TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "معجزة" العبادي البسيطة

"معجزة" العبادي البسيطة

نشر في: 13 أغسطس, 2014: 09:01 م

النظام السياسي مر بأعسر اختباراته في شأن استبدال المالكي، ونجح بنحو مسؤول. جزء من الحماسة الدولية للترحيب بما جرى في مكتب الرئيس فؤاد معصوم مطلع الاسبوع، هو ان العالم كان يائسا من نظامنا السياسي المحتضر والغارق في العجز والخطأ، لكن لحظة واحدة مرت، جعلت الدنيا تنتبه الى اننا لا نزال نختزن بعض الامل، وان تقديم الدعم للعراقيين امر مشروع وحيوي.
ولم يأت نجاح الاطراف الوطنية في مكتب معصوم، من فراغ. فقد كان هناك شيء صحيح يجري التأسيس له منذ ٢٠١٠، اي ان الطبقة السياسية بدأت تدرك حجم المخاطر وتتصرف على هذا الاساس، منذ اربعة اعوام، واللحظة المسؤولة التي نمر بها الان، هي حصيلة اعوام اربعة من اكثر السجالات جدية وخطورة، اوضحت مسؤوليات الجميع وخياراتهم، وقد اختار كل منهم وجهته.
في ٢٠١٠، كانت هناك قناعة واسعة بأن دعم اللامركزية، وتعزيز استقلال الهيئات والسلطات، وكتابة نظام داخلي للحكومة يمنع التفرد، واحترام البرلمان كرمز للتعددية والشرعية، هي امور يمكن ان تحمي التجربة، وان المس بها سيضع العراق امام مخاطر رهيبة.
وما حصل ان الشركاء الذين وضعوا بنود الاصلاح تلك في اتفاقية اربيل، عجزوا عن حماية الاصلاح، وقد اخفقوا عام ٢٠١٢ في خلع المالكي الذي قام بتجميد الاصلاحات ثم بتجميد الحوار الداخلي، وحين اصيب الحوار بالشلل وامتنع اللقاء و"ركب السلطان رأس العناد"، كانت داعش مجرد نتيجة عارضة لذلك الخلل في النظام السياسي.
لكن مجموعة المطالبين بالاصلاح التي اجتمعت في ١١ آب الحالي، واختارت رئيس وزراء جديد، اثبتت لنا ان السنوات الاربعة الماضية لم تذهب سدى. فالاحزاب التي فشلت في اجتماعات اربيل والنجف ٢٠١٢ في خلع المالكي، استثمرت تلك المحاولة في بناء ثقة معقولة، سمحت برؤية مستقبل العمل السياسي ومحاولات الانقاذ.
وتحولت الثقة المتبادلة الى تقارب في وجهات النظر خلقت معسكرين في السياسة العراقية، وهما المحور المطالب بالاصلاح ودعم اللامركزية والحوار، وهنا نتحدث عن الصدر والحكيم والجلبي والكردستاني ومكونات العراقية، والمحور الاخر هو دولة القانون التي ظلت تتحدث عن مركزية صارمة وممارسة اخضاع بالقوة للخصوم.
المحور الثاني سقط بشكل مروع، وحزب الدعوة والشهرستاني انضموا الى المحور الاول في مكتب رئيس الجمهورية ظهيرة ١١ آب. وبقي المالكي وحده وخرج من التاريخ منهيا حياته السياسية بالعزلة والعناد.
ان فهم مسارات الامور خصوصا منذ ٢٠١٢ والرؤى المشتركة التي جمعت فريق المطالبين بالاصلاح وبنوده، هو الذي سيجعلنا نفهم خارطة الطريق التي ستكون على طاولة رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي.
لن تكون امام العبادي معجزة غامضة، سوى حماس كبير لرؤية العراق وهو يخرج من الجمود. ولن يكون امامه سوى ان ينسجم مع فريق ١١ آب ويقبل بصفقة الاصلاحات، ويحرك الحوار الداخلي الذي جمده المالكي بسلوك لا يفقه السياسة كمسار لادارة الخلافات بأقل الكلف.
ولن يفعل العبادي هذا وحده. فاذا نجح الشيعة في صوغ فريق عمل قوي قادر على دفع متطلبات الحوار ببنود الاصلاح تلك، ستتحقق المعجزة التي رفض المالكي رؤية ممكناتها. وسيكون هناك رجال اقوياء في الموصل واربيل، متفهمين كشركاء لهذا المسار، وقادرين على خوضه.
وحين تتاح درجة العقلانية هذه، سنجد شعبا يفتح قلبه المنهك من الحروب، لارادة السلام هذه. وسيقف العالم الذي مل من رؤيتنا فاشلين، وهو متحمس لدعم صوت العقل. وحين نتفق على بنود السلام الكبرى كأمة متحضرة، لن يكون هناك مانع من كل انقسام آخر تحت سقف بنود التصحيح.
انها معجزة بسيطة تحققها الامم المتحضرة، وتنقل نفسها من قواعد الغابة حيث تنهش الغرائز بعضها، وتفني القطعان نفسها، الى قواعد عيش مشترك تحتاجه البصرة والحلة، كما تحتاجه الانبار وتكريت.
الاختبار لم يصبح سهلا، لكنه بات اوضح. ونكاد ان نمسك بأيدينا ثانية، ما يستحق ان نقاتل من اجله، في معركة مشروعة توقف الكارثة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. soranjan babajan

    مايحصل اليوم هو ارجاع شريط الى الوراء قليلا وتعديل السيناريو لتصحيحه وليصبح اكثر معقولية وعقلانية..... علّ ذلك يفيد ماتهشم ويقلل النزف ...ويغير صورة العراق امام العالم ... حيث اصبح اضحكوتها برغم الامه.... نأمل اننا قد تعلمنا الدرس ..... نأمل..........

  2. مصطفى جواد

    الشعور بتحقيق الحلم في نهاية قصة حكومة دولة المالكي تبدو عليها التسطيح فاذا كنا نتكلم عن المربع الاول فنحن الان ما قبل الاول اين الجيش اين المؤسسات اين الانتاج ماذا يفعل 5 ملايين موظف يخنقون الطرق كل صباح ليجلسوا تحت اجهزة التريد اين الاقتصاد اين صرح المص

  3. فادي أنس

    أشهد لكم ياأستاذ سرمد الطائي بأنكم قد ساهمتم بشكل لا لبس فيه بسقوط السلطان...آمنت الآن بأن للقلم والبندقيه فوهة واحده.

  4. محمد توفيق

    من قبيل المبالغة ان نذهب بعيداً في التفاؤول ببداية عهد جديد مع حيدر العبادي ، فهو معروف كأحد صقور الدعوة الى جنب حسن السنيد والأديب وغيرهم ، ولم نسمعه قط يوماً إنه انتقد المالكي وسياساته، بل كان خنوعاً خاضعاً يرتجف خوفاً من ضياع مصالحه ، فالعبادي اذن ابن

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram