هل تُسفر حرب غزة عن دولة فلسطينية كاملة الدسم تلبي طموحات الشعب الفلسطيني، وتقام على الاراضي المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية، سؤال كبير بات قيد التداول، بعد إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن مفاجاة قال إنه سيطرحها خلال أيام، في رد عملي على ما تقترفه إسرائيل من جرائم بشعة في قطاع غزة، ما دفعه للتلويح بخيارات تستند على قرارات الشرعية الدولية، وتحظى بدعم الدول العربية والصديقة، في مسعى لوقف المجازر وحماية المواطنين، عبر زيادة عزلة إسرائيل وحشرها في الزاوية الحرجة، وبغياب أي قدرة عسكرية لدى السلطة تسمح لها بالمواجهة مع المحتل، فإن من البديهي أن ذلك إن حصل سيكون الاستثمار الأمثل لتضحيات الناس وعذاباتهم في غزة، وهي تضحيات اعتادت الشعوب على تقديمها في اللحظات الاخيرة والحاسمة، في سعيها لبلوغ أهدافها في الحرية والاستقلال.
إسرائيل وقد أخذتها العزة بالإثم لم تتعاط بأقل قدر من الإيجابية مع المرونة الهائلة التي أبداها الوفد المفاوض في القاهرة، وهو يضم أعضاء من حماس وفتح والسلطة، حتى أن أحد أعضاء هذا الوفد أعلن بصريح العبارة، وكتعبير عن الرغبة الصادقة بوقف العدوان وحماية الغزيين، أن الحرب باتت خلفنا، غير أن العقل الصهيوني الشرير كان يعمل في اتجاه آخر، ساعياً لإحداث شرخ في جدار المصالحة الوطنية، التي أفشلت المخططات الإسرائيلية في اللعب على وتر الانقسام، وتجزئة الحل وإطالة أمده، ما يمنح كل المبررات لعباس بالتوجه إلى الأمم المتحدة، متسلحاً بقرار عربي موحد، يحظى بإسناد روسي أوروبي والعديد من دول العالم الصديقة، لدعم التوجه بإقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي المحتلة عام 67، صحيح أن مثل هذه الخطوة تبدو متأخرة لكن الوصول متأخراً خيرٌ من عدم الوصول أبداً.
في التفاصيل المُسربة، ربما لمعرفة موقف حماس، تحدد المبادرة خيارين لحل القضية وإنهاء الاحتلال، وهما خياران متلازمان حيث يقدم عباس مبادرة عربية فلسطينية لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة المستقلة، وفي حال الرفض يكون مجلس الامن الدولي مطالباً بالتدخل، لفرض الحل على أساس قرارات الشرعية الدولية، واضح من حيثيات المبادرة أنها تحظى بدعم مصري، ستتم ترجمته عبر تبني الجامعة العربية لتفاصيلها، خصوصاً وأنها لقيت ترحيباً ودعماً كبيرين من الروس والاتحاد الاوروبي ، فيما تجري اليوم تحركات سياسية ودبلوماسية مكثفة للحصول على أكبر دعم دولي لها، وستبدأ العجلة بالدوران بعد اجتماع منتظر لوزراء الخارجية العرب الأسبوع المقبل لتبنيها والمصادقة عليها.
هناك عاصمتان لابد من جس نبضهما، والحصول على مباركتهما لإنجاح المبادرة، هما واشنطن وطهران، الأولى للضغط على حلفائها في تل أبيب، ومنعهم من التعنت والمكابرة والالتزام بالقتال سبيلاً لإخضاع الفلسطينيين، والثانية لضمان عدم تحريك أدواتها في التنظيمات الفلسطينية، ودفعهم للمناداة بفلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، وفي الحالتين لن يتحقق المطلوب، وبغير نجاح ما تتطلع السلطة الفلسطينية لتحقيقه، في حال استخدام الولايات المتحدة حق النقض في مجلس الامن، فإن الخيار الأمثل سيكون حل السلطة، وتحميل دولة الاحتلال مسؤولية إدارة الأرض المحتلة وتحمل النتائج الناجمة عن الاحتكاك المباشر مع الجمهور الفلسطيني، أما في حال ولادة معارضة فلسطينية للمشروع بدعم خارجي، فإن الأفضل تسليم السلطة للمعارضين ليتحملوا وزر معارضتهم.
هل من نتائج إيجابية لحرب غزة؟
[post-views]
نشر في: 25 أغسطس, 2014: 09:01 م