لو سألتموني عن انطباعي المباشر حول المؤتمر الصحفي الأخير للدكتور حيدر العبادي لأجبت انه كان موفقا. لماذا؟
أولا: لأنه ابتعد عن الإنشاء وخلا حديثه من نبرات الزهو والغرور والإيحاء بأن هناك عدواً خفياً علينا ان ننسى الحياة والخدمات والأمن والأمان وان نطلق العنان للحرامية والفاسدين، ولا نفكر بغير القضاء عليه.
ثانيا: كان متحدثا وليس خطيبا يثقل آذان الناس بمصطلحات و "خنفشاريات" لا نقبض منها حقا أو باطلا.
ثانيا: لم يكن طالب ثأر إذ خلا مؤتمره من الحديث عن بث روح الانتقام من الآخر، دون ان يسميه.
ثالثا: لم اجد في حديثه أثرا لأوهام دونكيشوت الذي تخيل نفسه، يوما ما، انه بطل برؤوس أولاد الخايبة.
رابعا: قال الرجل بوضوح ان صاحب الشيء أولى بحمله. وان على أهل مكة تنظيف شعابها. اسع يا ابن الأنبار والموصل وصلاح الدين لتحرير أرضك من الدواعش والحكومة تعينك.
خامسا: أشعر بأني لأول مرة منذ أربعة عقود، أو اكثر، بان خارطة العراق محاطة اليوم بالأصدقاء وليس الأعداء.
سادسا: في ضوء خامسا أعلاه، أوصل العبادي رسالة واضحة بأن جيران العراق لم يكونوا كما صورهم الذين قبله بأنهم يتربصون بنا "الدوائر". لم يقل الرجل انه سعى لكسبهم أو قدم لهم أي تنازل فهو أصلا لم يباشر عمله الحكومي بعد، بل انهم طوعا باركوا التغيير. ألا يعني ذلك بان العراق محبوب مذ خلقه الله وان من قال انهم يكرهونه قد ضحك علينا وباعنا بضاعة مغشوشة؟
سابعا: أعجبني التسلسل الذي أورد به أسماء الدول التي أشاد بها. وجدت بها "حسجة" تستحق التأمل. فهل تتفقون معي يا أولي الألباب؟
ثامنا: أعجبني أيضا حين تحدث عن ضرورة ان يتجاوز سقف التعاون مع الدول الإقليمية والعالمية الجانب الأمني ليمتد إلى الاقتصادي والشعبي. فعلا نحتاج محبة "شعبية". لقد عانى العراقي، بفعل نزوات الحكام، كثيرا من هذا الجفاء الذي أقل مصائبه تلك الروح المجحفة التي تواجهه عند أي مطار أو نقطة حدودية يقصدها.
تاسعا: كان الرجل بسيطا وواضحا في طرح أفكاره من دون انفعال. يقولون والعهدة على القائل، ان تلك من صفات المهندسين الناجحين الذين "لو اهتموا بالأفكار، يبسطونها ويعطونها جمالاً ويقدمونها بشكل أسرع للفهم".
عاشرا: أخيرا أننا أمام رئيس وزراء يبتسم. ومن يعرف كيف يبتسم، قطعا يعرف كيف يعتذر وكيف يقول شكرا.
على كل حال، ما قلته ليس مجاملة أو مدحا للعبادي بل مجرد انطباع حول مؤتمره الصحفي حصرا. والانطباع، كما الاجتهاد، قد يخطئ وقد يصيب.
رسائل حيدر العبادي
[post-views]
نشر في: 26 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
farid mohamad
تحياتي للجميع.. كيف لا يكون مبتسماً والعراق يطل برئسه حياً من وسط ركام الجثث مدمى واقفاً على ساقيه وينادي أهله ليسعفوه على السير مشياً ولا يلتفت لولاة الظلم الأسود والجريمة البشعة الذين يتبعوا خطواته. فقدوا صوابهم بتشبثهم الممل وأعتوار وأغترار شأنهم..
ابو اثير
أشاركك التفاؤل ياسيدي الشاعر المغترب فيما لو تخلص السيد العبادي من عقدة قياديي حزب الدعوة والنأي بنفسه وشخصه عن سلوك سلفيه الجعفري والمالكي ..ويفتح صفحة جديدة مع الشعب العراقي غير مبنية على الكراهية والحقد والأنتقام.