على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك " ، وفي من معظم صحف العالم شاهدنا صورة وزير خارجية المانيا شتاينماير ، وهو يفترش الأرض في مخيم للاجئين في كردستان يستمع الى معاناة المهجرين العراقيين ، فيما نقلت لنا الفضائيات صورة وزير الخارجية السويدي كارل بليت دامع العينين يحتضن طفلا عراقيا وينصت بكل اهتمام الى شكوى الأمهات وعجز الآباء .. مع هذه الصور تذكر أيها القارئ النقاشات والحوارات التي تدور في الغرف المغلقة لساستنا " الأكارم " فقد خرج علينا النائب كاظم الصيادي ليعلن ان الوزارات السيادية من حصة دولة القانون حصرا ، فيما بشرنا رئيس كتلة حزب الدعوة في البرلمان خلف عبد الصمد من ان " التحالف الوطني قد يسعى الى تشكيل الحكومة الجديدة بمفرده " .. مبروك سيدي فبعد خراب البصرة يهون الخراب في كل مكان .فيما عاد الينا السيد المنتهية ولايته ليواصل سلسلة احاديث الأربعاء ، معلنا ان الطريق الوحيد لإنقاذ البلاد يتلخص في رفض الشروط التي تضعها الكتل السياسية، ولم ينس السيد صاحب الولاية التي لايريد لها ان تنتهي ، من ان يخرج من جيب سترته مشروع حكومة الأغلبية .. فيما اتحاد القوى الوطنية، مصر على ان لايتنازل عن الرقم عشرة في عدد الوزارات السيادية وغير السيادية .. مع هذه الأرقام التي تتعلق بالمنافع والمناصب تذكر أيها القارئ عدد ضحايا العمليات الإرهابية التي وقعت في مدن العراق خلال الأشهرالأخيرة ، وأتمنى عليك ان تمسح من ذاكرتك هذا الرقم: "مليون ونصف المليون مهجر منذ بدء دخول داعش الى الموصل " يرفض ساستنا الكرام ان يراهم الناس في لحظة ضعف بشري.. فكيف يمكن لسياسي منتخب بأربعمئة صوت ، ان يجلس على الأرض يحيط به أطفال إيزيديون ومسيحيون ، وكيف يتسنى لصاحب المصفحة ان يذهب الى أهالي تلعفر او حديثة ، وهو الذي يملأ الفضائيات والصحف خطبا ومعارك نارية عن الاستحقاق الانتخابي وعن المظلومية .
كأنما الدرس الذي أراد ان يعطينا اياه السيدان شتاينماير و كارل بليت ، موجه على نحو خاص، الى البرلمان ذي الطلات المؤقته . أو هكذا، في الأقل، يمكن ان نسمي الجلسات السياحية التي يقضيها نوابنا داخل مجلس النواب ، مئات الالاف من العراقيين يخوضون كل يوم حرب الحياة مع إرهاب دولة البغدادي ، لم يجدوا حتى اللحظة اي مسؤول يقف منتظرا عسى ان يتم انقاذهم، لكن الساسة والمسؤولين يذهبون كل يوم صوب مايكرفونات الإعلام يبثون ويحتجون وينددون، فيما المهجرون في الخيام والمحاصرون في امرلي وحديثة ، ولايزالون حتى هذه اللحظة ينتظرون من يمد يده اليهم لينقذهم من الموت والتشرد في طرقات الغربة.
ثمة مؤهلات وتقاليد لا بَّد ان يرثها من يريد ان يحكم، أبرزها الشجاعة. واهمها الصدق والاستماع الى صوت الناس الذين استأمنوه سلامتهم وخيرهم وامنهم ، ولهذا يصر الساسة الحقيقيون على يقدموا لنا ولشعوبهم درسا فريدا في المسؤولية ، فالسلطة ليست كرسيا ومنافع وامتيازات، بل شرف وأمانة تجبر المسؤول ان يحافظ على ارواح الناس.
ايام وأنا أتابع زيارات المسؤولين الغربيين الى مخيمات اللاجئين ، واقول لنفسي ما الذي سيفعله ساستنا الأكارم المشغولون باحصاء عدد نقاط الكرسي الوزاري ، فقدم لي وزير خارجية المانيا وبعده السويدي كارل الجواب شافيا، مسؤولية تقول للناس جميعا ان لا خيار، اما التضامن واما الذهاب في عتمة الخراب .. فيما ساستنا يؤكدون لنا كل يوم ان لا امل في الخروج من ظلام الطائفية والانتهازية والمحسوبية واللصوصية، صورة وزير خارجية المانيا تقول: اننا لن نسمح بظلم انسان واحد ، ايا كانت جنسيته ودينه .. فيما نحن نعيش في ظل ساسة مصرين ان ينقلونا من احضان المواطنة الى احضان الطائفية .
انظروا الى دموع المسؤول السويدي .. وتمعنوا في صولات وهتافات نوابنا ، واسألوا اين نحن بعد احد عشر عاما من الكلام عن الرفاهية والسيادة والمستقبل المشرق، وحكومات الشراكة، وسيادة القانون.. لاشيء، فنحن نعيش في ظل مسؤولين لايريدون مغادرة المايكرفون ، مهمتهم الوحيدة ان يبيعوا اخر ما تبقى من هذا الوطن ..
بيان "خلف" ودرس "شتاينماير"
[post-views]
نشر في: 20 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 5
بغداد
الكاتب المحترم علي حسين وانا اقرأ مقالك لهذا اليوم شعرت انني اقرأ ماكتبه جورج أورويل ١٩٨٤ ؟! بالضبط هذه هي ديمقراطية الصهاينة الامريكان والبريطانيين التي جلبوها للشعب العراقي ديمقراطية الذل والهوان وساعت السودة بشيبات مجرم جورج بوش وغلمانه حكومة غسيل الام
ابو هبة
ان هؤلاء سيدي هم حثالة وقد ابتلى بهم العراق ، الذين جاؤوا بعباءة المظلومية والطائفية ، فيكف تتوقع منهم التضحية ، انهم كثالة، ومن يقتل من العراقيين حسب تصورهم قرابين لدولة القانون العفنة وحزبها التضلالي الذي ينفذ أجندة أسيادهم ايران ، والذين يأتمرون بخاتم
ابو اثير
سيدي الكريم ... عندما قرأت مقالتك تذكرت النائبة الأيزدية السيدة الفاضلة فيان دخيل قبل تعرضها الى حادث سقوط طائرتها وهي تحتضن مواطنيها الأيزديين من على جبل سنجار وتوزع عليهم المساعدات والمعونات وتتفقد معاناتهم ألأنسانية نتيجة عجز حكومة نوري المالكي عن حماي
مصطفى
الفساد هو العدو الاول في العراق ونحن غارقون في الفساد وكل مشاكلنا بسبب الفساد ومصيبتنا الفساد ونازحونا يعانون الفساد واقتصادنا يعاني الفساد وفي كل مراجعاتنا نجد الفساد في المستشفى في دوائر المرور في جامعاتنا في تعليمنا الثانوي انه شيء منظور والكل يحاول
قيران المزوري
أنا لا أعتقد هذا الخطاب يشمل معالي النائب محمود الحسن على سبيل المثال فقط ...!!