TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نواب أو نوائب الاستعجال

نواب أو نوائب الاستعجال

نشر في: 19 أغسطس, 2014: 09:01 م

يتداول المواطنون الأردنيون آراء فقهاء الدستور والقانون المُفندة لكل تبريرات الحكومة لتعديل الدستور، بما يمنح للملك حق تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات، وسحب صلاحية اقتراح الاسم من مجلس الوزراء، واعتبارهم أن ذلك سيلغي أساس النظام البرلماني الذي يقوم عليه الدستور، ويحول الأردن من ملكية دستورية إلى ملكية رئاسية. خصوصاً وأنه ليس في الدستور أي سلطة ينفرد بها الملك، غير الوقف المانع من تعديله، حيث تنص مواده أن الأصل في سلطة ومسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية، لمجلس الوزراء، وهو مسؤول عنها أمام مجلس النواب، باعتباره يُجسد إرادة الشعب صاحب السلطة، في حين سيمنع التعديل المقترح إمكانية محاسبة الحكومة، لانها ليست صاحبة القرار، كما أن الملكية الدستورية في النظام البرلماني هي بناء متوازن متكامل ومتماسك، ومبدأ الفصل بين السلطة والمُلْك فيه يشكل ركنه الجوهري، والعبث بهذا الركن، سيؤدي إلى انهياره ويعصف بسلطة مجلس النواب وبالتالي سلطة الشعب، وينهار مبدأ الشعب مصدر السلطة الذي يقوم عليه الدستور، ومثل هذا الانتقاص من سلطة الشعب، لم تجرؤ على فعله أي حكومة أردنية، حتى أيام الاحكام العرفية بما فيها من عنت وتسلّط.
رغم كل هذا المنطق المتوافق مع الدستور والحالة العامة في البلاد، فإن بعض المصادر سربت أن بعض النواب "النوائب"، سيدفعون خلال جلسة مجلس النواب الأولى في "الدورة الاستثنائية"، بمنح التعديلات الدستورية التي تتبناها حكومة النفاق المكشوف صفة الاستعجال، وإقرارها بالصيغة التي أحيلت من الحكومة، أي بدون نقاش، وهم بذلك يتخلون عن دورهم الاساس في التشريع، في واحدة من أخطر الخطوات المدمرة لأسس الدستور، الذي يُفترض بالجميع حمايته من تغول أي جهة مهما علا مقامها، صحيح أن قليلاً من النزاب يسألون عن توقيت التعديلات المقترحة، لكن ذلك لا يعني رفضها، والمثير للسخرية أن الحكومة اقترحت تعديلات يطلبها المواطن للتغطية على التعديل المُراد تمريره، وهو يمنح الملك حق تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات، بقرار لا يتحمل أحد مسؤوليته.
يتناقل البعض أن بعض النواب سيدفعون بخلل إجرائي، يتمثل بغياب الأسباب الموجبة لمشروع التعديل الدستوري، حيث جرت العادة أن يدرج مجلس الوزراء الأسباب الموجبة على مشاريع القوانين المرسلة إلى السلطة التشريعية، وإذ لمح البعض إلى اللجوء للمحكمة الدستورية العليا، فقد جاء الرد سريعا من أبواق الحكومة بعدم اختصاصها، علماً بأن كل مواطن أردني يعرف أن الملك، وخلافاً للدستور، يتولى شؤون السياسة الخارجية مباشرة، وأن الوزير المختص يقوم بدور السكرتير، ويعرف أن قرار من يقود الجيش والمخابرات والأمن العام بيد الملك، وأن دور مجلس الوزراء بالتنسيب صوري ومتفق عليه مسبقاً، ولذلك يثور التساؤل الكبير عن مغزى طلب هذا التعديل اليوم، وبحيث اندفعت جماعة الإخوان المسلمين لربطه بنتائج حرب غزة، وربط آخرون ذلك بالتغييرات المرتقبة على الإقليم نتيجة أحداثه الراهنة.
لا يمكن احتساب كل من يعارض التعديلات على الرافضين للحكم الملكي، حتى أن البعض يعارضها لمصلحة الملك، وحفاظاً على موقعه المنزه عن السؤال والمحاسبة، لكن صوت هؤلاء يضيع في زحمة أصوات النفاق، الصادرة عن مسؤولين لم يعرفوا بعد أن في اللغة العربية كلمة "لا"، التي تحتاج للشجاعة ونكران الذات، واعتبار المصلحة الوطنية أكثر أهمية من كل ما عداها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram