TOP

جريدة المدى > سينما > مسلسل لو.. اقتباس درامي تراخت فيه الخيوط البنائية للمشاهد

مسلسل لو.. اقتباس درامي تراخت فيه الخيوط البنائية للمشاهد

نشر في: 13 أغسطس, 2014: 09:01 م

يكتمل التنوع الانساني في الحياة بالتضاد او التناقض الجميل، فالمصطلحات الاجتماعية تحتاج . لمفردات واقعية مأخوذة من البنية الاجتماعية او البيئة المحيطة بالحدث لتكتمل معانيها مع الأضداد والمفاهيم الخارجية .  اذ لا بد  من خبايا نفسية لا يمكن تر

يكتمل التنوع الانساني في الحياة بالتضاد او التناقض الجميل، فالمصطلحات الاجتماعية تحتاج . لمفردات واقعية مأخوذة من البنية الاجتماعية او البيئة المحيطة بالحدث لتكتمل معانيها مع الأضداد والمفاهيم الخارجية .  اذ لا بد  من خبايا نفسية لا يمكن ترجمتها او الإحاطة بها كما ينبغي.   لهذا تتنوع التفسيرات والإيضاحات تبعا لرؤية تحكمها البيئة الاجتماعية او بالأحرى المنبت الإنساني،  فالخيانة تختلف بمقاييسها ومعاييرها وحتى بمفهومها بين المجتمعات ان غربية او عربية ، وما بين دراما عربية ودراما غربية قواسم مختلفة ومشتركة،  ولكن هذا يعود لكيفية المعالجة الدرامية ورؤيتها من كافة النواحي وتآلفها مع العناصر برمتها من تأليف وتصوير وصوت وإخراج ، وما الى ذلك ليتكامل العمل الدرامي بنسبة مرضية للجميع. 
تباعدت شخوص مسلسل " لو" الذي تم عرضه خلال شهر رمضان الكريم على شاشات التلفزيون العربية ، ولم ترتبط بمفهومها التمثيلي. الا ضمن النص والرؤية الحوارية والاخراج، فهذه الثلاثية ابتعدت عن بعضها البعض ، فلم نشعر بالتآلف بين المستويات الفنية في اسرة البرنامج، فما بين دور " جاد" ودور " غيث" اختلاف في الأداء حيث تمكن" يوسف الخال" من نقمص الدور واللعب على العفوية التي يتبناها ، وهو مؤمن بالحب وبحرية المرأة التي لم تشعر نفسيا بمقاييس زوجها الحياتية التي رسمها لها من خلال روتين قاتل . لتسير عليها زمنيا برتابة حياة فقدت فيها وجودها كأنثى تحتاج لتجديد مشاعر او للإحساس بوجودها، وهي المستسلمة لقوانين البيئة الاجتماعية، والتي تضع المرأة على مفترق طرق ما بين التغيير الجذري الذي يبتر أي اتصال قربى مع الأم والأخت والابنة او الاستسلام لمشيئة الحياة التي ترفض العلاقة او بالاحرى الصحوة او التراجع عن الخطأ . او ربما هي اكتشاف لمكنون داخلي كان مخفي بروتين الحياة الباردة ، وهذا اضفى استنكارات عند المشاهد ما بين الرفض والقبول ، والتعاطف مع " غيث " " عابد فهد " او مع " نادين نجيم" او حتى " يوسف الخال". الا ان التلميح للام التي تلعب البوكر والمستهترة بحق نفسها وبناتها، ومن ثم موتها المفاجئ ، لم يمنح المنطق التحليلي لتواجدها الا الصورة البعيدة عن المفهوم الشرقي لان نسبة وجود هذه الأم في الشرق العربي نسبة استثنائية تكاد تكون شبه موجودة. إلا كأنها تزيد من كاهل ابنتها المتمسكة بزوج غني استطاع تامين الحياة الكريمة لها او بالاحرى رفض الفنان التشكيلي " جاد نعمة " لأنه غير مستقر عاطفيا، وفي هذا تلميح ايحائي بان الفنان غير قادر على بناء اسرة ، وفي هذا بناء درامي متذبذب بين الانسان كانسان ابن بيئة عربية يرفض الخيانة ويسعى نحو امرأة متزوجة ليتزوجها لمجرد اللقاء الغامض في البداية ، وهذا لم يكتمل مع جاد كفنان تشكيلي ولد وهو بحاجة للام التي افتقدها والتي جعلته يبحث عنها بين النساء . 
ان المستويات التمثيلية بين الفنانين تأرجحت بين الأدوار المتقنة والأدوار غير المتقنة ، وكان التنافس بين الممثل " عابد فهد" و" يوسف الخال " وضع المشاهد على المحك، وربما لان دور غيث السهل الممتنع جعلنا نشعر بتعبيرات غيث التلقينية ، وهو الممثل القدير الغني عن التعريف ، كانه يستخف بموضوع الخيانة او غير مقتنع بشخصية الزوج الباحث عن الاستقرار او بموضوع فشل الرجل الشرقي في الحفاظ على أنثاه ، وهذا لم يترك المشاهد يتعمق بالشخصية لابعد حدود المخيلة، ومنهم من انفصل عن المسلسل . لنشعر ان المسلسل هو مواضيع مختلفة في موضوع واحد، وكل منهم في واد ، فالخيوط الدرامية في المسلسل لم تتوحد ليمسك بها المخرج في قبضة واحدة بل ترنحت المشاهد لتبقى ضمن تقنية آلية جامدة حتى في المشهد الأخير الذي لم يقاوم فيه جاد غيث، ولا حنى بحركة يد وهو البدين والقادر على الدفاع عن نفسه، فهل صدمة جاد تركت المخرج " سامر البرقاوي" في صدمة ايضا ؟.
اقتباس درامي تراخت فيه الخيوط البنائية للمشاهد التي لم تحتكم لرؤية نص لم يجد فيه الكاتب منفذا له. ليستكمل القصة الا من خلال استدراج " عابد فهد " او " غيث" لمصر ليبتعد مع صديق العمر الذي تخلى عنه ثم التقى به في السوبر ماركت من خلال مشهد يمكن الاستغناء عنه ، وكي تستطيع " نادين نجيم " التنفس بحرية في ظل المستجدات المتتابعة في هذه المرحلة غير المقنعة بكل تفاصيلها . الا ان " نادين نجيم " منحت المسلسل نعومة وجمالية تمثيلية عميقة تجسدت بهدوئها المتقن لمرأة تعبث بمشاعرها قبل مشاعر الاخرين، ومن ثم تتمسك بعائلتها لتحافظ على البناء العائلي في مجتمع لن يرحم ابنتها او اختها في حال افتضاح الأمر. بل وجعلتنا نتعاطف معها بكل الأبعاد المرسومة لها في تجسيد هذه الشخصية . كما ان الموسيقى التصويرية لعبت دورا مهما في التأثير التعبيري الذي يتكون منه المشهد برغم تباعد كل فنان بدوره عن الآخر من حيث تآلف الشخوص وتنافرها ، وكأن البعض كان يؤدي المطلوب فقط بعيداً عن الإحساس الذي أتقنت إيصاله " نادين نجيم" كما أتقنت الفنانة " اليسا " الهمس برقة شاعرية بالمفهوم العام من خلال إيقاع أغنية انسجمت معانيها مع المفهوم الذي كتبه الفنان " مروان خوري" بجمالية شاعرية اخترقت الحواس بكل تفاصيلها . الا ان أسرة مسلسل" لو" بكاملها لم تنسجم مع بعضها كما يجب لتكتمل الدراما المقتبسة عن فيلم Unfaithful ، وهذا لا يعني ان الاقتباس سيئ بالنسبة للدراما المرئية ، وانما المعالجة الدرامية التي اشبه بقصاصات مشاهد من هنا وهناك ، والتي لم تترابط مع المفاهيم المختلفة التي حاولت الكاتبة " نادين جابر" تجميع الأفكار بأسلوب تراخت فيه الحبكة التي لم تتأثر حتى بالحوارات الخاضعة لديناميكية " بلال شحادات " الذي حاول منح الحوارات اختزالات احس بها بعض الممثلين ، والتي نجح من خلالها الفنان " عابد فهد" والفنانة " نادين نجيم " و الفنان " يوسف الخال" رسم ملامح تعبيرية على الوجوه قرأها المشاهد حسيا ، ولكن رغم جدارة الممثل في التعبير التمثيلي والتأثر والتأثير احتاجت بعض المشاهد لحوارات اقوى مع الملاحظة بان " نادين جابر " رسمت في الخط المقابل للخيانة شخصية امرأة تحاول المحافظة على الأسرة من خلال الإنجاب المرضي وحاسة الأمومة التي بحثت عنها سارة حتى في الحفاظ على جنين مصاب بثقب في القلب، وكان يمكن استبدالها بموضوع ذي حبكة منطقية لتضع المشاهد أمام استنتاجات موضوعية واكثر عقلانية وعاطفة من عائلة تضجّر منها المشاهد. 
ان كلمة ارسطو "الفن مرآة الحياة" تحتاج لرؤية مبنية اجتماعيا على مواجهة حقيقية ، وجرأة اكبر وأوسع خصوصا في ظل الشبكات العنكبوتية والعولمة المصغرة التي تكشف عن العديد من الخيانات ، وهذا كان يحتاج لمعالجة درامية ناجحة تتواءم مع قدرة الابطال الثلاثة الذين منحوا المسلسل عذوبة بصرية وجذب للمشاهد، وبالأخص الفنانة " نادين نجيم" التي تخوفت من قصة صديقتها التي فشلت في الحفاظ على عائلة او حبيب، وفي رؤيتها في الحلقة الأخيرة خلق تأثيرات جعلتني اتساءل ما معنى ظهورها في المشهد. اذا كان يمكن الاستغناء عنها واختزال المشهد ، لتعصف الأحداث بذهن المشاهد ويستنتج المغزى من تلقاء نفسه ولا ينحصر في قالب الكاتبة المحدود دراميا. 
ان سريالية شارة البداية أعطت مفهوم الفن لغة اللاوعي الباطني الذي يقود صاحبه نحو الجنون او الهذيان او الخوف من الحقيقة التي يشك بها او يخاف من مواجهتها ، وايضا مع سريالية مشهد انتحار جاد حيث رهافة الفنان وأحاسيسه الدقيقة حتى في رسم الموت، ومنحه الأجواء المناسبة ، ليكون موته بمثابة لوحة فنية سريالية تتماشى مع أحاسيسه التي يريد لها الخلود دون ان ننسى ديكور بيت جاد المتناسق مع شخصية فنان تشكيلي، ونمط معيشته المتحررة من القيود فهل تحرر " سامر برقاوي " من " نادين جابر" ومن حوارات بلال شحادات المختزلة في مشاهد قيدته بمدة معينة دراميا. ليلتزم اخراجيا بالبعد الواحد للنص الذي انفصل الى أجزاء لم تلتحم برغم براعة أبطاله ؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

لـ "أنورا" حصة الأسد وأفضل فيلم وثائقي لمخرج فلسطيني في جوائز الاوسكار

فيلم (الوحشي) للمخرج برادي كوربيت والبحث عن الحلم الأمريكي

"اللودج" يختارمشاريع ضمن النُسخة السادسة من برنامجه

مقالات ذات صلة

لـ
سينما

لـ "أنورا" حصة الأسد وأفضل فيلم وثائقي لمخرج فلسطيني في جوائز الاوسكار

متابعة المدى عاش طاقم فيلم "Anora" ليلة لا تنسى، في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ 97، الأحد، حيث فاز الفيلم بـ 5 جوائز، بما في ذلك أفضل فيلم، وأفضل ممثلة للنجمة مايكي ماديسون. وحصد...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram