TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > الأسطورة والجنس في النحت الحديث

الأسطورة والجنس في النحت الحديث

نشر في: 22 أغسطس, 2014: 09:01 م

كلما قرأت له كتاباً جديداً , زاد إعجابي به وقلقي عليه , فهو طاقة مبدعة استثنائية يمتلك مواصفات المثقف العضوي الراكز الذي لا يدخر شيئاً من معارفه ومعرفته في التصدي لأخطر الموضوعات وأعقدها ، ولأنه بهذه المواصفات والقدرات والطموحات فأن الخوف والقلق يأتي

كلما قرأت له كتاباً جديداً , زاد إعجابي به وقلقي عليه , فهو طاقة مبدعة استثنائية يمتلك مواصفات المثقف العضوي الراكز الذي لا يدخر شيئاً من معارفه ومعرفته في التصدي لأخطر الموضوعات وأعقدها ، ولأنه بهذه المواصفات والقدرات والطموحات فأن الخوف والقلق يأتي حرصاً على ما يمتلكه من ثراء وخشية عليه من المتاعب والجهد الذي يبذله جلّ وقته من اجل ما ينتجه ويقدمه للقارئ من فتوحات وانجازات مبتكرة في متن الثقافة العربية وهو الذي لا يفرط بساعة من ليل العراق قراءة وبحثاً وكتابة رغم اعتلال الصحة وانطفاء العين وضغوطات العقد السابع من العمر المديد , كل ذلك لكي يترك ارثاً معرفياً ثميناً لا تضاهيه أموال الدنيا الزائلة ... ولا أقول جديداً من بين مبررات إعجابي به , هذا التنوع الجميل والدأب على ملاحقة الظواهر التي تستحق الإشادة والإشارة بها وإليها في حياتنا الثقافية الراهنة , فهو اضافة الى انشغاله الرئيسي بالأساطير والتراث الرافديني حفراً ومشاكسة , فأن متابعته المنتجة للشعر والفوتغراف والتشكيل لا تقل عن انشغالاته الأساسية , فقد أصدر اكثر من كتاب عن فن الكبير جواد سليم وفوتغراف كفاح الأمين وفؤاد شاكر وله في مشغله الآن مخطوطة عن الفنان هيثم فتح الله ومراد الداغستاني وها هو يضع بين أيدينا اصداره الجديد ـــ الأسطورة والجنس في النحت الحديث ـــ الصادر عن دار تموز الدمشقية أواخر عام 2014 , والذي يكرسه عن تجربة الفنان التشكيلي الدكتور محمود عجمي التدريسي في كلية الفنون الجميلة في بابل , ولنقرأ ما كتبه المفكر الباحث ناجح المعموري في إهدائه جديده لي ملخصاً فحواه بالقول :
أخي شكر الصالحي هذه دراسة عن فنان كنت أول من أشار له , وانا واثق ان حماسك آنذاك ظل كامناً في اللاوعي , وصعد في اللحظة التي التقيت بها الدكتور محمود عجمي , انها دراسة وظفت الميثولوجيا على إبداعه المهم والحيوي ....
اذاً هو كتاب بكر عن تجربة فنان مميز لم ينل ما يستحقه من اهتمام بحثي أو نقدي , والفنان عجمي من الأسماء المهمة في المشهد التشكيلي العراقي وله اسهامات جادة في اللوحة والنحت المستمدين من الإرث الحضاري لبلادنا العريقة فقد أقام العديد من المعارض الشخصية والمشتركة ومنحوتاته تزين فضاءات كليته في بابل.
يقول المعموري :
منحوتات عجمي طينية / فخارية , وأراد من مادتها الطيعة العودة بخطاب الجنس الى لحظته الأسطورية الأولى التي كانت فيها الآلهة الأم هي المشتغلة الوحيدة على الطين وأنتجت الانسان , خلقته وولدته , وصار الطين بسبب تلك العلاقة مركزاً في الانطولوجيا البشرية في الديانة السومرية والاكدية , وكأنه يريد من الإبقاء على غرينية الطين ولونه صفع حضارتنا التي عطلت كثيراً من وظائف المرأة ........
ويضيف المعموري :
الأيدي في منحوتاته غير مكتملة , والرأس مغيب قصدياً , وكأنه يستدعي الالوهات الطينية التي عرفتها الديانات الشرقية المبكرة , واحياناً تبدو منحوتاته ــ المرأة ـــ متناظرة مع الوهات الزمن الأول , والسبب في التغيبات القصدية مسعى الفنان لهيمنة رمزه : الثور , بوصفه بؤرة مشعة وخلاقة في علاقته مع المرأة , وهي ظاهرة بطغيان وسيادة كاملة .........
وفي ص 10 يلخص المعموري رأيه بمنحوتات محمود عجمي بقوله :
باختصار شديد قدمت منحوتات محمود عجمي رموزاً واستعارات , ولم تكن وقائع يومية وحياتية , بل هي اسطورية وكاشفة عنها التجليات الجسدية , ورمزياته انها دالة على أسطورة الخصب , وهنا تكمن فذاذة إبداع الرمز الذي أخذنا نحو الفضاءات الأولى ومثلما للفن طاقته الفكرية والجمالية الممنوحة له من رموزه الظاهرة والمخفية ..... ويضيف المعموري :
فان فخاريات محمود عجمي لا تتشكل إلا في هذا المحيط , وتفضي الى معانٍ منطوية على قوة الرمز الذي أحال له , واحياناً عبر تكراراته وتناظره مع محيطات ثقافية / دينية / حضارية .. وتجاوزت منحوتاته النمط من خلال التنوع والتفاصيل , وتنوع المعنى , وتباين الدلالة , كل هذا يحصل بواسطة وظيفة واحدية , ويجد المتلقي مع كل هذا الثراء في أعماله النحتية مصحوبة بالدهشة , وكأنه محكوم لمخيال عفوي / فطري ...
ولابد هنا من الإشارة الى عنوانات كتاب ـــ الأسطورة والجنس في النحت الحديث ــ لأهميتها ولتحريض القارئ على البحث عنها والاستفادة من فيوضاتها المعرفية وهي :
الرمز والإفضاء نحو الجنس , تمهيد , تطبيق , أسطورة الانبعاث , محمود عجمي عودة الى الأصول الأولى في النحت , الفنان عجمي في معرضه الاول ( طقوس سومرية ) واخيراً : أعمال المعرض الأول .. التي زادت على اكثر من عشرين عملاً نحتياً والتي ضمها الكتاب ...
وأخــــــــــــيراً .....
لابد من الإشادة بهذا المنجز الذي أبدعه ناجح المعموري وكشف من خلاله ثنايا وتجليات تجربة فنان طموح بقامة الدكتور محمود عجمي ... الذي نتمنى له المزيد من الابتكار والفعل الثقافي المميز.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram