TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الوصيّ ليس حــراً

الوصيّ ليس حــراً

نشر في: 23 أغسطس, 2014: 09:01 م

من المعيب أن يتمسّك المرء بأخطائه ويسعى للتشبث بفشله كلما يخطو نحو تجربة جديدة يراد منها النجاح لصالح عمل وطني تجيّر جهوده باسم المجموعة، فكأنه يجترّ بذلك ذات المسببات المؤدية إلى الإحباط من دون التمهّل لاستكشاف مكامن الخلل والمباشرة بالإصلاح في التجربة اللاحقة.
للأسف لم يثبت لنا اتحاد كرة القدم انه أنسلخ من جلد سلفه، فلم تزل ممارساته وتوجيهاته وتنفيذه لبرامجه الخاصة بالمنتخبات الوطنية (في الأقل) تنمّ عن إصرار عجيب للتمسك بالفشل وعدم إصلاح منظومته الفنية على وجه التحديد التي ستبقى منتخباتنا تدفع أثماناً غالية إذا ما استمرّ مسؤولو الاتحاد في تغافلهم عن ذلك لاسيما أن الكرة العراقية مقبلة على ثلاث مشاركات مهمة (الأسياد 17 وخليجي 22 وأمم آسيا 16) ولا يمكن قبول استمرار مهازل التلكؤات بإعداد المعسكرات والعلاقة المتوترة بين مدربي المنتخبات الوطنية والأندية وضعف القرار الاتحادي في حسم الإشكاليات التي ينبه عنها الإعلام الرياضي والتي لم يزل أعضاء الاتحاد يعدونها سهاماً تسقيطية لدورتهم !
إن المشكلة الكبيرة التي شغلت الوسط الرياضي والإعلامي في الآونة الأخيرة عدم وضوح رؤية مدرب المنتخب الأولمبي حكيم شاكر إزاء برنامجه التحضيري للأسياد وكأنه يريد جميع الأندية أن تخضع لإرادة الملاك التدريبي في أي وقت ليجوب مع اللاعبين برحلات جورجية وانطالية وكورية ويستنفر جميع الجهود الإدارية والمالية والنفسية من اجل المنتخب في حالة خاصة جداً حاولنا أن نجد لها مثيلاً في دول المنطقة التي يمتلك مدربو منتخباتها الحسّ الوطني والشعور الوجداني مثل شاكر تماماً لكنهم يحترمون استحقاقات الأندية والتزاماتها مع اللاعبين ، فالقوانين التي تنظم العلاقة بين النادي واللاعب هي فوق كل اعتبار آخر لأنها مستمدة من نظام البلد نفسه ودستوره ولا يتمكن أي مواطن خرق القانون أو تفسيره أو تغليبه أو تمطيته لمصلحته من دون مصلحة الطرف الآخر.
وبالتالي نحن أمام معضلة ينبغي أن ينتبه اليها اتحاد كرة القدم لنساير الاتحادات المتطورة ولا نبقى ندور تحت تأثير (النخوة والتحدي و.. لاحت رؤوس الحراب) التي دأب اللاعب العراقي على توظيفها ضمن اندفاعه الجيّاش بروحية الاستقتال للتغلب على معاناته المزمنة لأنها تمثل جزءاً متعلقاً بسايكولوجيته الخاصة بالعاطفة والسلوك والإدراك والعلاقات بين الأشخاص لحسم مواجهاته في الملعب ولا تمثل سبباً رئيساً لضمان الفوز، وعليه لابد من تدارك الأمر بالنسبة لمدرب المنتخب ويبرمج إعداده بالتنسيق مع أندية اللاعبين واتحاد الكرة، فتسميته مدرباً للمنتخب لا تعني انه وصيّ حرّ على عناصر التشكيلة ، يستدعيهم متى ما يشاء ويطلق سراحهم حسب قناعته !! أبداً ، أن دوره مرتبط ومكمل تماماً لما بلغه مدرب النادي من مفردات منهاجه التدريبي مع لاعبيه قبل انخراطهم في معسكر المنتخب ، ويجب ان تكون لحكيم شاكر متابعة يومية للاعبيه في جميع الأندية طوال فترة تحررهم منه على أن يباشر المهمة وفق سياقاته ووضعه الفني خلال فترة المعسكر الذي يفترض أن يكون قريباً من البطولة أو الدورة بأسبوعين لا أكثر كما تخطط منتخبات العالم بإشراف لجنة المنتخبات التي يخضع الجميع لسياستها وأطر توجيهاتها ولا يُسمح لرئيس النادي أو مدرب المنتخب التقاطع أو الاجتهاد أو الخلاف مع سياقات اللجنة.
لن نألوا جهداً في دعم مدرب المنتخب الأولمبي حكيم شاكر وملاكه المساعد وأفراد المنتخب باعتبارهم سفراء بلدنا في المحافل الخارجية المرتقبة ، ونعي جيداً أن الانجاز هو حصيلة عمل مخلص ومثابرة ونكران ذات لكن ليس على حساب تخريب برامج الأندية في تعزيز قدرات لاعبيها إلى مستوى يمكنهم من الدخول في منافسات الدوري بثقة وتفاؤل كبيرين، ناهيك عن ضرورة المحافظة على المواثيق المبرمة بين اللاعب وناديه المصادق عليها من اتحاد كرة القدم والخاصة بالموسم الجديد وهذا يعني وجوب تحديد جدول مباريات الدوري الممتاز بصورة لا تتقاطع مع استحقاقات المنتخبات ويُلزم مدرب المنتخب بتنفيذ أجندة التحضير لأية بطولة خلال الفترات المحددة له والمعلنة للجميع، وهكذا نبتعد عن إثارة الأزمات ونحصّن لاعبينا من تشظي العلاقات وانعكاسها سلبياً على المشاركات الدولية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram