التركة ثقيلة.. لا شكّ في هذا.. بل ثقيلة على نحو غير عادي لأنها مضاعفة.. إنها تركة عهدين طويلين من الخراب الشامل ومن الفشل الشامل.. خراب عهد صدام وفشل عهد المالكي.
هي بالطبع التركة التي يرثها رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، لكنني أظن مع هذا أن مهمة السيد العبادي ليس عويصة.. بل هي سهلة.. أقصد مهمته في إدارة الحكومة الجديدة.. التحدي الأكبر للعبادي يتمثل في تشكيل الحكومة المناسبة.. والحكومة المطلوبة لمواجهة التركة الثقيلة لعهدي صدام والمالكي لابدّ أن تتشكل من وزراء تتوفر فيهم شروط الاختصاص والكفاءة والنزاهة والوطنية، وهذه شروط ليس صعبة، ففي العراق يوجد الآلاف من هؤلاء حتى بين منتسبي وأنصار القوى السياسية التي ستتمثل في الحكومة.
الخطوة الأساس التي يتعيّن أن ينطلق منها السيد العبادي لتشكيل حكومة تحقق توقعات العراقيين ومطالبهم منها، ألاّ يقبل أبداً بمرشحين لا تتوفر فيهم هذه الشروط، لأن عدم توفر هذه الشروط يعني الفشل، وأفضل للسيد العبادي أن يعتذر عن عدم تشكيل الحكومة وأن يعيد العهدة إلى رئيس الجمهورية والتحالف الوطني الذي اختاره لمنصبه الجديد، ذلك ان حساباً عسيراً ينتظر السيد العبادي بعد حين من دخوله ووزرائه إلى القصر الحكومي.. العراقيون يريدون من العبادي وحكومته أن يدخلا في سباق مع الزمن لتعويضهم عن خساراتهم البشرية والمادية الفادحة في العهدين السابقين.. ليس لدى السيد العبادي وحكومته وقت زائد.. كل يوم، بل كل ساعة لها قيمة وثمن، وضياع أي يوم وأي ساعة سيكون له ثمن يدفعه العبادي ووزراؤه.
يتعيّن على السيد العبادي أن يركّز جهده الآن على هذه القضية.. قضية التركيبة البشرية للحكومة .. لا مجال للقبول بوزراء من زعماء الأحزاب أو نوابهم أو المقربين منهم أو أقاربهم فقط لأنهم زعماء لهذه الأحزاب أو نوابهم أو مقربون منهم أو أقارب لهم.. سِجّل إحدى عشرة سنة منذ إطاحة نظام صدام يشهد بان هؤلاء الذين احتكروا الحكومات السابقة فشلوا فشلاً ذريعاً في إزالة آثار خراب صدام، بل انهم زادوا الخراب خراباً، ويكفي احتلال (داعش) ثلث مساحة البلاد ووقوفه على مشارف العاصمة، دليلاً لا يدانيه أي دليل.
الحكومة بمنهاجها.. هذا صحيح جداً، ومنهاج حكومة العبادي المرتقبة سيكون وضعه سهلا جداً في ما أظن.. السيد العبادي لا يحتاج إلى صياغة هذا المنهاج في مجلد ضخم.. يكفيه فقط أن ينظر ملياً في ما فعله سلفه ومخالفته تماماً.. على العبادي أن يتأمل الأخطاء والإخفاقات التي وقع فيها السيد نوري المالكي والخطايا والآثام التي ارتكبها، وأن يتجنبها تماماً.. العبادي يحتاج الى تتبع خطوات المالكي على مدى السنوات الثماني الماضية، لا ليقتفي آثارها بل ليسير في الاتجاه المعاكس لها.. وسينجح؛
نعم بالتأكيد سينجح العبادي إن مشى في الاتجاه المعاكس لاتجاه المالكي.
العبادي.. تركة ثقيلة ومهمة ليست كذلك
[post-views]
نشر في: 13 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 5
قيس لطيف
(نعم بالتأكيد سينجح العبادي إن مشى في الإتجاه المعاكس لإتجاه المالكي )... أتفق معك تماماً أستاذ عدنان , لابأس من السير عكس التيار ! هذا إذا أعتبرناً أن نهج المالكي كان يمثل إتجاهاً أو إن صح التعبير (تياراً)لكنه تياراًأخرق وفاشل !! فهل سيحول العبادي فشل سل
ابو اثير
أستاذنا الفاضل... أعاد حزب الدعوة تكرار سيناريو انتخبات عام 2006 عندما عمد المكتب السياسي للحزب آ نذاك بأبعاد وتنحية رئيسه ابراهيم الجعفري والتضحية به في سبيل الأحتفاظ بمنصب رئيس الحكومة وعدم التفريط بهذا المنصب واليوم يعيد الحزب تكرار السيناريو في تقديم
محمد توفيق
الأستاذ عدنان ... تحليلاتك صحيحة ، وأضيف إن علينا أن نطالب العبادي أن يكون مختلفاً عمن سبقه كرئيس لوزراء العراق ليس باعتباره منصباً محسوماً لحزب الدعوة بل رئيساً لوزراء العراق ككل شيعة وسنة واكراد ومسيحيين وتركمان وصابئة ، وأن يحدث تغيراً مفصليا في الحياة
عطا عباس
لا شك ان العراقيين جميعا قد تنفسوا الصعداء ، كما يقال ، بعد تمكنهم بألف ياعلي من أزالة اللزكة من ماركة المالكي وشركاؤه من على وجه وطنهم ، وكمواطن أظن أن الشرط الأهم لأزالة التركة الثقيلة لعهدين اسودين لأبو عدي وابو أسراء يتمثل الأن بالأتي
كاطع جواد
المشكلة تكمن في حرية خيارات العبادي ، سيفرض عليه وزراء تحت مسمى المحاصصة و سيقيد العبادي بخيارات من ا وصله لهذا المنصب و بالتالي سيواجه ما وجهه المالكي اذا أسلمنا بان المالكي كان فعلا مقيد اليدين من خلال المحاصصة و انه لا يستطيع فرض أوامره على كابينته ال