TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إعلانات تهنئة

إعلانات تهنئة

نشر في: 27 أغسطس, 2014: 09:01 م

صحف محلية نشرت مؤخرا برقيات تهنئة  موجهة إلى رئيس  الوزراء المكلف حيدر العبادي تبارك له  توليه المنصب  الجديد مع تمنيات  بتحقيق النجاح ، البرقيات  كانت موقعة بأسماء  مديرين عامين ، في العديد من وزارات الحكومة المنتهية ولايتها ، وبغض النظر عن النيات الحسنة الصادقة  ، فإنها تعبر أو ربما توحي، عن رغبة أصحابها في البقاء بمناصبهم  ، والسير  في ظل الراية الخفاقة وتجديد العهد لخدمة الشعب العراقي.
"إلى دولة رئيس الوزراء  المكلف " بهذا الاستهلال  احتلت  إعلانات التهنئة الصفحات الأولى من الصحف  المحلية ، وهي بلا شك مدفوعة من ميزانية الدائرة الرسمية وليس من أموال مديرها العام ، وحين يتم إعلان تشكيل الحكومة الجديدة ويصادق عليها البرلمان، سيتم نشر برقيات  تهنئة أخرى تبارك لدولة الرئيس العبادي توليه منصبه رسميا ، ويرافق ذلك التوجه إلى المنطقة الخضراء وحمل باقات الزهور وتقديم أسمى التبريكات لرئيس مجلس الوزراء ، وباسم  المديرية الفلانية وفي مقدمتهم مديرها العام يعلن المنتسبون استعدادهم  لتقديم الغالي والنفيس لدعم حكومة العبادي، وبهذه المناسبة سيلتقط  المدير مع العبادي صورة تذكارية ، ثم  يعمم  أمرا  بوضع الصورة الجديدة  في استعلامات الدائرة   وأقسامها ، وإزالة الصورة القديمة أو التبرع بها لبائع الشاي ليستخدمها مظلة للمراجعين .
تقديم التهاني للمسؤولين عبر نشرها في الصحف ، تقليد سائد في الدول العربية وخاصة الخليجية ، وهي توفر للصحف موارد مالية كبيرة ، وهناك جهات وشركات  تأخذ على عاتقها هذه المهمة ، مقابل استيفاء نسبة من مبلغ الإعلان ، وفي العراق كان يتولى النشاط مندوبو الإعلانات يقومون بجولات ميدانية تشمل المحاكم ودوائر الطابو والبلدية والأحوال المدنية لاستحصال الإعلانات فضلا عن أخبار  التعازي والوفيات وتقديم الشكر للأطباء ونشرها بالصحف اليومية ، ويكون   المندوب ملزما بإيصال  نسختين من الجريدة إلى صاحب الإعلان لإنجاز معاملته الرسمية .
في  سنوات رفع برقيات  تجديد عهد البيعة  والولاء للقيادة الحكيمة ، وعلى  الرغم من قلة الصحف، اتسع نشاط مكاتب  الإعلانات ، ومع صدور مئات الصحف من جهات حزبية ودينية ومنظمات ، ازداد الطلب على نشر الإعلان ، وخاصة في مواسم إجراء الانتخابات التشريعية والمحلية ، والمناسبات الخاصة بالمسؤولين الكبار كتقديم التعزية لوفاة  الحاجة أم الوزير ، أو  التهنئة بعقد قران نجل صاحب المعالي .
مطلع عقد الخمسينات توجه كبير مالكي الأراضي في لواء  الناصرية إلى احدى نواحيها لتقديم التهنئة لمديرها الجديد ، وكان بصحبة"  المحفوظ " رئيس الوفد  بعض رجال عشيرته ، تم اختيارهم  لامتلاكهم  أحذية ، ولابأس من استعارتها  بشكل مؤقت ليظهر الوفد بشكل  يليق بمقام المسؤول ، وأثناء الحديث  سمع صوت اطلاق نار تبين بعد دقائق بانه صادر من بندقية شرطي كلف بمراقبة "  العجل " هدية الوفد إلى المدير ، واثر ذلك شارك أعضاء الوفد مع عناصر الشرطة  في مطاردة العجل الهارب ، وانتهت العملية بإعادته إلى موقعه  في فناء قريب من نافذة غرفة مدير الناحية ، ولغرض التوضيح  ولتفادي اللبس حدثت قصة العجل قبل شيوع استخدام الإعلانات  لتقديم التهاني لكبار المسؤولين!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram