نعرف جميعاً أن الشيخ القطري الجنسية المصري الأصل يوسف القرضاوي، مُتخصص بإثارة الفتنة في كل قُطر عربي، وأنه المدافع الشرس عن تنظيم الإخوان المسلمين العالمي، حيث يؤكد دائماً أن هذا التنظيم المشبوه النشأة والأهداف، مُنزه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لكنه اليوم وبعد فشله المشهود في إيقاظ الفتنة في أكثر من موقع، يكشف عن خاصية جديدة يبرع بها ويتقنها تمام الإتقان، وهي النفاق الممزوج بالكذب حتى على الله، حيث نصّب نفسه ناطقاً باسم السماء، ليعلن بصفاقة مدهشة، أن الله وجبريل والمؤمنين والملائكة، يساندون ويؤيدون ويخصون بدعمهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
لم يكتفي الرجل الذي يبدو تأثير السن المتقدم واضحاً على تصرفاته بهذا الافتراء على خالقه وإنما زاد في الطنبور نغماً وهو يشبه أردوغان بنبي الله موسى عليه السلام، مستحضراً الآية القائلة على لسان ابنة النبي شعيب، حين قالت لأبيها عن موسى: "يا أبتي استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين"، ولم يكتف بكل هذا النفاق المثير للاشمئزاز فوصف أردوغان برجل الدولة القوى الأمين والقائد الذي يعرف ربه، وأعلن بدون أي صفة تؤهله لذلك أن تركيا هي دولة الخلافة، واسطنبول عاصمتها، فهي تجمع بين الدين والدنيا والعربي والعجمي، وينبغي أن تقوم عليها الأمة.
فجأة يكتشف المواطن العربي ومن بعده المسلم أن هناك دولتان للخلافة وخليفتان للمسلمين، الأولى لم تُعلن عاصمتها بعد، ولم ترسم حدودها الجغرافية، واكتفت بسبب ظروفها بتسمية البغدادي خليفة، وأخذت له البيعة عنوة وليس عن طيب خاطر، وباشرت بتصفية أتباع الديانات الأخرى إن لم يعلنوا إسلامهم أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، والثانية لم يعلنها أصحابها وإن كانوا يسعون لإقامتها، لكن القرضاوي يقرر بالنيابة عنهم أن عاصمتها إسطنبول وخليفتها أردوغان، وهو لذاك يدعو الاتراك لدعمه، ويقرر أن ذلك من واجباتهم، اقتداءً بالله ورسوله وسيدنا جبريل، الداعمين الأساسيين له، والملائكة بعد ذلك ظهير.
لا يكل شيخ الفتنة والنفاق ولايمل، من تكرار الدعوة إلى محاكمة المسؤولين المصريين، عن فض قوات الأمن لتظاهرات الإخوان بميداني رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة قبل عام، بعد أن استصدر من صنيعته المسماة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يرأسه، بياناً وصف ما جرى في ميدان رابعة الذي تحول الى صنم إخواني، بأنه مجزرة ومذبحة ومحرقة، جرت على يد من وصفهم بقادة الانقلاب وسلطاته المختلفة وأتباعه، ولا ندري لماذا تجاوز نفاق الشيخ عن إقامة مهرجان للمثليين في اسطنبول عاصمة الخلافة العلمانية، فعميت عيناه وهو يتقمص دور جبريل، فيحمل تأييد السماء للخليفة الجديد، ونستغرب لماذا لم يبدأ بمخاطبة أردوغان بكلمة "اقرأ" ليرد عليه هذا "ما أنا بقارئ"، ليكتمل المشهد السماوي.
ثمة ملاحظة ليست عابرة، وهي لجوء الإخوان المسلمين إلى الأنبياء المرسلين لليهود، لتشبيه رموزهم بهم، فإخوان مصر شبّهوا مرشحهم للرئاسة خيرت الشاطر، قبل أن يرفضه القضاء بيوسف الصديق، والقرضاوي يشبه أردوغان بالنبي موسى، وكأن المقصود التأكيد على أحقية أتباع هذه الديانة في الأرض التي سكنوها قبل أكثر من ألفي عام، وملاحظة ثانية تتعلق بدولة الخلافة أو الخرافة التي يتبارى الإخوان والدواعش على إعلانها وكأن المطلوب قيام الدول في هذه المنطقة على أسس دينية غيبية أساطيرية ما يبرر الدعوة ليهودية إسرائيل.
وبعد، هل من يلومنا على رفض كل ما يصدر عن الإخوان المسلمين، ومعهم كل تنظيمات الإسلام السياسي، مهما صدر عنهم من مزاعم تدحضها الحقائق.