في ظل التهدئة المحددة ب72 ساعة، وخلال المحادثات غير المباشرة، الهادفة للتوصل إلى هدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يتفق الجانبان على نقطة واحدة، وهي صعوبة العملية التفاوضية المنهكة، وأن الفجوة بين مواقف الطرفين ما زالت عميقة جداً، ما استدعى مغادرة الوفد الإسرائيلي للتشاور مع حكومته، التي ألغت اجتماعاً للمجلس الوزاري الأمني المصغر، كان مقرراً عقده لمناقشة آخر التطورات في مفاوضات القاهرة، والاستعاضة عنه باجتماعات منفردة، عقدها نتنياهو مع الوزراء لتفادي تفجر الموقف، مع أنباء تشير إلى أن الإسرائيليين طلبوا تمديد العمل بالتهدئة المعلنة لثلاثة أيام، غير أن الفلسطينيين والمصريين يفضلون التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء مهلة الهدنة الحالية.
أثبتت حرب غزة وما تلاها من مفاوضات، أن المقاومة ليست مجرد عبث، لكنها تحتاج إلى وحدة الموقف، وهذا ما تحقق في القاهرة، حيث فاوض الفلسطيني مدعوماً بعناصر متعددة من القوة، من بينها الدعم الشعبي الدولي، دعك من العربي، ورفض الخضوع لأي من المحاور المتصارعة في المنطقة، باعتبار أن القضية الفلسطينية تسمو على كل الحسابات، كما استفاد من ثورة الاتصال، فكانت الصورة التي تنتشر على أوسع نطاق، بديلاً عن أي تعليق يؤكد همجية الحرب على المدنيين تحت أي ذرائع، كما استغل المفاوض الفلسطيني مواطن الضعف والتفكك في المجتمع الإسرائيلي، التي قابلتها وحدة الموقف الفلسطيني رغم تعدديته.
ثمة من يرى أن ما بعد غزة، سيعيد حماس والذين معها إلى الواجهة السياسية الإقليمية والدولية، ويمنح حماس فرصة استثمار نتائج الحرب في إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وفتح معبر رفح وتحقيق إنجاز فلسطيني في عملية التفاوض، يوازي حجم التضحيات الإنسانية، وتحويل الأداء العسكري إلى إنجاز سياسي، وإذا كانت إسرائيل تريد وقف إطلاق الصواريخ وبناء الأنفاق، بل ونزع سلاح غزة، فإن ذلك لن يتم دون مقابل سياسي تدفعه للجانب الفلسطيني، ويرى آخرون أن أهم النتائج السياسية للمعركة، هو استعادة حضور القضية الفلسطينية وعودة الوعي بها، ووحدة الموقف الفلسطيني، وأن تحقيق مكاسب سياسية في القاهرة، سوف يجعل التضحيات والخسائر مقبولة، في نظر الغزيين والشعب الفلسطيني والشعوب العربية.
برغم كل التصريحات فإن الأنباء تسربت عن اتفاق الطرفين بشكل نهائي، يشدد على عودة السلطة الفلسطينية لحكم قطاع غزة، والإشراف على كل شيء، وفتح جميع معابر القطاع، وتدفق المساعدات، بعد وجود السلطة الوطنية الفلسطينية وإشرافها على هذه المعابر، مع التأكيد على أن إعادة الإعمار، مرتبطة بالأمن ووجود السلطة في القطاع، ما يعني تدفق الأموال بما فيها رواتب موظفي حماس في غزة، والسماح بالصيد لمسافة ستة أميال، وتسربت أنباء عن الاتفاق على أن تكون مسافة الشريط الحدودي 300 متر، وتضييقها حتى 100 حال تحسن الوضع الأمني، واقترحت إسرائيل تخفيف القيود على نقطتي عبور بين غزة والأراضي الفلسطينية، إحداهما للأشخاص والأخرى للبضائع، على أن تتم مراقبة معبر رفح بين غزة ومصر بحسب طرق يحددها المصريون والفلسطينيون، فيما يتم ترحيل موضوع الميناء والمطار إلى قضايا الحل النهائي، وتؤكد البنود كلها على إعادة حكم السلطة إلى غزة، وهي العاملة منذ إنشائها على تحقيق الهدوء، ومنع أي مقاومة مسلحة، والتركيز على الأمن الاقتصادي المدعوم أوروبياً وأميركياً.
السؤال اليوم هل حققت حماس أهدافها؟ أم أن الرابح الأكبر كان السلطة العائدة إلى غزة، بضمانات تتعدى فكرة المصالحة الوطنية؟
التفاوض في ظل التهدئة
[post-views]
نشر في: 13 أغسطس, 2014: 09:01 م