حسين عبدالرازق للجزائر في نفسي ولدى أبناء جيلي مكانة خاصة، كانت حرب التحرير الجزائرية التي انطلقت ضد الاحتلال الفرنسي عام ٤٥٩١ وانتصار شعبها وتحقيق الاستقلال مصدر فخر وإلهام لكل المصريين والعرب، وكان أبطالها )بن بلا ورمضان عبان وكريم بلقاسم وديدوش مراد والعربي بن مهيدي ومحمد خيضر وجميلة بوحريد وزهرة بوظريف وياسف سعدي
( وغيرهم كثيرون هم النماذج التي يتطلع إليها كل شاب وفتاة في مصر، وعندما بدأت العمل الصحفي في أبريل/ نيسان 1961 كانت أول مهمة صحفية لي خارج مصر إلى الجزائر عام 1963 في الاحتفال بمرور عام على استقلال الجزائر، وأتيحت لي والوفود العربية المشاركة في الاحتفال فرصة زيارة أغلب مدن الجزائر المهمة في رحلة استغرقت 15 يوما، بدأت بالعاصمة) الجزائر (وصولا إلى تلمسان غربا نزولا إلى بسكرة علي حدود الصحراء الجزائرية صعودا إلى عتابة في أقصى الشرق الجزائري ثم العودة للعاصمة، كان الوفد المصري يضم عددا من كبار الكتاب والصحفيين أذكر منهم الأصدقاء محمد عودة وكامل زهيري ورجاء النقاش وأحمد عبدالمعطي حجازي، وعدت بعد ذلك إلى الجزائر مرات عديدة في مهام صحفية لتغطية الحرب الجزائرية المغربية في كولمب بيشار، وللمشاركة في مؤتمر الاشتراكيين العرب في مايو/ مايس، يونيو/ حزيران 1967، وبعد انتهاء المؤتمر سافرت إلى المغرب مع الأصدقاء مصطفى نبيل وفيليب جلاب وحسين العودات )سوريا( بدعوة من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ووقع عدوان 1967 أثناء وجودنا في الرباط وعدنا بسرعة للجزائر في محاولة للعودة للقاهرة، خاصة بعد الهزيمة، حاولت الحكومة الجزائرية مساعدتنا على العودة بطريق البر عبر تونس وليبيا بعد إغلاق المطارات المصرية، ولكن الحكومة الليبية رفضت السماح لنا كصحفيين مصريين بالمرور عبر أراضيها، وجاء الفرج عندما تقرر سفر وزير خارجية الجزائر في ذلك الوقت )عبدالعزيز بوتفليقة( إلى الكويت لحضور مؤتمر وزاري عربي، وكان السفر بطائرة خاصة تهبط في القاهرة قبل استكمال الرحلة، وصحبنا بوتفليقة معه على طائرته إلى مصر. وعندما صدر قرار من اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي بفصلي من عضوية الاتحاد ومن تنظيم طليعة الاشتراكيين ومنعي من ممارسة مهنتي صحفياً في جريدة الجمهورية، عقب إلقائي محاضرة عن )الاستعمار الجديد ونكسة 1967( في الاتحاد الاشتراكي بالجيزة، تلقيت دعوة من الصديق )محمد الميلي( الكاتب والمؤرخ والسياسي الجزائري للعمل في صحيفة )المجاهد( العربية التي تصدرها جبهة التحرير الوطني الجزائري ويرأس تحريرها، وسافرت للجزائر في نهاية عام 1968 حيث عملت وزوجتي فريدة النقاش في المجاهد، كما عملت محاضراً في كلية الصحافة بجامعة الجزائر وعملت فريدة في معهد الترجمة بالجامعة حيث قامت بتدريس الترجمة من الإنجليزية، وهناك رزقنا بطفلنا )جاسر( في فبراير/ شباط 1969 وهو طفلنا الثاني بعد ابنتنا رشا. وبعد عودتنا عام 1970 إلى وطننا مصر لم تنقطع علاقتنا بالجزائر، لقد أحببنا الجزائر بلدا وشعبا وتاريخا وثورة، وساعدنا الأصدقاء الذين تعمقت علاقتنا بهم خلال وجودنا في الجزائر على فهم الشخصية الجزائرية ومعرفة الفروق بين سكان العاصمة وأهل الشرق الجزائري وأهل الصحراء وأهل الغرب، ومازالت الصداقة التي ربطت بيننا وبين محمد الميلي وهو ابن الشيخ الإبراهيمي وزوجته الصحفية زينب ابنة الشيخ العربي التبسي، وكلا الشيخين من المجاهدين الذين حملوا رسالة التجديد في الفكر الإسلامي التي قادها )بي باديس( . متواصلة حتى الآن وإن كانت اللقاءات قد تباعدت، وتضم قائمة الأصدقاء الجزائريين )الأخضر الإبراهيمي( الذي كان سفيراً للجزائر في مصر وصديقا لجمال عبدالناصر وللمثقفين والمبدعين والفنانين المصرية وعبدالقادر القاسي والشاذلي والأمين بشيش )وعمل فترة سفيرا للجزائر في مصر( ومحمد السعيدي الذي كان رئيسا لتحرير جريدة الشعب الجزائرية وآخرين كثيرين. وأذكر في فترة وجودي في الجزائر عام 1970 حضور الفريق القومي المصري لكرة القدم للعب في الجزائر، كانت المباراة مقامة على ملعب مقابل حي شعبي اسمه )العناصر( إن لم تخني الذاكرة، وذهبت إلى المباراة مع زميل جزائري يعمل في المجاهد وجلست في الدرجة الثالثة في وسط الجزائريين، كان الفريق الجزائري قد هزم في المباراة الأولى في مصر، ورغم انتهاء المباراة بالتعادل وبالتالي فوز مصر بنتيجة المباراتين، لم يحدث ما يعكر صفو المباراة، ولم أشعر في أي لحظة بالقلق من وجودي ، وحيدا ، وسط الجزائريين. أتذكر الآن هذه الأيام وما عشناه وشاهدناه في الأيام الماضية، سواء في لقاء الفريقين في لعب البليدة بالجزائر أو في الاستاد بالقاهرة وصولا إلى لقاء أم درمان وما تلاه من أحداث، لأجد أكثر من تساؤل يلح علي. وحاولت البحث عن إجابات من خلال متابعة التعليقات والبرامج الحوارية والتغطية الإخبارية لعديد من القنوات المصرية )الرسمية والخاصة( والقنوات العربية التي اهتمت بالموضوع، وفي أغلب الأحيان كنت أفر هاربا بسرعة ) قرفاً( مما يقال من تحريض وسطحية وصراخ وغياب للعقل، إلى أن فوجئت مساء الخميس الماضي بقناة دريم تعلن عن حلقة خاصة من برنامج العاشرة مساء ، وإجازته يومي الخميس والجمعة . عن هذا الموضوع، توقعت أن يكون البرنامج مختلفا، ولحسن الحظ كا
مسؤولية حكّام الجزائر ومصر... عما جرى
نشر في: 6 ديسمبر, 2009: 04:47 م