TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عاطف الطيب.. في ذكرى رحيله

عاطف الطيب.. في ذكرى رحيله

نشر في: 13 أغسطس, 2014: 09:01 م

في أيار 1968 أعلنت مجموعة من السينمائيين الجدد عن تكوين جماعة السينما الجديدة، واصدروا بيانا حددوا فيه مفهوم السينما، واعلنوا انهم يقفون صد المفهوم التقليدي المتخلف للإنتاج السينمائي في مصر، الذي سيطر على إنتاج القطاع العام، وانتهى البيان الى ان نشأة السينمائيين التقليديين في مصر تفسر مواقفهم، فمعظمهم لم يدخل السينما كي يعبر عن أفكار معينة أو لكي يحقق شكلاً فنياً معيناً .. ومن هنا لم يظهر في مصر في تاريخ السينما – كما رأى البيان – أي مفكر سينمائي يقف جنباً الى جنب مع السينمائيين، أصحاب التيارات مثل ايزنشتاين و روسيلليني و غودار وغيرهم..
هكذا ازدحم (مانيفستو) هذه الجماعة بروح الإصرار والمغامرة والعزم على بلورة اتجاه جديد ينتشل اقدم السينمات العربية بل والمشرقية من بلادتها وتخلفها على الرغم من وجود محطات مهمة في مسيرتها .. وان كانت هذه الجماعة قد ضمت أسماء وأعمالاً تفاوتت في أهميتها فأن البعض منها وهو قليل على أية حال استطاع ان يتواصل ويشق طريقه وسط صعوبات جمة، ليقدم سينما مختلفة فرضت نفسها عبر اكثر من ثلاثين عاماً كاتجاه لايمكن لمتابع او مؤرخ سينمائي تجاهله ..
فمن بين أسماء مثل خيري بشاره و محمد خان وعلي عبدالخالق وغالب شعث وآخرين يبرز اسم المخرج الراحل عاطف الطيب كواحد من اهم أسماء هذه الموجه بما مثله من منجز إبداعي ميزه عن أبناء جيله .. هذا الجيل الذي اكتشف في فيلم (المومياء) للمبدع الراحل شادي عبدالسلام كل عناصر السينما العربية الجديدة من حيث المضمون الحضاري والشكل التحديثي.
وعاطف الطيب الذي مرت قبل أيام ذكرى رحيله العشرين امتاز عن ممثلي هذه الجماعة بالسير في خط بياني واضح ، وان كان بعض من أفلامه الأولى مقتربا من نمط السينما السائدة إلا انه كان في كل فيلم يطمح الى تحقيق الأنضج والأفضل .. فمعظم أفلامه تبدو كما لو كانت خطوات مقصودة يؤدي كل منها الى الآخر وهي نتاج مناخ سياسي واجتماعي استطاعت بفضل أفكارها وتقنياتها اختراق السينما التقليدية السائدة..
فالدارس لسينما عاطف الطيب لايجد صعوبة في تتبع مراحل النضج والتطور في أفلامه مع المراهنة على الجديد والمغايرة ..
وهو ما منحه صفة الفرادة بين أسماء هذه الجماعة التي عجز البعض منها على المطاولة وغرق البعض الآخر في لجة الأفلام التقليدية ذات الحس التجاري فيما اكتفى البعض بعمل او بعملين على اكثر تقدير.
الميزة الأخرى التي انفرد بها عاطف الطيب مع ما تحمله من مجازفة، هو الإصرار على اختيار ملاك العمل من أبناء جيله ليحمل العمل صفة الشبابية والجدة على الرغم من فقر تجربة البعض منهم الا بما يحمله من روح المغامرة .. ويكفي ان نذكر هنا ان المصور سعيد الشيمي الذي يعد واحداً من اهم مصوري السينما في مصر قد تعاون مع عاطف الطيب في عمل ثمانية من اهم أفلامه والتي اصبح البعض منها علامة في مسيرة السينما العربية ..
وعلى الرغم من أهمية الكثير من الأفلام التي حققها الطيب إلا أن (سواق الأوتوبيس) يعد واحداً من اهم الأفلام التي انجزها بل من اهم أفلام السينما المصرية طيلة سنوات تاريخها الطويل .. فيلم مس صميم الحياة الاجتماعية المعاصرة بحرية وبجودة وقدم ابعاداً مفعمة بأسلوب جذاب وسرد مشحون وسلس في ذات الوقت.
بالرحيل المبكر لعاطف الطيب ومن قبل لشادي عبدالسلام خسرت السينما العربية الكثير .. و الشواهد واضحة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram