اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء >  بين الرغيف ..والصورة

 بين الرغيف ..والصورة

نشر في: 15 أغسطس, 2014: 09:01 م

كان آباؤنا يستمتعون بإعادة سرد تلك الحكاية عن الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم حين ارتدى ملابس تخفي شخصيته ذات صباح ليطلع على شؤون المواطنين وحين مر بأحد أفران الخبز لاحظ ان حجم الرغيف صغيرا الى حد ما ولاحظ ايضا وجود صورة كبيرة له ملصقة على جدار الفرن ..وقتها قال للخباز : الم يكن من الأفضل لك لو صغرت من حجم صورة الزعيم وكبرت من حجم رغيف الخبز؟!
هذه الفلسفة ،مازالت تحسب للزعيم الراحل حتى لو فشل وقتها في إدارة البلد في نواح اخرى فكل شيء يرتبط بالرغيف لدى كل شعوب الأرض فهو من يصبح اغلى من الذهب خلال كوارث المجاعة ، وهو مايجعل الشعب مرفها ومتقدما اذا ما اكتفت منه البطون والتفت اصحابها لتطوير بلدانهم ..
في زمن الدكتاتور السابق صدام حسين ، كانت الصورة تكبر يوميا وتزداد انتشارا في كل مكان بينما يصغر الرغيف ويرتفع سعره ويغدو تحصيله اكثر صعوبة لدرجة ان فترة الحصار الاقتصادي عودت الشعب على هضم الطحين المتعفن والأسود والمخلوط بشوائب كان اغربها برادة الحديد ...وقتها اجبر غلاء الرغيف وشحته بعض الموظفين على مد أيديهم وقبول الرشوة وانتشرت الدروس الخصوصية بعد ان كان يشمئز من ذكرها المدرسون ..وبهذه الطريقة ، حوصر المواطن العراقي فاختل توازنه الأخلاقي والنفسي وانعكس ذلك على سير العمل في الدوائر والوزارات فلم يعد المراجع يسمع كلمة ( تعال باجر ) اذا مارس فعل ( التوريق ) ويمكن للمريض الحصول على دواء شحيح من بعض المستشفيات مقابل مبلغ معين ويسهل على الجندي العودة الى أهله بإجازة طويلة اذا تخلى عن جزء من راتبه للضابط !
بعد سقوط الدكتاتور ، ظهرت حالات إيجابية في بعض الوزارات والمدارس فبات البعض يرفض الرشوة لحصوله على راتب مناسب أعاد اليه توازنه الأخلاقي والنفسي ..وقتها لم تكن هناك صورة واحدة ملصقة على الجدران بل تعددت الصور وصار على المواطن ان يختار منها بأسلوب ديمقراطي حضاري ...لم تدم هذه النعمة طويلا حتى عادت الدكتاتورية بلباس جديد وعادت الصورة الواحدة لتزيح كل الصور وتحتل الشوارع والساحات وصار الرغيف من جديد مطلبا شعبيا وآهة كبيرة في لوحة الوجع العراقي وعاد الفساد لينخر النفوس قبل الدوائر وتعفنت بعض الذمم وامتلأت الضمائر بالشوائب ..
اليوم ، تختفي الصور فجأة وينتهي عهد المالكي ليبدأ عهد العبادي ..يداعب الأمل نفوس عديدة ليس بتغيير الوجوه او الألقاب او الأحزاب والكتل بل بتغيير الصور فمازال اغلبنا يتذكر حكاية والده عن مقارنة حجم الرغيف بالصورة ومازلنا نحلم برئيس حكومة يختزل من عدد وأحجام صوره في الشوارع ويضاعف من حجم رغيف الخبز وكميته ليشبع بطونا ذاقت الجوع في بلد النفط عسى ان تلتفت الى بناء وتطوير البلد بعد شعورها بالاكتفاء واحترام قيمة الانسان ....

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram