3-3
لزمن طويل لم تفهم ليال ما حدث لعائلتها، ولماذا كان عليها أن تُسفر من المانيا إلى لبنان. هذا ما تقوله في فلمها الوثائقي الذي عُرض قبل أيام "نويكولن بصورة دائمية". كم إستغرق من الوقت لكي تفهم، بأن القضية لم تنته بعد عودتهم إلى ألمانيا تماماً. كان يجب أن يمر وقت طويل لكي تشعر العائلة أنها "مرحب بها لتعيش في ألمانيا"، وأن "عليهم تعلم العيش مع نتائج ما حدث في تلك الليلة"، كما تعلق ليال.
حسن مثلاً ضيع مدرسته، لأنه غاب عنها طويلاً، كان عليه الجلوس في صفه سنة أخرى. حسن، أخوها السعيد، الضاحك تحول إلى رجل جدي. اليوم يقول، الليلة تلك جعلته يشعر بأنه ودع طفولته في تلك الليلة. منذ ذلك الحين يشعر بأنه مسؤول عن مصير العائلة. هو، عطور وليال يملكون إقامة محددة، لأنهم مازالوا يدرسون. ليال درست في معهد الفندقة. الخوف من طرد بقية العائلة جعل حسن يدور من دائرة رسمية إلى أخرى للعثور على حل لبقاء العائلة. في العام الماضي نجح حسن في الثانوية، وقدم للدراسة في أكاديمية الفنون. إذا حصل على مقعد دراسي ستمدد إقامته.
العائلة قلقة جداً على مارادونا، الذي كان يوم عيد ميلاده التاسع اسوأ يوم في حياته. منذ تلك الليلة لا يريد الإحتفال بعيد ميلاده. لقد وقعت عليه تجربة أنه غير مرغوب مثل الصاعقة، أكثر من أي واحد من بقية افراد العائلة. بعض الأحيان تفكر ليال، بأنه "توقف عن الإعتقاد، بأن المرء ممكن أن يريد الخير له"، فهو "يرى نفسه كمقاتل فردي، أحياناً ضحية"، وهذا ما يجعله يتخذ القرارات الخاطئة. فمثلاً، وبالرغم من أنه لم يكن بدأ في المدرسة، كان يتمتع بموهبة إستثنائية في الرياضيات. لكن رغم ذلك، بدل الإستفادة من ذلك، يدور مع اصحاب "خطأ" له. بدل أن يأخذ دفتره المدرسي معه، يأخذ عصا معه للدرس. "أنه لا يريد جرح أحد"، كما يقول، "العصا للدفاع عن النفس فقط!". مدير المدرسة طرده أكثر من مرة من الدرس. الآن يعيد صفه الثامن سنة أخرى. حسن وليال يحاولان الحديث معه، يوضحان له، كيف أن سلوكه يضع مصير العائلة على المحك. "لكننا لا ندري ماذا يدخل عبر الجدار الذي وضعه بينه وبين العالم"، تقول ليال.
كل واحد من أفراد الأطفال فقد شيئاً في تلك الليلة. حسن خفته، مارادونا شعور الأمان، ليال نست كيف تأكل. في لبنان نزل وزنها من 45 إلى 35 كيلوغراماً. تعرف أنه وزن قليل، حتى إذا كان طولها متر وخمسين فقط. منذ عودتها إلى ألمانيا وهي تبذل الجهد لكي تأكل بإنتظام. كل ما تأكله تتقيأه بعد لخظات. "لوحدي، وانا أعرف ذلك، لن أستطيع إنجاز ذلك"، تعلق ليال، "لابد من طلب المساعدة".. والداها أدخلاها إلى مستشفى متخصص بعلاج الشباب الذين يعانون من إضطرابات في الأكل. عليها أن تبقى هناك عاماً آخر حتى تستطيع أن تأكل بشكل طبيعي. وشكراً للرقص، الذي يمنحنها طاقة إضافية. "عندما أبدأ بتحريك جمسي كأنني أدخل عالماً آخر. أخواتي وأنا، جميعنا نمارس بريكدامس". أخوها حسن أيضاً يرقص في فرقة ثابتة وعنده مواعيد عرض ثابتة. أما مارادونا فقد فاز بالمركز الثاني لعموم ألمانيا في رقص بريكدانس في المسابقاة التي جرت في هانوفر. سنوات عديدة تدربوا على هذه الرقصة، في المدرسة وفي البيت. "منذ أن بدأت أعي العالم، أتذكر أننا نرقص في العائلة. ما أن نعود إلى البيت، حتى نضع السماعات في الليبتوبونبدأ بالرقص. بعض الأحيان يزعجنا مارادونا لأنه يريد أن يرقص على أنغام أغاني الحب فقط. ليال تحب المطربة سيدني لاوبير"، تقول ليل.
في يوم عرض الفلم في يوم الأحد الماضي، بدت ليل سعيدة وحيوية أمام الجمهور، يُسعدها، أنها تقترب من هدفها الذي تناضل من من أجله الآن، لقد اصبح وزنها 41 كيلوغراماً، وهدفها القريب أن تعود إلى وزنها في تلك الليلة، "45 كيلوغرام"، وهي كما تقول بثقة، لن تشك بتحقيق ذلك في وقت قريب.
أطول ليلة في حياة ليال
[post-views]
نشر في: 19 أغسطس, 2014: 09:01 م