كتب الزميل هشام السلمان في صحيفة (أسبوع البطل) أمس الأربعاء مقالاً بعنوان (القادمون من المجهول) تناول فيه بأسلوبه المباشر والجريء كيفية إدارة الرياضة اليوم في بلدنا، حيث قال "رياضتنا تلاقفتها أيدي الجهلة والوصوليين والسماسرة والمنتفعين وأصحاب المصالح الشخصية من الحيتان التي كانت لا تقوى على الظهور بكامل رؤوسها ، ولا عجب عندما ترى كل شيء يمشي بالمقلوب فبعضهم يفسّرها أنها دورة الحياة لابد لها أن تكون بهذه الإرهاصات وآخرون يقرّون بهذه الدورة ولكنهم لا يعتقدون أنها للحياة وإنما دورة لشيء آخر ... ربما للمياه "!!
ولم يخلُ مقال الزميل من انتقادات لاذعة لمن يتسيدون المشهد الرياضي تحت مناصب شتى بمظهرهم الجديد وأرصدتهم الكبيرة ويتعاملون بجفاء مع المحيطين بهم أو من يقصدهم متناسين أنفسهم قبل أن يضحك الزمان لهم بعد ان أشبعهم دمعاً وقهراً يوم قضوا أكثر من نصف سني حياتهم مجهولي الهوية يعانون الأمرين بسبب عجزهم عن الحصول على مؤهل علمي أو عمل متميز يعرفهم الناس من خلاله.
وبعد أن أنهيت قراءة مقال أخي هشام، استخلصت حقيقة لا غبار عليها، إن كل من تنطبق عليه التوصيفات التي أوردها زميلنا بحقهم يصح تسميتهم (القادمون من المعلوم) .. لماذا ؟ لان الهيئات العامة المخولة بالتصويت حصراً للانتخاب هي من أهدتهم حلم العمر للتحول إلى وضع معيشي جديد بفضل منافع المناصب التي طابت لهم مقاعدها وربما لن يغادروها بعد أكثر من ثلاث دورات انتخابية مثلما هناك اتحادات لم تزل عمومياتها تصوّت بـ(الوراثة) لذات الشخوص منذ مطلع الألفية الثالثة!!
لهذا عزيزي السلمان لا تغيير في واقع الرياضة إلا بتغيير لوائح ونظم تشكيل الهيئات العامة وهي مشكلة كبيرة لن تحل بسهولة طالما أن المعنيين بكتابة اللوائح يحبذون بقاء النظام الداخلي نفسه لأنه يُبقي العمومية ضعيفة ومسيّرة ومؤمَّنة من أصحاب الانقلاب برسم مصلحة الرياضة مثلما ستتهم غداً على مقالك هذا بأنه مكتوب بالمقلوب ولا يصلح في هذا الزمان الذي يتكيفون معه ويجذبون حولهم من يشبهونهم في التصرف والسلوك المستمدين من حقب الضياع في دروب الفاقه ومجاهيل الحياة المقرفة.
يقيناً أن رياضتنا بعد ثلاث دورات أولمبية مازالت تمسك بعصا التوازن على خيط متهرىء آيل للانقطاع في أية لحظة تتلمس فيه خطوات الحذر بسبب إهمال هؤلاء (النكرات) كما سماهم السلمان لعنصر الثقة بالنفس المبني على العلمية لأنها ركن أساس من تقدم الرياضة في أي بلد فكيف الحال وهناك من يحارب أصحاب الكفاءات والشهادات العليا لأنه بالكاد عرف كتابة اسمه واشترى لنفسه شهادة مضروبة من المال الحرام لكنه هيهات يستطيع امتلاك (الثقافة) ولو بكنوز العالم فهي الإيقونة الأغلى للإنسان الطموح والسوي في علاقاته مع الناس والمُدرك بإحساس عالٍ لأية حركة يقوم بها أو كلمة يطلقها من عقل راجح أثناء احتكاكه مع شرائح مختلفة من المجتمع.
وعليه عزيزي السلمان لا أخفيك تشاؤمي من مستقبل الرياضة في ظل وجود هكذا نوعية من هواة الصعود السريع والمتسلقين عبر نوافذ العلاقات المدمرة للنظم والضوابط والاستحقاقات المفروض إيجادها للمفاضلة بين الصالح والطالح ، الحسن والرديء ، النزيه والحرامي، الحكيم والمتهور فكل شيء يمكن أن يتكيّف مع وظيفته ويتدرّج فيها من الصفر إلى قمتها إلا الرياضة إذا لم يكن الشخص ممارساً لها ومحباً ومحترماً لقوانينها وروح التعايش النظيف مع أجوائها يبقى طارئاً بين مجلسها وبليداً في التفاهم لحلقات تطويرها وغير مدرك لخطورة الإهمال لمتابعتها.
أن هناك كرماء في العطاء لبلدهم لم ينسوه في أحلك ظروفهم وقدموا تضحيات كبيرة من اجل ميدالية أو كأس أو مركز يليق به لم ينتظروا أي مقابل ، بل ماتوا على فراش الفقر متباهين بما صنعوه، على العكس من حيتان العصر في بحور الرياضة فإنها تأكل من جميع الضفاف ولن يهزها تلاطم الأعاصير وخراب الأمكنة!
السلمان يكتب بالمقلوب
[post-views]
نشر في: 27 أغسطس, 2014: 09:01 م