TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > العرب يواجهون أزمة دولية عميقة

العرب يواجهون أزمة دولية عميقة

نشر في: 20 أغسطس, 2014: 09:01 م

التوسع الهائل للأراضي التي سيطرت عليها " الدولة الإسلامية " في سوريا و العراق خلال الأشهر القليلة الماضية ، ولّد لحظة تاريخية لإعادة حساب الكثير من الميادين في هذين البلدين ، و التي تعكس توجهات مشابهة في المنطقة بأكملها . هذه الميادين تشمل الدولة و ا

التوسع الهائل للأراضي التي سيطرت عليها " الدولة الإسلامية " في سوريا و العراق خلال الأشهر القليلة الماضية ، ولّد لحظة تاريخية لإعادة حساب الكثير من الميادين في هذين البلدين ، و التي تعكس توجهات مشابهة في المنطقة بأكملها . هذه الميادين تشمل الدولة و الأمة ، الحكم، و التدخل الأجنبي في الأراضي العربية . في كل هذه الميادين الثلاثة لازلنا في الغالب نعيش في منطقة غامضة . 
سنركز هنا فقط على أهم و أكبر قضية تمس مصير العديد من البلدان العربية ، و هي طبيعة الدولة و الأمة في المنطقة العربية و ما اذا كانت بعض البلدان العربية ستنهار قريبا أو ببطء بمرور الزمن .
يبدو ان بعض البلدان العربية التي ظهرت قبل ما يقرب من قرن من الزمن، تواجه مخاطر الانهيار أو التشظي الى وحدات أصغر . الكثير منها شهدت بالفعل تطهيرا عرقيا أو طائفيا، و استقطابا سكانيا سريعا و انقلابا على التعددية التقليدية بين المجموعات المختلفة التي تعايشت معا على مدى قرون و حتى آلاف السنين . خير مثال على ذلك العراق و سوريا، فكل من البلدين يضم فسيفساء من الجماعات العرقية و الدينية و الوطنية المختلفة التي عاشت جنبا الى جنب مع الأغلبية المهيمنة . كلا البلدين حكمه رجال عسكريون جمعوا السلطة الى حد كبير في أيدي طائفتهما . فقد حكم صدام حسين – و سنّة العراق – الشيعة و الكرد و غيرهم بقبضة من حديد؛ و في سوريا أدام حافظ و بشار الأسد – مع العلويين – حكما استبداديا لما يقرب من 45 سنة . مع تشتت سيطرتهما المطلقة على الدولة و الشعب من خلال الاجتياح الأجنبي ( 2003 في العراق) و الثورات الداخلية ( 2011 في سوريا ) ، فقد ضعفت وحدة البلد السابقة و بدأ المجتمع يتشظى . لا أحد يعرف ما اذا كان العراق و سوريا سيتوحدان كدول ذات حكم مركزي أو كدول فيدرالية فضفاضة أو الانهيار الى وحدات أصغر . 
السبب الرئيسي لعدم الوضوح هذا هو انه ليس هناك دليل يعكس الرغبات الفعلية لسكانهما - باستثناء رغبة أكراد العراق في الاستقلال، و التي قد تحفز أكراد سوريا للانضمام اليهم . لكن حتى هذا مليء بعدم وضوح جديد، لأنه خلال المعارك الحالية في شمال العراق لصد قوات الدولة الإسلامية ، فقد اتضحت حاجة أكراد العراق الى دعم القوات المسلحة العراقية و القوة الجوية الأميركية و الى وجود مقاتلين أكراد من تركيا على أراضيهم لمسكها و صد وحدات الدولة الإسلامية . كما طلب المسؤولون الكرد من رئيس الوزراء الجديد تسليمهم مليارات الدولارات الموقوفة من ايرادات النفط التي يرون انها نصيبهم من عائدات النفط العراقي. هذا يشير الى ان سعي الكرد المشروع للاستقلال من المحتمل ان يخف الآن عن طريق استفادتهم الواضحة من البقاء ضمن الدولة العراقية . 
ليست لدينا فكرة عما اذا كان العلويون و الدروز و الشيعة و الآشوريون و المسيحيون و السُنة و غيرهم من المجموعات السكانية المميزة في هذين البلدين، يسعون بصدق الى الاستقلال أو الشعور بأنهم أكثر أماناً ضمن دولة سورية أو عراقية أكبر . 
حكم الدولة الأمنية الشخصية على مدى نصف القرن الماضي تقريبا، لم يسمح أبداً لمواطني هذين البلدين في التعبير عن وجهات نظرهم بشأن هذا العنصر المحوري للدولة و الإجابة عن السؤال المتعلق بشعور المواطنين تجاه علاقتهم بدولتهم و حكومتهم " هل ان الديانة و العرق تعادل الدولة في رأيهم ؟" . هذا يعتبر تحديا تواجهه الكثير من البلدان العربية بما فيها ليبيا و اليمن و لبنان و المغرب و السودان و غيرها بدرجات أقل كما يدل على ذلك التاريخ الحديث . العراق و اليمن و السودان أظهرت في سنوات التسعينات أولى علامات ضعف الدولة التوحيدية التي تجمع مجموعاتها السكانية المتنوعة . اليمن انقسمت و خاضت حروبا ثم عادت و توحدت عدة مرات ؛ السودان شهد بالمثل انفصالا سلميا في الجنوب ، في حين استمرت الحروب الإقليمية الأخرى ؛ كما جرى قمع وحشي للعديد من الانتفاضات الإقليمية العراقية في الشمال و الجنوب ضد الحكومة المركزية في بغداد . ظهور الدولة الإسلامية و الدعم الواضح الذي لقيته من بعض العشائر السنية لهو دليل على الولاء المتقلب و الضعيف للمواطن تجاه الدولة العربية المركزية المعاصرة ، و يؤكد المبدأ الأساسي المتكرر في كل هذه الحالات ألا و هو ان المواطنين سيثورون على دولتهم اذا شعروا بعدم تلبية إحتياجاتهم بشكل عادل و متساوي ، أو اذا أساءت الحكومة و قواتها المسلحة معاملتهم . 
يبقى العلاج لكل هذه المشاكل هو الحكم اللائق و سياسات التنمية العادلة، التي كان المواطنون العرب يسعون اليها منذ زمن طويل لكنهم لم يتمتعوا بها بالكامل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

حملات لطمس هوية وثقافة أهالي التبت البوذيين

"ذو الفقار" يستهدف وزارة الدفاع الإسرائيلية

إيران تقترب من فتح جامعات لها في العراق

ترامب: أنقذني الله من محاولة اغتيالي لإنقاذ أميركا 

ملف التزوير يستبق الانتخابات البرلمانية.. مقترح لاعتماد البطاقة الوطنية في عملية الاقتراع

مقالات ذات صلة

بعد غزة.. الفلسطينيون ينزحون من «جنين» إثر هجوم إسرائيلي

بعد غزة.. الفلسطينيون ينزحون من «جنين» إثر هجوم إسرائيلي

متابعة / المدىأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، أمس الأربعاء، بنزوح عدد من الفلسطينيين من منازلهم في أحياء داخل مخيم جنين، إلى "واد برقين"، إثر عملية عسكرية إسرائيلية في المخيم.ونقلت الوكالة عن رئيس بلدية جنين،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram