TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انهيار "دولة القانون"

انهيار "دولة القانون"

نشر في: 11 أغسطس, 2014: 09:01 م

ما حصل ظهيرة الاثنين لم يكن مجرد صفقة سياسية لتكليف العبادي بتشكيل الحكومة، بل كان اولاً من اكثر المواقف المسؤولة التي اتخذتها ثلة من الساسة من مختلف الاطراف، حين مارست هذا الاجراء الدستوري "تحت التهديد المباشر".
وما حصل، لم يكن له ان يحصل بهذه السرعة، وبتنازلات اللحظة الاخيرة، الا حين استوعبت القوى العراقية المطالبة بالاصلاح، انها امام اختبار تاريخي، يطالبها بالاجابة على تساؤل: هل يمكن ان يظهر فصيل سياسي ليلغي ارادة البرلمان باستخدام جيش الوطن، ضد الحياة الدستورية؟
وقد صار في وسعنا الان، ان نقول بلغة اوثق، ان الاداء السياسي للاحزاب ينضج ويتطور، ويعثر على اجابات اعمق لهذه التساؤلات. فاللحظة التي مرت في مكتب الرئيس معصوم امس نقلتنا بين مناخين وتصورين. الاول كان يفترض ان في وسع السلطان وتهديداته، ان يضغط على معصوم، ومن باب اولى على سليم الجبوري رئيس البرلمان، وان السياسة في العراق مجرد تهديد وشراء ذمم وأنانيات وعصبيات قومية وطائفية. وهكذا فهم المالكي مخطئاً، السياسة. والى اسوأ نهاية لحياته السياسية وصل، بسبب هذه المقاربة.
اما ما حصل في مكتب معصوم، فقدم لنا دليلا اضافيا على ان في وسع الطبقة السياسية، رغم كل اخطائها، ان تنقل طريقة العمل الى فضاء ارحب، فقد قدمت اداء انطوى على التحدي، لا لمسلحي المالكي فقط، بل لإرادات عديدة خارج الحدود كذلك، وصرنا الان امام فرصة كبيرة لبناء الثقة، اتاحت للاحزاب الرئيسية ان يواجهوا الخطر ويتقدموا نحو مرحلة تطبيق الاصلاح السياسي، كفرصة اخيرة لانقاذ العراق.
لقد انهار ائتلاف دولة القانون، لانه بني على مشروع بلا مضمون سوى الطموح الشخصي غير المشروع. وقد كنا نتحدث طوال اسابيع عن ممكنات هذا الانهيار، وظل البعض يسخرون منا. وصرنا الان امام كتلة شيعية من ١٣٠ نائبا، ستتسع وتكبر حين يلتحق الاخرون. وهذه كتلة تجمع المؤمنين بضرورة الاصلاح السياسي، والتي رفضت المالكي على اساس انه غير مؤمن بالاصلاح.
المالكي يقول ان دولة القانون مسجلة في الجلسة الاولى للبرلمان، ولا يريد ان يصدق ان كتلته انهارت، وانشق عنها عشرات النواب، وان ظرف البلاد لا يسمح بالمزيد من التحايل المؤسف الذي لجأ اليه المالكي ومهدي الحافظ وبعض المحسوبين على السياسة والقانون.
لقد انهارت كتلة المالكي حين قرر ان يتمادى ويحرك الجيوش، ويصف رئيس الجمهورية وباقي المعارضين بما فيهم المرجعية الدينية، بأنهم "دواعش السياسة"، وقد انهارت كتلة المالكي يوم كان يسخر من آراء شركائه، ويتمسك بعناد قاد البلاد من اربيل الى البصرة، الى وضع لا تحسد عليه، وتركنا ضعفاء يسخر منا "الخليفة".
المالكي وحيد ومعزول، وقد وقف وحده دون تأييد تقريباً، من اي قيادي بارز في حزبه او كتلته، ينادي بالشرعية، التي انتهكها هو كنهج بلا اي شعور مسؤول.
النقطتان الاساسيتان الان، ان المجتمع الدولي وقف الى جانب العراق في حماية الحياة الدستورية، وتبديد الطموح الشخصي للمالكي. وعلى هذا المسار ان يتواصل. وليس المالكي اول زعيم يتخيل انه القادر الوحيد والشرعي الوحيد، طامعاً بإحراق التجربة والاستيلاء عليها.ونهاية هذا الطموح معروفة.
والنقطة الثانية هي مسؤولية الاطراف الوطنية في بناء فريق سياسي ماهر، يسارع الى ايقاف الكارثة الوطنية، وها هي أوراق الاصلاح السياسي متاحة، كتبها الجميع واضافوا اليها منذ اتفاقية اربيل ٢٠١٠، ودعمها العمل المنسق الجماعي في البرلمان السابق، بين كتل الحكيم والصدر وبارزاني والعراقية، وهو اداء اثبت لنا مرارا ان في وسع نواب البصرة والموصل، ان يعثروا على مشتركاتهم العظيمة، رغم بعد شقة الخلافات والمسافات، وان في وسع اربيل والنجف ان يصوغا تسويات الانقاذ.
ما حصل في مكتب الرئيس، اثبات جديد لوجود فرصة تصحيح. وما يفعله المالكي مجرد استمرار لنهجه الذي لا يسمع نصحاً، ولا يقلق من عاقبة.
حمى الله بغداد والعراق بأسره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. باسل الخفاجي

    كنت أُسمي الفريق المكون من { علي وعدنان وهاشم ووسرمد} بالقَزّامة } وهم السجناء الذين يمسكون بأداة القزمة لتهديم حجر جبل عظيم وتبدو جهودهم كمصارعة زورق صغير في لج بحر متلاطم .. ولكن ياإلهي : هاهي الصخرة العظيمة تنفلق وتسقط متهاوية نحو الوادي السحيق ..يالها

  2. حيدر عزيز

    لقد مرت حقبة مظلمة مظلمة جدا تراسها ..... ليس هذا فحسب بل كان بطلها الملهم والقائد الضرورة والقائد القوي لشعب موحد كما يدعون الا انه شعب مهدود الحيل مقيد الارادة ولقد كنا نقول لمن اطلقوا عليه تلك التسميات ان الامور واضحة كوضوح الشمس....ولقد اثبتت الايام ك

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram