لو كان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم قد سلّم القيادي في حزب الدعوة الإسلامية حيدر العبادي كتاب التكليف بتشكيل الحكومة الجديدة يوم الخميس الماضي أو قبله، هل كان رئيس الوزراء المنصرف نوري المالكي سيرضخ ولا يعترض على التكليف الذي طعن في دستوريته لأنه حدث يوم الاثنين بعد ثلاثة أيام من الموعد النهائي المفترض لصدور كتاب التكليف؟
ولو ان الرئيس معصوم قد سلّم كتاب التكليف إياه يوم الاثنين أو بعده، وليس الخميس السابق، الى السيد المالكي وليس الى السيد العبادي فهل كان المالكي سيرفض التكليف وينصرف عن تشكيل الحكومة بدعوى ان الرئيس قد خرق الدستور وتأخر ثلاثة أيام عن الموعد الدستوري؟
واذا كان السيد المالكي متمسكاً بالدستور تمسّكاً تاماً شاملاً، ومتقيّداً حرفياً بأحكامه، فلماذا لم يعترض هو وكتلته "الأكبر" على عدم انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه في الجلسة الأولى للمجلس الجديد التي انعقدت في الأول من تموز (يوليو) الماضي؟ (المادتان 54 و55 من الدستور تلزمان بانتخاب رئيس المجلس ونائبيه في الجلسة الاولى حصراً)، ولماذا قبِل المالكي بأن يحدث الانتخاب بعد أسبوعين، وأن يتولى أحد قيادي ائتلافه (العبادي نفسه) منصب النائب الأول لرئيس المجلس، ولم يعتبر التأخير أسبوعين خرقاً دستورياً؟
واذا كان السيد المالكي لا يعترف بوجود كتلة برلمانية مسجلة لدى مجلس النواب باسم "التحالف الوطني"، بوصفها الكتلة الأكثر عدداً، فبماذا يفسّر وقوفه شخصياً بعظمه وشحمه ولحمه أمام الصحفيين وكاميرات التلفزيون في بث حيّ ومباشر الى جانب السيد إبراهيم الجعفري، رئيس التحالف، وقادة وممثلي كل قوى التحالف الأخرى في المؤتمر الصحفي الذي عقد في 28 حزيران (يونيو) عشية انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب، وهو المؤتمر الذي قرأ فيه الجعفري بياناً مكتوباً افتتحه بالبسملة والحمدلة، معلناً إعادة تشكيل التحالف الوطني وانه الكتلة البرلمانية الأكبر التي ستقدم لرئيس الجمهورية المنتخب مرشحها لرئاسة الحكومة الجديدة؟ ولماذا لم يعترض السيد المالكي على ذلك علناً وقتها أو خلف الكواليس بعد انتهاء المؤتمر الصحفي؟
اذا كان السيد المالكي لا يعترف بالمؤتمر الصحفي المتلفز وثيقة رسمية لأغراض الإعلان عن الكتلة البرلمانية الأكبر، ويعتبر ان الوثيقة الوحيدة المعترف بها هي الورقة المكتوبة بخط اليد أو المطبوعة والموقعة، فلماذا لم يلتزم بهذا المعيار في الدعاوى القضائية التي رفعها أمام المحاكم ضد عدد من السياسيين والإعلاميين الذين مارسوا حقهم الدستوري في التعبير عن آرائهم المعترضة والمعارضة والمنتقدة لأداء الحكومة السابقة ورئيسها (السيد المالكي)، مقدماً الى المحاكم وثائق "الإدانة" التي معظمها تسجيلات تلفزيونية شبيهة بالتسجيل التلفزيوني للمؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه قادة التحالف الوطني عن إعادة تشكيل تحالفهم؟
واذا كان السيد المالكي دستورياً "للقشر"، فلماذا خرق الدستور بدل المرة والمرتين والثلاثة عشرات المرات على مدى ثماني سنوات.. من عدم وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء الى الامتناع عن حضوره ووزرائه الى مجلس النواب للمساءلة؟ ومن عرض القادة العسكريين والأمنيين ووكلاء الوزارات على مجلس النواب الى التحكم والتصرف بالهيئات المستقلة، الى قمع المظاهرات السلمية .. الى .. الى .. الى .. قطع النفس؟!!
أسئلة برسم المالكي
[post-views]
نشر في: 12 أغسطس, 2014: 09:01 م