من يصدقني لو قلت بأن قلبي اليوم ووجداني خاليان من أي شماتة تجاه المالكي؟ أنا الذي كتبت المئات من الأعمدة منتقدا أداء الرجل شعرت بشفقة غير مسبوقة نحوه وأنا أتابعه في خطابيه الأخيرين. وجهه الذي بدا شاحبا،وكلماته التي تلعثم في بعضها وتعثر لسانه عند أخرى، جعلاني أخاطبه من عميق قلبي أن ارحم نفسك في هذه اللحظات التي أبقاها لك الوقت فرصة أخيرة لتخرج متماسكا. يا إلهي انه مثل كل عشاق الكرسي الذين يواجهون اللحظات الأخيرة لفراقه.
وإن كان جميعهم يتشابهون تقريبا في ما يصابون به عند لحظات الوداع إلا انهم قد يختلفون في خلق الحجج والأعذار. مشكلة صاحبنا انه مازال لا يفرق بين وجهة النظر أو الرأي وإصدار الأحكام. ما زال، وهو في هذا الوضع الذي يكسر قلب الكافر عليه كما يقولون أهلنا، ينصّب نفسه قاضيا ويصدر أحكاما غيابية على هواه. فخرق الدستور حكم. والحكم يحتاج إلى محكمة. والمحكمة تحتاج إلى قاض. والقاضي يحتاج إلى الاستماع للشاكي والمشتكي مع إحضار الشهود وفحص الأدلة. عند ذلك فقط يمكنه القول بأن (فلان أو علاّن قد خرق أو لم يخرق الدستور. من قال ان رئيس الجمهورية قد خرق قواعد الدستور أو حنث باليمين؟ هل غير حنان الفتلاوي وأخواتها والصيّادي والحجي والقلة التي بقيت معه؟
والله اني لينكسر قلبي علي أي إنسان، حتى لو كان عدوي، ولا أقول أضحك عليه، حين أراه ينصّب نفسه قاضيا يصدر الأحكام لصالحه. ويزداد قلبي عليه انكسارا حين أجده مسكينا بين جمع من المنافقين يصفقون له ليزيدوه وهما بنفسه فوق ما هو فيه من وهم.
واحدة من اهم البلايا التي ابتلى بها المالكي، وربما جنت عليه أيضا، هي عدم انتباهه لنفسه حين يتقمص دور القاضي. اطلق العنان لمخيلته يوم سقطت الموصل بيد داعش فقال ان هناك مؤامرة وخيانة. الخيانة، يا عباد الله، من أشد التهم التي حتى أكبر القضاة قدرة وأكثر المحاكم نزاهة لا يتعجلان إصدار الحكم بها. سألناه: كل خيانة لا بد ان يكون وراءها خائنون، فمن هم؟ وأين هو قرار المحكمة الذي بين يديك لنصدقك؟ لم يجب كعادته. لم يضع في حسبانه مرة واحدة ان هناك أناسا لديهم عقول يحتكمون إليها وليسوا مثل الذين في مكتبه أو خضرائه يصدقون كل ما يقوله.
عندما وضع المالكي جدارا سميكا بينه وبين أصحاب العقل، لم يظلمهم بل ظلم نفسه وحرمها من أثمن بوصلة. ولو كان قد أنصت لبوصلة العقل لما أوصلنا وأوصل نفسه إلى هذه الحال.
مما ابتلي به المالكي أعانه الله (1)
[post-views]
نشر في: 12 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
بغداد
كلامك يا ايها الكاتب المبدع هاشم العقابي فيه كل العبر ووضعت النقاط على الحروف وشخصت الداء الذي ابتلي به الجُهال من أمثال المالكي ومافياته الطراطير صنيعة أشرس واحقر محتلين وغاصبين امريكا وحبايبهة مصاصي دماء الشعوب التي تمتلك ثروات النفط والغاز والفوسفات وا