محمد جواد الغرابي عندما ضاق شارع النهر بالسابلة والدواب تقرر فتح شارع جديد يوازيه وارتأى الوالي انذاك ان يكون شارعا واسعا ومستقيما، وفعلا بوشر بالتنفيذ بعد ان مد حبل من باب المعظم الى الباب الشرقي وعلى امتداد الحبل يتم الهدم، والذي حدث ان اصحاب الاملاك بدأوا يبعدون الحبل عنهم وعندما يحل المساء يرتفع الهرج والمرج بين الناس،
فعائلة ترمي الحبل واخرى تبعده الى ان جاءت جادة خليل باشا مائلة وملتوية تحت تأثيرات مراكز القوى من اصحاب الاملاك احتل هذا الشارع مكانه وصار متسعا للمارة والدواب والعربات ثم استبدل من (خليل باشا جاده سي) الى شارع الرشيد ليربط حاضر بغداد بماضيها التاريخي وبهذا الوقت ولد صديق جديد لنهر دجلة يلازمه من باب المعظم ويفترق عنه في الباب الشرقي. وفي هذا المقال الذي بنيت حوادثه الاجتماعية بعيدا عن البحث التاريخي والذي تتداخل فيه الوقائع العثمانية مع وقائع العهد الملكي، سوف اتعقب خطى شارع الرشيد محلة محلة ثم اتوقف لسرد بعض الوقائع في هذه المحلات ابتداء من باب المعظم فالجانب الايسر منه محلة السور باب الطوب (طوبليان) ثم الفضل والميدان بينهما كوك نزر (قائد عثماني) يقابلهما من الجانب الايمن المنطقة العباسية العريضة وعليها شيدت وزارة الدفاع ثم (البقجة) والميدان ايضا. وكان يسكن المنطقة اليسرى كبار الضباط العثمانيين وكبار الموظفين ويستيقظ سكان المحلة على وقع حوافر الخيل وصهيلها ورنين المهماز حيث اعتاد المرافقون والسياس احضار الخيول المطهمة المسرجة الى الضباط مع الفجر للالتحاق باعمالهم. وفي هذه المنطقة يسكن محمد الداغستاني وحرسه الجيجان القصار الاشداء الذي كانوا يخيفون المارة من المرور في هذه المنطقة ويضطر سكنة المحلة من الدخول والخروج من بيوتهم من الازقة الخلفية وكأن اللافتة تقول للعثمانيين فقط. وفي منطقة كوك نزر يسكن الارمن الاشداء وقربهم الكنيسة التاريخية العريقة وهنا حدثت مذبحة كبيرة دمر فيها الفرس بقيادة القائد نزار وجنوده الارمن. الميدان عاش طبخة انتخاب محمد العجمي واليا لبغداد وكانت الطامة الكبرى لولا نخوة الكرخيين وعبورهم الى الرصافة للقضاء على هذه المؤامرة، وعلى اثرها هرب محمد العجمي واتباعه (اقرأ رسالة عبدالله السويدي) اخيرا سكن منطقة السور جعفر العسكري وفي منطقة الفضل يسكن ياسين الهاشمي ونوري السعيد. في منطقة الفضل يسكن الكثير من عشيرة العزة ويقال عنهم عندما يحدث نزاع بينهم لاينتخي الا بحضور شيخهم حبيب الخيزران فيمشي بالشوارع وينتهي النزاع. اما الجانب الايمن فوزارة الدفاع ثم البقجة وفي البقجة مدرسة الصنائع ثم مجلسا النواب والاعيان وفي هذا الشارع اسرار كثيرة شهدتها اروقة المجلس وفي هذا الشارع تسكن ريجينة واختها سليمة مراد والاخرى روزة وفي بيتها يتم كثير من الاجتماعات يقال عن ريجينة انها تفك المصلوب وتشكل الوزارة في بيتها ويقال ان نوري السعيد استدان منها عند بناء بيته ثم يقال انه ساهم في قتلها والعهدة على الراوي. وفي المقطع الثاني من الشارع على الجانب الايسر الحيدرخانة وفيها جامع الحيدرخانة الشهير حيث استطاع هذا الجامع ان يشد العراقيين بعضهم ببعض وتجلت الاخوة والتعاون بابهى صورة اثناء ثورة العشرين وامام بابه قتل النجار الاخرس. في الجانب الايمن جديد حسن باشا وفيها يقع مقهى الزهاوي حيث يتبارى الشعراء هناك. تجاور الحيدرخانة محلة الخشالات والعاقولية وبها مدرسة التفيض يقابلها سوق الامانة وفي هذا السوق تباع ارقى الفواكه والخضر لشخصيات بغداد نستمر في الجانب الايسر ساحة الامين وشارع الامين ثم باب الاغا والشورجة يقابلها من الجانب الايمن جسر المأمون وسوق الصفافير وعلى هذا الجسر هرع الكرخيون ثانية ليدعموا الرصافة في اسقاط معاهدة بورت سموث وكانت واقعة الجسر والوثبة (1948) وسقط شهداء كانوا وراء اطلاق اسمهم على الجسر والساحة، نتابع الجانب الايسر نعبر الميدان ثم باب الاغا والشورجة اما الشورجة فتعرضت لعدة تحولات اهمها هجرة اليهود بعد اسقاط جنسيتهم ضمن مخطط صهيوني لئيم وحل محلهم تجار جدد، ومن ابواب الشورجة خرجت تظاهرة ضد الشاه عند لجوئه للعراق في عهد مصدق. وهنا يقع جامع مرجان هذا الاثر التاريخي الثمين، واهل بغداد يحبون الجوامع فهي اماكن لقائهم ومضارب اجتماعاتهم حتى اني اتذكر عندما سقطت قبة جامع سوق الغزل تناقل الناس في حينها ان سقوط قبة الجامع دليل على قرب قيام الساعة، كان ذلك في الاربعينيات، ونتابع الجانب الايسر لنصل راس القرية وشارع الكنائس (عكد النصارى) وهنا تكثر الكنائس ومنها كنيسة اللاتين حيث مقر الاب الاديب انستاس ماري الكرملي وهذه المناطق قديمة ويذكر التاريخ ان للنصارى حاليا وفي الزمن العباسي احتراما خاص وكان للرهبان والقساوسة باب خاص للدخول على الخليفة العباسي واعتاد اهل بغداد تقديم التهاني في اعياد الميلاد ورأس السنة ويقرعون الطبول والعراقيون يحيون المهرجانات. يقابل هذا الجانب (وهو الايمن) المصبغة وبها المحال التجارية ثم تحولت الى المصارف ويحتل مصرف الرافدين والمصرف المركزي مركزهما اللائق عمرانيا.. الجانب الايسر تقع محلة الجنابيين ثم حافظ القاضي وشارع العاجلين يقابلها (الجانب الايمن) العمار. في السويفات والثويرات يسكن الجنابيون وقد تعرضت هذه العش
شارع الرشيد وخزين الذاكرة
نشر في: 6 ديسمبر, 2009: 05:12 م