الإعلام الحزبي من صحف وفضائيات ومواقع إلكترونية ، يتبنى على الدوام خطاب الترويج والدعاية لأمين عام الحزب ، وتلميع صورته أمام الرأي العام المحلي والدولي ،فزعيم الحزب او قائده المؤسس ملاك هبط من السماء ليحقق العدل والمساواة ، ثم ينقل البلاد الى مصاف الدول المتقدمة ، وعندما يكون زعيم الحزب المسؤول الاول في الدولة ، يكتسب صفات البطل التاريخي صاحب الانجازات والمعجزات .
الاعلام الحزبي يكون في الغالب قريبا من مصدر القرار ، بوصفه لسان حال التنظيمات السياسية المشاركة في الحكومة ، وهذه الصفة تمنحه امكانية الحصول على معلومات لا تتوفر لوسائل اعلام اخرى ، لكنه يخضع للتعليمات والوصايا الحزبية فيتجاهل نشر وبث المعلومة ، ويصر على نهجه في تناول السيرة الجهادية لقيادييه بوصفهم ملائكة ،يخوضون صراعا ضد الشياطين .
زعيم الحزب عندما يترك موقع المسؤولية ، يقع اعلامه في موقف حرج ، يعالجه بسرد قصص خيالية واخرى واقعية، تتناول حياة الزعيم منذ ولادته وحتى "تخليه" عن المنصب الرسمي استجابة لضغوط داخلية وخارجية ، لتوطيد النظام الديمقراطي وضمان التداول السلمي للسلطة، وتحكي القصص سيرة القائد بتصوير مكان مسقط راسه ، ثم الانتقال الى محطات اخرى في حياته ، تاريخ الانتماء ثم استعراض المعترك النضالي بكل تفاصيله وملاحقته من السلطة ، وزعيم الحزب الحريص على متابعة وسائل إعلامه ، وقد يكون مشرفا مباشرا عليها، لا يبدي ارتياحه في بعض الأحيان على ما ينشر ،ويتردد في الأوساط الإعلامية العراقية بان زعيما سياسيا عاقب المسؤولين في فضائيته لانهم بثوا صورا له عندما كان يرتدي الجراوية ، واخر ابدى انزعاجه من بث شريط فيديو يصوره أثناء إلقاء محاضرة دينية ، بعد الانتهاء من عقد الاجتماع الحزبي .
جميع الاحزاب العراقية المشاركة في العملية السياسية تؤمن بالديمقراطية ، ولطالما أصدرت البيانات ، وعقدت الاجتماعات وحشدت قواعدها الشعبية ضد بروز مظاهر الاستحواذ على السلطة ، ومعظم تلك الأحزاب ومنذ ظهورها في المشهد العراقي ، لم تطبق الديمقراطية في حياتها السياسية ، وزعيمها او أمينها العام سواء كان صاحب جراوية او يرتدي العمامة او حاسر الرأس حافظ على موقعه في قيادة الحزب، وتجاوز حتى على صلاحيات القائد المؤسس.
توطيد الديمقراطية يبدأ بترسيخ تقاليدها داخل الأحزاب المشاركة في العملية السياسية ، عبر عقد مؤتمرات لانتخاب الأمين العام ، والمكتب السياسي طبقا للنظام الداخلي ،والمنطقة العربية صاحبة نظرية "الحزب الحاكم " غير معنية بترسيخ التقاليد الديمقراطية ، فهي بدعة مستوردة من الخارج ، تفسح المجال لمن هب ودب ليحتل الواجهة السياسية بصرف النظر عن مؤهلاته ، وخبرته وتاريخه.
"جراوية" القائد
[post-views]
نشر في: 17 أغسطس, 2014: 09:01 م