TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وماذا عن الميليشيات؟

وماذا عن الميليشيات؟

نشر في: 23 أغسطس, 2014: 09:01 م

بصراحة.. بمنتهى الصراحة، لا أمل في الكشف عن الحقيقة كاملة في ما يتعلق بمجزرة مسجد مصعب بن عمير في منطقة إمام ويس بمحافظة ديالى يوم الجمعة، ولا يقين في تحديد هوية المجرمين الحقيقيين، ولا ثقة في القبض عليهم وتقديمهم الى القضاء، ما دام أمر التحقيق قد أُنيط بضباط في وزارة الداخلية.
التجربة علمتنا ان مئات الجرائم من هذا النوع بقي الفاعلون فيها مجهولين وظلوا طلقاء يواصلون ارتكاب جرائمهم الواحدة تلو الأخرى، لأن التحقيق وُضع في أيدي ضباط الداخلية، والداخلية كما الدفاع والتجارة والثقافة والصحة، وسائر الوزارات من دون استثناء، ليست خارج دائرة الشبهات.. شبهات اختراق الفاسدين والإرهابيين.
مواطنون وقوى سياسية في محافظة ديالى اتهموا ميليشيات بتنفيذ المجزرة التي قتل فيها العشرات من المصلين انتقاماً لعدد من عناصر هذه الميليشيا قتلوا في انفجار مفخخة في المنطقة، ولا مصلحة لأحد في اتهام البريء وتبرئة المذنب.. اما وزارة الداخلية التي أعلنت عن تشكيل لجنة تحقيق من "كبار الضباط" قالت في بيان ان عنصرين من (داعش) كانا على ظهر دراجة نارية فتحا النار على المصلين في المسجد.
لا نتوقع من اللجنة الوزارية تقريرا ختامياً بوقائع مختلفة بعد أن تنجز تحقيقها، فمرتكبو الجريمة لن يسلّموا أنفسهم إلى السلطات ولن يمثلوا أمام ضباط اللجنة ليعترفوا بجريمتهم ويعيدوا تمثيلها أمام المحققين، وبالتالي فان أسهل الحلول، كما حصل كثيراً في الماضي، أن يُلقي المحققون بالمسؤولية عن الجريمة على عاتق (داعش).
لا يمكن أبداً استبعاد أن يكون (داعش) هو المجرم الحقيقي، فقد ارتكب المئات من المجازر الشنيعة في شتى مناطق البلاد، ولم يستثن دور العبادة ولا المدارس ولا المستشفيات ولا الأسواق العامة.. لكن مع وجود اتهامات وروايات ممن يصفون أنفسهم بأنهم شهود عيان، بان الجريمة من صنع إحدى الميليشيات الناشطة في المنطقة، يتوجب تشكيل لجنة تحقيق موسعة ومحايدة.. ولجنة من هذا النوع ينبغي أن تضم، بالإضافة الى ضباط الداخلية، ممثلين عن مجلس النواب (لجنة حقوق الإنسان ولجنة الأمن والدفاع) وعن مفوضية حقوق الإنسان، آخر الهيئات المستقلة المحترمة لنجاحها في الاحتفاظ بقدر من الاستقلالية.
بالطبع لا لجنة الداخلية ولا اللجنة المقترحة ستعيد الأرواح الى الضحايا أو تضمد جراح المصابين أو تخفف آلام العائلات المنكوبة، لكن اللجنة الموسعة المحايدة لابدّ أن تلحظ ان وجود ميليشيات مسلحة عاملة في المنطقة ليس أمراً شرعياً، ويقتضي الأمر منعها وعدم التساهل معها، في الأقل حتى لا تختلط الأوراق، كما هو حاصل الآن.
وجود الميليشيات يتعارض تعارضاً تاماً وصريحاً مع أحكام الدستور، وكما من مسؤولية الدولة التصدي لـ (داعش) وسواه من المنظمات الإرهابية، من واجبها أيضاً وضع حد فوري لظاهرة الميليشيات التي تفشت على نحو منفلت في عهد الحكومة المنتهية ولايتها.
واهمٌ الى أبعد الحدود مَنْ يتصور ان في وسعه بناء دولة أو تحقيق أدنى مستوى من الأمن والاستقرار والتنمية بوجود الميليشيات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. عطا عباس

    ... وبصراحة وبمنتهى الصراحة لا يتأمل العراقيون خيرا من لجان تحقيق منخورة بالفساد والمحسوبية وعدم الكفاءة ، كأحدى الثمار المرة لسياسات قامت على الطائفية وتقريب الاصحاب والأحباب من حزب بعينه معروف حتى للعميان ! ثم لماذا نتفاجئ عزيزي عدنان حسين من حادثة

  2. abu hawraa

    السلام عليكم. هذا الحدث يذكرني بذلك الرجل الذي صافح صديقه بدهشه، وعندما سأله صديقه عن سبب دهشته اجاب لقد سمعت انك مت، فاجابه الصديق لا يا اخي انا حيٌّ والحمد لله، اتكلم معك ويدي بيدك، فاجابه الآخر لا انك ميت لان الذي نقل لي الخبر ثقه وشاهد عيان. لقد افتخر

  3. عراقية

    عصائب اهل الحق هي من منعت داعش من احتلال ديالى طيلة هذه الفترة فهل جزائها اتهامها بقتل المصلين لو كانت لديهم هذه المقدرة لكانت كل المناطق السنية في بغداد تخضع للتفجيرات وليس فقط المناطق الشيعية ..واللبيب تكفيه الاشارة

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram