في البداية يجب التفريق بين (مسرحيات السيرة) وهي المسرحيات التي يكتبها كتّاب مسرح عن سيرة اخرين و (مسرحيات السيرة الذاتية – autobiographical play) والتي يكتبها كتّاب مسرح عن سيرتهم الخاصة – عن حياتهم و ذاتيتهم.
قام (دانييل ميير – دنكغريف) بتأليف كتاب بعنوان (مسرحيات سيرة فنانين مشهورين) صدر عن جامعة كامبريدج في انكلترا، ويتعرض هذا الكتاب الى سيرة عدد من الفنانين من مختلف فروع الفنون الجميلة من فنانين تشكيليين الى موسيقيين الى ممثلين الى مخرجين الى سينوغرافيين، وذلك كما هو موضوعه في مسرحيات الفن لذلك الغرض، ولاشك بأن أية دراما ليست الا من ضرب الخيال – خيال المؤلف مهما كان قرب موضوعها من الحياة و الواقع: المسرحيات التي تعرض لها مؤلف الكتاب تتناول شخصيات و بالواقع الدرامي، شخصيات هي من الواقع التاريخي، شخصيات نالت شهرة ايام حياتها ام بعدها، ونظرة قريبة الى الكتاب تكشف بأن كتاب تلك المسرحيات التي تخص سيرة فنانين مشهورين، انما استفادت من (الواقع التاريخي)، وكانت مصادر تلك المسرحيات قد شملت (سيراً ذاتية للفنانين المقصودين) و رسائل وتصريحات لمعاصريهم أو سيراً لاولئك المعاصرين، يشير (الواقع التاريخي) الى مواقف وجد اولئك الفنانون التاريخيون انهم مروا بها، وتشير ايضاً الى اصدقاء الفنانين وعوائلهم والى من تعاطف معهم ومن لمن يتعاطف، انه واقع مصاغ بصياغة درامية وسيرة أخذت الشكل المسرحي، ويمكن القول ان مثل تلك المسرحيات هي الأكثر أصالة و موثوقية ويقصد بالموثوقية هنا تكيف ماهو درامي للواقع التاريخي، ويمكن ان نجد اعلى درجة من الموثوقية في عرض الشخص الواحد عن الفنانين التاريخيين والذي يشكل تأليفاً لمستخلصات من الرسائل واليوميات والسير الذاتية للفنان الذي تحولت حياته الى دراما أو الى مسرحية.
وفي المقابل هناك مسرحيات اقل موثوقية هي تلك التي تتناول حياة فنان تاريخي كاستلهام لكتابة مسرحية عن ذلك الفنان، ومثال هذا النوع من المسرحيات ما كتبه (عقيل مهدي) عن (بدر شاكر السياب) وعن (حقي الشبلي) وعن (جواد سليم)، حيث شخصيات الفنانين في مثل هذه المسرحيات لاتحمل حتى اسماء مصادرها التاريخية، في مسرحية الكاتب (رونالد هاروود) المعنون (اللبيس) فأن شخصية الفنان المركزية (السيد – سير) وهو ممثل – مدير قديم، ولكون المؤلف عمل (لبيساً) لاحد الممثلين – المدراء القدماء (السير دونالد ويلفيت) لذلك فقد خلق (هاروود) شخصية (السيد – سير) وكان (ولفيت) في ذهنه.
بغض النظر عن الصدقية والموثوقية الموجودة في مسرحيات السيرة عن الفنانين المشهورين، هناك معيار آخر للتصنيف الا وهو وظائف او مهمات شخصيات الفنانين داخل المسرحية، مسرحيات مثل (فيرجينيا) 1981 لكاتبها (اندا اوبراين) و (ليس عن الأبطال) لكاتبها (ستيفن ماكدونالد) 1983، ترتكزان على حياة فنانين مشهورين مباشرة، في حين ان هناك مسرحيات أخرى توظف شخصيات الفنانين التاريخين كأمثلة أو نماذج لقضايا أوسع من حياتهم، في مسرحية الكاتب (كريستوفر هامبتون) المعنونة (حكايات من هوليوود) 1983، هناك شخصيات مثل (برتولد بريخت) و (توماس مان)و (هينرينج مان) يمثلون اولئك الفنانين الذين هاجروا من المانيا الى هوليوود خلال الحرب العالمية الثانية، وقد بذل (بريخت) جهداً مضنياً مستغلاً وقته في هوليوود قدر الامكان بهدف تغيير المعالم بواسطة المسرح، وكان (توماس مان) قادراً على استيعاب معاناة أولئك الذين تركهم في المانيا محاولاً مساعدتهم وبطرقه الثقافية النخبوية، واستخدمت شخصية (هترينج) لتأكيد الشعور العام وحدانية جميع المهاجرين وهم في بلد اجنبي.
مسرحيات السيرة الذاتية
[post-views]
نشر في: 18 أغسطس, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...