TOP

جريدة المدى > سينما > لماذا كل هذا العنف في السينما؟

لماذا كل هذا العنف في السينما؟

نشر في: 13 أغسطس, 2014: 09:01 م

أعرب الممثل الكوميدي جيم كيري مؤخراً عن أسفه للعنف السائد في صناعة الأفلام السينمائية، و عن ندمه لتمثيله في فيلم Kick-Ass 2 " " بسبب مستواه العالي من القسوة التصويرية قائلاً " : لقد مثّلتُ في Kick-Ass قبل حادثة ساندي هوك بشهر و أنا الآن لا أستطيع ت

أعرب الممثل الكوميدي جيم كيري مؤخراً عن أسفه للعنف السائد في صناعة الأفلام السينمائية، و عن ندمه لتمثيله في فيلم Kick-Ass 2 " " بسبب مستواه العالي من القسوة التصويرية قائلاً " : لقد مثّلتُ في Kick-Ass قبل حادثة ساندي هوك بشهر و أنا الآن لا أستطيع تأييد ذلك المستوى من العنف " , و أضاف : " إن الأحداث الأخيرة قد سببت تغييراً في قلبي"، وفقاً لما جاء في مقال جين مكارتني هذا.
و لقد صرح مارك ميلر، مبدع كتب Kick-Ass الهزلية و المنتج التنفيذي للفيلم، قائلاً إنه " متحيّر " من ذلك، لأنه لم يكن هناك شيء في الفيلم لم يكن موجوداً في السيناريو قبل 18 شهراً. فما الذي حصل لكَيري؟ أظن أنه فقط بدأ يفكر. فكيري مؤيد صريح للسيطرة على السلاح، و قد كتب في نيسان الماضي أن الناس في الولايات المتحدة بحاجةٍ إلى " التعامل مع إدماننا على العنف و السماح به. " و الخطوة المنطقية التالية هي الاستفهام عن تنامي " الإدمان و السماح " إلى عنف متطرف كتسلية.

و كانت هوليود، فيما مضى، تلوم جماعات الضغط المناصرة لحمل السلاح على جعل الأسلحة متاحةً بحرية، و ردت هذه الجماعات بتهمة الافتتان بالعنف إلى السينما. و يظهر الآن للناس أن هذا الوضع مصطنع : في الحقيقة، يمثّل التمازج بين موضوع السلاح المتاح بحرية و التأثيرات الضارة ثقافياً سبب قوي للقلق من ذلك. فهناك إلى جنب هذا كله سؤال فلسفي لنا جميعاً : أية درجة من المعاناة الإنسانية ينبغي لنا أن نعيشها بالنيابة باعتبارها تسلية، و لماذا، و بأي شكل. 

و هناك علامات على بدء هوليوود بالتململ بشكل غير مريح. فبعد حادث إطلاق النار في كولورادو عام 2012، الذي قلَّد فيه جيمس هولمز فيلم " الجوكر " فقتل 12 شخصاً في تصوير لفيلم " الخفاش Batman "، قامت شركة وارنر بروذرز بتأجيل إطلاق فيلم " زمرة قطّاع الطرق Gangster Squad " إلى أن يتم اقتطاع مشاهد يقوم فيها مجرمون من العصابة بإطلاق النار من أسلحتهم الآلية على جمهور من مشاهدي السينما. و في أعقاب حادثة إطلاق النار في مدرسة ابتدائية بساندي هوك عام 2012، التي قُتل فيها عشرون طفلاً و سبعة بالغين، قام هارفي وينشتاين بحجب العرض الأول لفيلم " جانغو طليقاً " لتارانتينو في الولايات المتحدة. مع هذا لم تفعل هذه الإيماءات الوقتية سوى إثارة أسئلة أخرى : إذا كان الفيلم مقلقاً جداً في مشاهدته بعد أسبوع واحد من حدوث مجزرة، فمتى على وجه الدقة إذن ينبغي تنقيته من المشاهد الضارة؟ 
إن عالم السينما الآن أكثر انقساماً مما يبدو عليه. فحين عُرض فيلم شركة نيكولاس وايندنغ ريفن " الله فقط الذي يغفر Only God Forgives " الذي يتّسم بالعنف بشكل واضح، في مهرجان كان، أبلغت النجمة كريستين سكوت توماس مراسلي الصحف أن الفيلم " لم يكن في الواقع من النوع الذي يخصني "، مقرّةً بأنها لا تستمتع بمشاهدة أفلام " يحدث فيها هذا النوع من الأمور " : مرةً أخرى، إنه اعتراف غير عادي بالنسبة لممثلة. لكنها تستمتع، كما قالت، بالدور المعطاء لأمٍ مضطربة عقلياً و فرصة العمل مع وايندنغ ريفن. و في غضون ذلك، كان المخرج صريحاً جداً بشأن النقطة التي تقع عليها تفضيلاته للعنف : " إن طريقتي إباحية pornographic إلى حدٍ معين ــ ما يثيرني هو الشيء الذي يؤخذ بنظر الاعتبار. " و تعكس استجابتاهما هاتان وضع الصناعة، الممزقة بين الانزعاج الهادئ و الإثارة الجنسية الفاضحة.
و قد قام الممثلون و الممثلات بجهادات غير محتملة بشأن هذه القضية. و هم في شغل تنافسي بشكلٍ شديد، و لا يرغبون في تحديد العروض من خلال الظهور مدافعين عن الرقابة. مع هذا، يعرب البعض عن عدم الارتياح : فقد تحدثت مامي غَمَر، ابنة المملثة ميريل ستريب، مؤخراً في مهرجان سَندانس Sundance السينمائي ضد " العبادة المفزعة " لعنف السلاح لدى تارانتينو. و في غضون ذلك، أصاب تارانتينو نفسه، حين سُئل عن الموضوع، الاضطراب بشكل غاضب، و هدّد مُحاوره التلفزيوني المهذب كريشنان غورو ــ مورثي بعبارة سيئة. 
أما بالنسبة لي، فإن الإساءة قد تمت من خلال اعتراضاتٍ بسيطة على " العنف " في الأفلام. و المشكلة الحقيقية هنا ليست حضور العنف بذاته ــ الحقيقة التي لا يمكن إنكارها في الحياة و السينما ــ و إنما سياق تصويره. و في مدة الـ 13 سنة من العمل ناقدةً سينمائية لصحيفة Sunday Telegraph، شاهدتُ التشديد يتغير تدريجياً تجاه استهلاك الوحشية السينمائية المتطرفة كمتعة بسيطة حسية تقريباً : إذ يُدعى المشاهدون للاستمتاع بقطع رأس إنسان في حركة محبَّبة بطيئة بنفس الارتياح التام الذي يشعرون به و هم يقضمون الذرة المشوية. و لم يعد محترفو القتل اليوم سفلةً و إنما نجوم يتمتعون بجاذبية مميزة. حتى الأبطال الذين يؤدون أعمال الانتقاب الشنيع الذي لم كان فيما مضي يُعد أمراً لا يقبله العقل. 
لقد نشأتُ وسط عنف مسلح، في بلفاست السبعينات، مع جنود بريطانيين مسلحين عصبيين عند كل زاوية شارع و تقارير عن إطلاق نار قاتل بشكل ثابت في نشرات الأخبار المحلية. و شغلتني على الدوام الأوهام المضاعفة بأن العنف يُفرغ نفسه و أن الطريقة التي يستطيع بها فعل تدمير واحد أن يمحو حيوات لا تُحصى. و هناك أفلام و مسلسلات تلفزيونية استكشفت المسألة القاتمة بخبرة .
و إذا كان لأفلام هوليود من عيب بشكل متزايد، فهو ليس كونها واقعية جداً في تصويرها العنف، و إنما كونها غير واقعية على نحوٍ هدّام. ففي الحياة الواقعية، لا يُستهلك أو يُعاش القتل و التعذيب باعتبارهما تسلية. و أنا مسرورة لكون جيم كيري، المشهور كممثل كوميدي، كان واحداً من الممثلين القلائل الذين لديهم ما يكفي من الجدية والشجاعة لإيضاح ذلك.
 عن/ The Telegraph

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

لـ "أنورا" حصة الأسد وأفضل فيلم وثائقي لمخرج فلسطيني في جوائز الاوسكار

فيلم (الوحشي) للمخرج برادي كوربيت والبحث عن الحلم الأمريكي

"اللودج" يختارمشاريع ضمن النُسخة السادسة من برنامجه

مقالات ذات صلة

لـ
سينما

لـ "أنورا" حصة الأسد وأفضل فيلم وثائقي لمخرج فلسطيني في جوائز الاوسكار

متابعة المدى عاش طاقم فيلم "Anora" ليلة لا تنسى، في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ 97، الأحد، حيث فاز الفيلم بـ 5 جوائز، بما في ذلك أفضل فيلم، وأفضل ممثلة للنجمة مايكي ماديسون. وحصد...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram