TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سوادي" بترول "

سوادي" بترول "

نشر في: 20 أغسطس, 2014: 09:01 م

العراقيون مقارنة بشعوب الدول النفطية في المنطقة ، لم يستمتعوا بعد بثروتهم البترولية ، ويقال ان بلدهم يمتلك اخر برميل احتياطي في العالم ، وقبل آلاف السنين من اكتشاف النفط في حقول" بابا كرر" من قبل شركات اجنبية ، والنار الأزلية مازالت مشتعلة ، وكأنها تريد ان تعطي صورة للواقع العراقي المشتعل ، دول الخليج شهدت تحقيق قفزات نوعية بالتنمية الاقتصادية وتحولت مدنها بعد مرحلة اكتشاف النفط الى "زرق ورق" بفعل انتهاج سياسة ثابتة لاستثمار الثروة الوطنية في تحقيق تكامل اقتصادي .
القوى السياسية العاملة في الساحة العراقية منذ عشرات السنين، تبنت القضية النفطية ، وطالبت بإدارة وطنية لاستخراج النفط وتصديره فرفع شعار نفط العرب للعرب ، ولا لسراق النفط العراقي ، والنفط ملك الشعب ، وغيرها من الشعارات التي كانت تكتب على جدران الأزقة والشوارع في العاصمة بغداد ومدن اخرى ، وتنشر في بيانات الأحزاب "المناشير السرية" المطبوعة على ورق اسمر في سنوات العمل السياسي السري ، وبقدر احتياطي النفط ، كانت المواقف ، وآخرها المطالبة بمنح الفرد العراقي مبلغ 500 دولار من واردات النفط ، لتحسين أوضاعه المعيشية ، وبصرف النظر عن وجهة نظر الاقتصاديين بهذه المطالبة ، فانها تنطلق من جهات ، يبدو انها شعرت باليأس من إعادة البنية التحتية ، وتطوير ملف الخدمات وفي مقدمتها القطاع الكهربائي ، وإمكانية إقرار قوانين الضمان الاجتماعي ومكافحة الفقر ، لإنقاذ شرائح اجتماعية واسعة تعيش تحت خطه في بلد نفطي ، عجز برلمانه عن تمير قانون النفط والغاز فاصبح مصدر خلاف بين اطراف العراقية .
"سوادي بترول " ليس اسم شركة نفطية يمتلكها العراقي "سوادي " وانما لقب اطلق على الرجل لأنه الوحيد كان على إيمان راسخ وأكيد، بانه في يوم ما سيعيش في بحبوحة العيش لاعتقاده بان الأحزاب العراقية ستناضل وتجاهد لتحقيق شعاراتها بخصوص القضية النفطية ، وحين طرق نهاية عقد الثمانينات باب منزله الكائن في مدينة الثورة سابقا ثم صدام، وحاليا مدينة الصدر ، مسؤولون يرتدون الزي الزيتوني ووجهوا أسئلة يستفسرون فيها عن الميول السياسية لنجله الأكبر وهل يحمل نوط الشجاعة ، أجاب الأب بان ابنه معروف بالمنطقة ، ويمتلك موهبة كتابة الشعر الشعبي وأداء الأغنيات في المناسبات الوطنية والقومية ، وانتهى الحديث بين الطرفين بإبلاغ سوادي بضرورة حضور ابنه الأكبر لمقر الدائرة البلدية لإنجاز معاملة تسلمه المكرمة ، في تلك اللحظة شعر سوادي بالفرح واخبر الأهل والجيران بان أمنيته تحققت في الحصول على حصته من النفط .
في اليوم الثاني توجه ابن سوادي بكامل أناقته لإنجاز معاملة الحصول المكرمة ، وأثناء التوقيع على المعاملة ، عرف ان " المكرمة" تقديم تعهد موقع من قبله لدائرة البلدية لمراقبة حاوية النفايات الواقعة بجوار منزله ، وحمايتها من العبث ، ومن هذه القصة حصل الأب على لقب "سوادي بترول ".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو اثير

    سيدي الكريم ... يبدو أن امتلاك العراقيون للنفط أصبح نقمة أكثر مما هو نعمة عليهم . والسبب في ذلك هو أن السلطة الحاكمة في العراق أذا أستثنينا الحكم الملكي والزعيم والأخوة عارف وحقبة البكر لم يكن هناك في أيام حكمهم فساد وسرقات واردات النفط والمال العام ولكن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram