صحف محلية نشرت مؤخرا برقيات تهنئة موجهة إلى رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي تبارك له توليه المنصب الجديد مع تمنيات بتحقيق النجاح ، البرقيات كانت موقعة بأسماء مديرين عامين ، في العديد من وزارات الحكومة المنتهية ولايتها ، وبغض النظر عن النيات الحسنة الصادقة ، فإنها تعبر أو ربما توحي، عن رغبة أصحابها في البقاء بمناصبهم ، والسير في ظل الراية الخفاقة وتجديد العهد لخدمة الشعب العراقي.
"إلى دولة رئيس الوزراء المكلف " بهذا الاستهلال احتلت إعلانات التهنئة الصفحات الأولى من الصحف المحلية ، وهي بلا شك مدفوعة من ميزانية الدائرة الرسمية وليس من أموال مديرها العام ، وحين يتم إعلان تشكيل الحكومة الجديدة ويصادق عليها البرلمان، سيتم نشر برقيات تهنئة أخرى تبارك لدولة الرئيس العبادي توليه منصبه رسميا ، ويرافق ذلك التوجه إلى المنطقة الخضراء وحمل باقات الزهور وتقديم أسمى التبريكات لرئيس مجلس الوزراء ، وباسم المديرية الفلانية وفي مقدمتهم مديرها العام يعلن المنتسبون استعدادهم لتقديم الغالي والنفيس لدعم حكومة العبادي، وبهذه المناسبة سيلتقط المدير مع العبادي صورة تذكارية ، ثم يعمم أمرا بوضع الصورة الجديدة في استعلامات الدائرة وأقسامها ، وإزالة الصورة القديمة أو التبرع بها لبائع الشاي ليستخدمها مظلة للمراجعين .
تقديم التهاني للمسؤولين عبر نشرها في الصحف ، تقليد سائد في الدول العربية وخاصة الخليجية ، وهي توفر للصحف موارد مالية كبيرة ، وهناك جهات وشركات تأخذ على عاتقها هذه المهمة ، مقابل استيفاء نسبة من مبلغ الإعلان ، وفي العراق كان يتولى النشاط مندوبو الإعلانات يقومون بجولات ميدانية تشمل المحاكم ودوائر الطابو والبلدية والأحوال المدنية لاستحصال الإعلانات فضلا عن أخبار التعازي والوفيات وتقديم الشكر للأطباء ونشرها بالصحف اليومية ، ويكون المندوب ملزما بإيصال نسختين من الجريدة إلى صاحب الإعلان لإنجاز معاملته الرسمية .
في سنوات رفع برقيات تجديد عهد البيعة والولاء للقيادة الحكيمة ، وعلى الرغم من قلة الصحف، اتسع نشاط مكاتب الإعلانات ، ومع صدور مئات الصحف من جهات حزبية ودينية ومنظمات ، ازداد الطلب على نشر الإعلان ، وخاصة في مواسم إجراء الانتخابات التشريعية والمحلية ، والمناسبات الخاصة بالمسؤولين الكبار كتقديم التعزية لوفاة الحاجة أم الوزير ، أو التهنئة بعقد قران نجل صاحب المعالي .
مطلع عقد الخمسينات توجه كبير مالكي الأراضي في لواء الناصرية إلى احدى نواحيها لتقديم التهنئة لمديرها الجديد ، وكان بصحبة" المحفوظ " رئيس الوفد بعض رجال عشيرته ، تم اختيارهم لامتلاكهم أحذية ، ولابأس من استعارتها بشكل مؤقت ليظهر الوفد بشكل يليق بمقام المسؤول ، وأثناء الحديث سمع صوت اطلاق نار تبين بعد دقائق بانه صادر من بندقية شرطي كلف بمراقبة " العجل " هدية الوفد إلى المدير ، واثر ذلك شارك أعضاء الوفد مع عناصر الشرطة في مطاردة العجل الهارب ، وانتهت العملية بإعادته إلى موقعه في فناء قريب من نافذة غرفة مدير الناحية ، ولغرض التوضيح ولتفادي اللبس حدثت قصة العجل قبل شيوع استخدام الإعلانات لتقديم التهاني لكبار المسؤولين!
إعلانات تهنئة
[post-views]
نشر في: 27 أغسطس, 2014: 09:01 م