هل سمع أحدكم أنين المدن ..أنين الحجارة والأرض والأشجار ؟ في بلدنا ما عاد الإنسان يئن من الوجع اليومي فقط بل صارت المدن تصدر انينا منذ ان صارت تستهدف كمدن ...طال انين مدن الفلوجة والكرمة وقرى حزام بغداد في المناطق الغربية حين غادرها سكانها ونزحوا الى مختلف مناطق العراق من شماله الى جنوبه ليتقوا شر القتال الدائر فوقهم بين مسلحين وفدوا الى مناطقهم لتنفيذ اهداف خارجية وساعدهم بعض من كان يعتقد انهم سيكونوا له عونا في القضاء على تهميش الحكومة ومعاملتها لهم بطائفية واضحة، وبين الجيش العراقي الذي دفعته الحكومة دون تخطيط او توعية حقيقية بما يجري، فالجميع اصبح في نظره ( داعش ) بما فيهم السكان المسالمين الذين نجح بعضهم في النزوح الى أماكن أخرى في أسوأ حملة تهجير عراقية، بينما اصبح البعض الاخر ضحية القصف العشوائي والبراميل المتفجرة وعملية استهداف المدن ومازالت مستشفيات تلك المدن تستقبل يوميا ضحايا القصف والبراميل المتفجرة من النساء والأطفال والعوائل المسالمة لتواصل مدنهم انينها.
مدينة الموصل بدورها طاول انينها السماء حين اصبح سكانها تحت رحمة ( داعش ) بين ليلة وضحاها فنزح منهم من تمكن من ذلك وفقدت المدينة الجميلة الشهيرة بتنوع طوائفها واديانها وقومياتها، أمانها وتوحد اهلها فامتلأت بهم محافظات العراق لكن مدينتهم واصلت الانين حين اصبح المسيحيون فيها طعما لمفاهيم لا تمت للإسلام والمسلمين بصلة واصبح الإيزيديون سلعة رائجة في سوق المتاجرة بالبشر واصبح اهل تلعفر هدفا للتطهير المذهبي ..
اما مدينة آمرلي فقد طبقت بأنينها الآفاق حين استغاث اهلها بالحكومة لتنقذهم من حصار تجاوز الشهرين فلم يجدوا عونا منها ولم تصلهم حتى مساعداتها الانسانية التي تبجح بها الاعلام الحكومي بينما كشف سكان آمرلي ممن نجحوا في مغاردتها وحتى الذين مازالوا صامدين فيها عن كذب وادعاء حكومي رافق حصارهم فهم يواصلون الصمود تحت ظروف رهيبة فلا ماء لديهم الا ماء الآبار ولا طعام او أدوية كافية لدرجة ان القصف لم يعد السبب المميت الوحيد فيها بل نقص الدواء والعناية الطبية ما اودى بحياة العديد من الاطفال والمرضى والحوامل ..
جميع هذه المدن تطالب حاليا بالسلام والعيش الامين وتتبرأ من كل من يتخذ منها ساحة لذبح الابرياء ولا تريد ان تدفع ثمن اجندات خارجية او تصفيات داخلية طائفية او عرقية او قومية ..سكانها يتساءلون بحسرة : متى نعيش بسلام ..والمدن التي تواصل الانين بدأت تصرخ : لماذا نحاسب على جرائم يقترفها الوافدون ..
جميع سكان تلك المناطق يعيشون بين سندان ( داعش ) ومطرقة ( سياسات الحكومة ) التي تعجز عن مساعدتهم مساعدة حقيقية فتمعن في قصف مدنهم وتدميرها أملا في القضاء على داعش ...لعلها معادلة خاسرة تلك التي تفترض القضاء على العدو الخارجي فيصبح الضحية فيها أهل البلد ويكون النزوح المخجل من المدن ( الضحايا ) هو الحل فقط بينما تواصل تلك المدن انينها بين المطرقة والسندان .
بين المطرقة والسندان
[post-views]
نشر في: 22 أغسطس, 2014: 09:01 م