TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > خواطر واحاديث في التاريخ : كشف النقاب عن حياة "مس بيل" العاطفية

خواطر واحاديث في التاريخ : كشف النقاب عن حياة "مس بيل" العاطفية

نشر في: 6 ديسمبر, 2009: 05:19 م

نجدة فتحي صفوة ظهر في فيلم (المسألة الكبرى) الذي اخرجه الفنان محمد شكري جميل مشهد عاطفي بين "مس بيل" و "ليجمان" تقول له فيه: "انت مستحيل... ولا ادري لماذا احبك" وينتهي المشهد بقبلة قصيرة ليوحي بوجود علاقة عاطفية، او قل غرامية، بين مس بيل وليجمان، وذلك امر لم تشر اليه اية دراسة كتبت عنهما، ولا يظهر له اثر في الكمية الهائلة من رسائل مس بيل المشهورة
التي كانت تبعث بها تباعا من بغداد الى ابويها واصدقائها. بل هنالك ـ على العكس من ذلك ـ اشارات تدل على انها لم تكن راضية عن تصرفات ليجمان في العراق، ولا عن اسلوبه في التعامل مع اهل البلاد. فهل كان هنالك مصدر لا نعرفه استند اليه كاتب (سيناريو) الفيلم، ام انه كان من بنات خياله، اضافة رغبة في ادخال عنصر عاطفي كاد الفيلم ـ بحكم موضوعه ـ يخلو من سواه؟ وفي هذه الحالة، لنا ان نتساءل هل يجوز لكاتب (السيناريو) او مخرج الفيلم ان يدخل فيه امرا ليس له اساس تاريخي، وما حدود التصرف المسموح به في الحقائق التاريخية؟ المهم ان مس بيل زارت العراق قبل الحرب العالمية الاولى مرتين، خلال رحلات قامت بها في سورية واسيا الصغرى للتنقيب عن آثارها، وكانت اولاهما في سنة 1909 والثانية في سنة 1911. وفي المرة الثانية قامت بتنقيبات اثرية مهمة في "الاخيضر" نشرت نتائجها في دراسة بعنوان "قصر الاخيضر وجامعه" وهو كتاب ضخم صدر في سنة 1914، وكان اهم ما نشرته مس بيل من دراسات اثرية. وفي سنة 1916 ـ حين كانت الحرب العالمية الاولى في عنفوانها ـ رشحت مس بيل للعمل في "المكتب العربي" في القاهرة، وهو مكتب استخبارات انشأته بريطانيا هناك. وكان رئيس هذا المكتب الجنرال "كلايتن" ومن اعضائه "هوغارث" و "لورنس" و "كورنواليس" الذي اصبح فيما بعد رئيسا للمكتب. وخلال عملها في "المكتب العربي، اوفدت الى (دلهي) بطلب من حكومة الهند التي كانت تعد معجما جغرافيا للبلاد العربية، فرغبت في الاستعانة بما لديها من معلومات وفيرة في هذا الموضوع. فلما انجزت مهمتها طلب اليها ان تمر بالبصرة بطريق عودتها، في مهمة صغيرة، وكانت "الحملة الاستطلاعية البريطانية" قد احتلتها. فكان وصولها الى البصرة، فيما اريد به ان يكون زيارة قصيرة، بداية صلة جديدة لها بالعراق. صلة قدر لها ان تمتد عشر سنوات، وتستمر حتى نهاية حياتها. الحقت مس بيل بهيئة موظفي الاستخبارات العسكرية اولا، وبعد ثلاثة اشهر انضمت الى هيئة سكرتارية السر برسي كوكس، واخذت تقوم بواجبات السكرتير الشرقي. وعلى اثر احتلال بغداد في اذار سنة 1917، وانتقال سلطة الاحتلال اليها، طلب السر برسي كوكس حضورها للعمل معه، فوصلت في 15 نيسان 1917، وكانت في ذلك الوقت في الثامنة والاربعين من عمرها. وليس بين المعلومات المتوافرة حتى الان ما يدل على ان مس بيل كونت علاقة عاطفية باي رجل في العراق، سواء من العراقيين او الانكليز. وعلى الرغم من انها كانت تحضر مجالس الرجال في وقت لم يكن فيه الاختلاط بين الجنسين مألوفا، وكانت لها صداقات كثيرة مع العراقيين والاجانب. بما فيهم الملك فيصل الاول والسيد عبد الرحمن النقيب وغيرهما، فان هذه الصداقات كانت رسمية، ولم تتجاوز علاقات المجاملة والعمل. وكان من اصدقائها (الحاج ناجي) وهو من وجهاء بغداد ومزارعيها، وله بساتين في الكرادة. وكانت مس بيل تزوره في بستانه من وقت لاخر، وقد وصفته في رسالة الى ابيها (مؤرخة في 30/11/1919) بأنه "شخص طيب، ومزارع ممتاز، وصديق مخلص، وكان ما يهمه ان يترك وشأنه، وان يعيش في ظل حكومة محترمة تدعه يجني ثمار تعبه..." وقالت عنه في رسالة اخرى (مؤرخة في 26/2/1922) انه "على طريقته الخاصة ـ من اكثر الرجال الذين اعرفهم حكمة، و (جنتلمان) عظيم. شريف وكريم". اما صديقها الاخر فكان (فائق بك) وهو من وجهاء بغداد ايضا، وله مزارع في (الفحامة). وكان كلا الرجلين بعيدا عن السياسة، لا علاقة لهما بها قط، كما انهما كانا رجلين وقورين متقدمين في السن، وكان من المعروف للجميع ان علاقتهما بالمس بيل اشبه بعلاقة الاب او العم. واضافة الى صداقة مس بيل مع هذين الرجلين، كانت لها (علاقة عمل) مع كثير من رجالات البلد وساسته، بينهم (عبد المجيد الشاوي) الذي كان معروفا بروحه الخفيفة ونكاته فضلا عن علاقاتها مع الانكليز الموجودين في العراق في ذلك الوقت من المنتمين الى القوات المسلحة او الادارة المدنية. ولكن مس بيل عرفت الحب في حياتها مرتين قبل مجيئها الى العراق، وقد انتهت كلتا العلاقتين العاطفيتين الجامحتين نهاية مؤلمة. ولما جاءت الى العراق كانت امرأة قاربت الخمسين من عمرها، ليست فيها مسحة كبيرة من الجمال، ولم يعد للحب او للزواج في تفكيرها او حياتها مكان. الحب الاول كانت مس بيل قد فقدت امها وهي في الثالثة من عمرها. ولما بلغت الثامنة تزوج ابوها ثانية من فتاة جذابة اسمها "فلورانس اوليف" وكانت اخت هذه الفتاة متزوجة من دبلوماسي بريطاني مرموق هو "السر فرانك لاسلز". ولما شبت عن الطوق كانت فتاة تعشق الاسفار، ولذلك كانت الليدي لاسلز ـ اخت زوجة ابيها ـ تدعوها الى زيارتها في العواصم التي يعمل فيها زوجها، فتقضي معهم عطلاتها وقد ز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram