من حسن حظ العراق أنه كلما اشتبكت عليه الأعصر يلوح له حل في الأفق. لكن سوء حظه، من جانب آخر، ان امره ليس بيده، بل بيد من كأن الله خلقهم خصيصا لإضاعة الفرص. هؤلاء هم "كصة الفكر" الذين سلطتهم الاقدار على مصائرنا.
مع انتهاء العام 2012 وفي قمة الاحتقان السياسي والطائفي ظهرت في الأفق فرصة للحل والانفراج. ترك السنّة أسلحتهم وخرجوا في تظاهرات سلمية حاشدة. في الانبار. قلت عنها انها كانت "فرصة ذهبية للمالكي كي يريح الشيعة" لكنه ضيّعها بدم بارد. وكتبت حين قال دولته عن تظاهرات أهل الأنبار أنها فقاعة "لا والله ستكون طركاعة، لكنها ستطيح على رؤوس أولاد الخايبة وليس على رأسه، وها هي قد طاحت".
لو اغتنمت تلك الفرصة بوعي وعقل راجحين، لما سقط ثلث العراق بيد وحوش داعش. ولا تمكنت سياطهم من سبي الايزيديات وتهجير المسيحيين. ولا جزّت سكاكينهم رؤوس الشيعة والسنة والشبك والتركمان. ولما لبست بغداد ثوب الذعر. ولا حدثت مذابح سبايكر وتلعفر وآمرلي وسنجار.
ومع كل هذا اليأس فاني ما زلت أرى في الأفق فرصة أخيرة تلوح. فرصة لم تولد اليوم بل ولدت من رحم الدستور الذي اقره الشعب العراقي. الأقاليم حق دستوري صريح لا يلفه اللبس او الغموض. ورد ذكر كلمة "إقليم" و "اقاليم" في الدستور حوالي 74 مرة. مع هذا هناك من يتهم بالخيانة كل من ينادي بها!
أجزم، وليس كل الجزم إثم، ان الرافضين لفكرة الأقاليم يعرفون جيدا انها الفرصة الوحيدة والأخيرة أيضا لحل أبدي لمصائب العراق، لكنهم مدمنون على النكد. اول مادة في الدستور تقول ان "جمهورية العراق دولةٌ اتحادية". أي فيدرالية. فكيف صارت باسم بايدن وقد سماها العراقيون بتصويت شعبي؟
آخر قولي ان وطنا تشيده الفيدراليات أفضل ألف مرة من وطن تشيّده الجماجم والدم حتى وإن كان بحجم الكرة الارضية.
من قال إنها "فيدرالية بايدن"؟
[post-views]
نشر في: 24 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
عمر احمد
يجب ان يتحمل الكتاب والمفكورن مسؤولية تنوير المجتمع بفكرة الفدرالية اما سبب انكارها من قبل السلطة فانه سيؤدي الى محو غبار كثيف طالما غطى على فساد مأهول لا يمكن تصوره . أما بالفدرالية فسيبقى المواطنون في كل فدرالية عينهم على جارهم في الفدرالية المجاورة فا