TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "جراوية" القائد

"جراوية" القائد

نشر في: 17 أغسطس, 2014: 09:01 م

الإعلام الحزبي من صحف وفضائيات ومواقع إلكترونية ، يتبنى  على الدوام خطاب الترويج والدعاية لأمين عام الحزب ، وتلميع صورته أمام الرأي العام المحلي والدولي ،فزعيم الحزب  او قائده المؤسس ملاك هبط من السماء ليحقق العدل والمساواة ،  ثم ينقل البلاد الى مصاف الدول  المتقدمة ، وعندما يكون زعيم الحزب  المسؤول الاول في الدولة ، يكتسب صفات البطل التاريخي صاحب الانجازات والمعجزات .
الاعلام الحزبي يكون في الغالب قريبا من مصدر القرار ، بوصفه لسان حال التنظيمات السياسية المشاركة في الحكومة ، وهذه الصفة تمنحه امكانية الحصول على معلومات لا تتوفر لوسائل اعلام اخرى ، لكنه يخضع للتعليمات  والوصايا الحزبية  فيتجاهل نشر وبث المعلومة ، ويصر على نهجه في تناول السيرة الجهادية لقيادييه بوصفهم  ملائكة ،يخوضون صراعا ضد الشياطين .
زعيم الحزب عندما يترك موقع المسؤولية ،  يقع اعلامه في موقف حرج ، يعالجه بسرد قصص خيالية واخرى واقعية، تتناول حياة الزعيم منذ ولادته وحتى "تخليه" عن  المنصب الرسمي استجابة  لضغوط داخلية  وخارجية ، لتوطيد النظام الديمقراطي وضمان التداول السلمي للسلطة، وتحكي القصص سيرة القائد بتصوير مكان مسقط راسه ، ثم الانتقال الى محطات اخرى في حياته ، تاريخ الانتماء ثم استعراض المعترك النضالي بكل تفاصيله وملاحقته من السلطة ، وزعيم الحزب الحريص على متابعة وسائل إعلامه ، وقد يكون مشرفا مباشرا عليها، لا يبدي ارتياحه في بعض الأحيان على ما ينشر ،ويتردد في الأوساط الإعلامية العراقية بان زعيما سياسيا  عاقب المسؤولين في فضائيته لانهم بثوا صورا له  عندما كان يرتدي الجراوية ، واخر ابدى انزعاجه من  بث شريط فيديو يصوره أثناء  إلقاء محاضرة دينية ، بعد الانتهاء من عقد الاجتماع الحزبي .
جميع الاحزاب  العراقية المشاركة في العملية السياسية تؤمن بالديمقراطية ، ولطالما أصدرت البيانات ، وعقدت الاجتماعات وحشدت قواعدها الشعبية ضد بروز مظاهر الاستحواذ على السلطة ، ومعظم تلك الأحزاب  ومنذ ظهورها في المشهد العراقي ،  لم   تطبق الديمقراطية في حياتها السياسية ، وزعيمها او أمينها العام سواء كان صاحب جراوية او يرتدي العمامة او حاسر الرأس حافظ على موقعه في قيادة الحزب، وتجاوز حتى على صلاحيات القائد المؤسس.
توطيد الديمقراطية يبدأ بترسيخ تقاليدها داخل الأحزاب المشاركة في العملية السياسية ، عبر عقد مؤتمرات لانتخاب الأمين العام ، والمكتب السياسي طبقا للنظام الداخلي ،والمنطقة العربية صاحبة  نظرية "الحزب الحاكم "  غير معنية بترسيخ التقاليد الديمقراطية ، فهي بدعة مستوردة من الخارج ، تفسح المجال لمن هب ودب ليحتل الواجهة السياسية بصرف النظر عن مؤهلاته ، وخبرته وتاريخه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram