(1)
بذلت منظمة الأنصار الديمقراطيين بستوكهولم، جهوداً كبيرة في التحضير والتنظيم منذ شهرين قبل افتتاحه في الأول من الشهر الجاري ثم استمراره لثلاثة أيام على وفق برنامج مكثف وغني، ضمت فقراته قراءات شعرية ومعرضا لكتب الأنصار ومعرضا تشكيلياً وفوتوغرافياً وعرض فيلمين عن تجربة الأنصار ومحاضرات عنهم وعن راهن الأوضاع العراقية اليوم، وحفلاً غنائياً في ختامه، واللافت هنا، غير جهود الأنصار في خدمة ضيوفهم الكريمة وإنجاح المهرجان، هو خفوت الصوت السياسي وعلو الصوت الإبداعي، ليأخذ الفن دوره في تجميع الناس (تراوح عدد الحضور في كل أمسية بين 200 و300 ومن الجنسين، وهذا لم يحصل في أغلب أماسي اغترابنا الفنية والثقافية).
أسماء في المهرجان: سعد شاهين (ماهر).. الإنسان عندما يعمل بصمت، هو نجم المهرجان ولكن خلف الكواليس. الراكض من أجل خدمة رفاقه بدءاً من فكرة المهرجان حتى قاعة الحفل.. ومن المطار حتى غرفة الفندق.. تحية له ولمن معه ممن كانوا خليّة عمل منتجة للعسل.
الدكتور فالح عبد الجبار: عالم الاجتماع الذي حول المادة العلمية الجافة إلى حكاية مشوقة وهو يتتبع العراق منذ تكوينه الملتبس حتى انهياره الراهن. تاريخ أمة تبحث عن دولة.
كوكب حمزة: معتزل التلحين وله أسبابه الخاصة، لكن جو المهرجان ودفء الحضور ودعم أصدقائه الحميمين جعله يخطط لألحان جديدة.زهير الجزائري: الكاتب الدؤوب قدم ذكرياته في الجبل بأسلوب بسيط – عميق وهو يسرد مكابداتنا في الجبل القديم.
حمودي شربة: الفنان الذي يتوكأ على أوجاعه ليبلغ مقام الرست والحاضر دائماً على المسرح وبين الجمهور.. أمنياتنا بشفائه من وعكته الصحية.كامل الركابي: شاعر حول القصيدة الشعبية من تقليدية الحنين وثقافة الريف إلى قصيدة يومية تمس حاجة مستمعيه إلى شغف الإنسان بالحرية بلغة شعبية لكنها فصيحة.
عبدالقادر البصري: شاعر جميل لكنه مقل ولا يعبأ كثيراً بالشعر، حتى شعره للأسف.كتاب وفنانون تشكيليون وفوتوغرافيون وشعراء آخرون لا يتسع لذكرهم هذا العمود الضيق، فأنا لست مراسلاً صحفياً يكتب تقريره الشامل عن فعالية ثقافية.. فليعذروني.
(2)
ما فرقنا ويفرقنا، وسيفرقنا، هو السياسة عندما تحولت من ميدان عمل للتغيير والحوار للنهوض في البلد من جثته إلى حياته، تحولت إلى ساحة حرب وإقصاء وغسل أدمغة وتأليف بيئة متخلفة في التفكير وفقيرة في المحبة والحلم والسلام.
الفن هو ما يدوّر الزوايا الحادة في العقول والقلوب ويجمع المختلفين مثل مرور امرأة جميلة في شارع عام لتستدير نحوها أعناق الجميع، من مختلف الآيديولوجيات والأحزاب والأديان والطوائف والمراتب والمشارب.
هل كان بيتهوفن من حزب الدعوة ورامبرانت من الإخوان المسلمين وإبراهيم أصلان من حزب الخضر أو فيروز من الحزب الشيوعي؟
(3)
رغم قسوة الجبل التي جعلت من ذاكرة الأنصار تعمل باتجاه واحد: اختلاط الحلم بالوهم ورغم المغتربات التي تسلب المرء إحساسه بالمواطنة إلا أنهم مجموعة بشرية ما زالت تقاوم وإن كل منهم على وفق طريقته الفردية لكن ما يجمعهم هو إصرارهم على بناء بيوت الأمل بخيوط العنكبوت.
(4)
تجربة الجبل التي دفعنا ثمنها غالياً من دم ومرارة وصراعات مع الذات والآخر تحوّلت إلى أغانٍ وكتبٍ وقصائد ووجوه على شكل مرايا كل منا يرى وجهه في وجه رفيقه، بينما استعادها بعضنا على هيأة فكاهة قد تدعو إلى البكاء وإن ضحكنا على أنفسنا كثيراً.
تحية لمن شارك فأبدع ولمن حضر فآزر.
مهرجان الأنصار الديمقراطيين بستوكهولم
[post-views]
نشر في: 18 أغسطس, 2014: 09:01 م