نطأطئ رؤوسنا امام العواصف وألا تعلو رؤوسنا الا على حبال المشانق ...
دموع سائق الكيا
[post-views]
نشر في: 11 أغسطس, 2014: 09:01 م