لم يتوقف زعيم الحوثيين في اليمن عبدالملك الحوثي، عند إفشال الاتفاق مع الحكومة، مُستغلاً انشغالها بالقتال المستعر، بين الجيش وتنظيم القاعدة في عدة مواقع من البلاد، فرفع نبرة التحدي داعياً أنصاره إلى الاستمرار في محاصرة العاصمة، مُهدداً بخطوات لاحقة قال إنها ستكون أكثر إيلاماً وإزعاجاً، فيما اعتبره المراقبون تلويحاً بتجويع صنعاء، عبر منع وصول الإمدادات الغذائية إليها، فيما يستمر توافد آلاف من أنصاره إلى مداخل العاصمة، مستحدثين مخيمات جديدة عند مداخلها الشمالية والشرقية، استعداداً للمرحلة الثالثة من التصعيد، ما دفع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، لاعتبار أن التوتر الحالي هو الأكثر إثارة للقلق، منذ بدء العملية الانتقالية قبل ثلاثة أعوام.
الرئيس اليمني اتهم الحوثيين بدغدغة مشاعر العامة، عبر مطالبهم التي تخفي أجندة مشبوهة، وشدد أن محاصرة صنعاء بحشود قبلية مسلحة، فرض واقعاً مرفوضاً شعبياً وسياسياً ووطنياً وإقليمياً ودولياً، وأكد أن لا مجال للخروج عن الثوابت الوطنية، أو التمرد على مخرجات الحوار الوطني الشامل، والأكثر أهمية أنه شن هجوماً حاداً على إيران، واتهمها بدعم الحوثيين ومحاولة مقايضة صنعاء بدمشق، وكشف أن طهران تتدخل في شؤون اليمن بشكل كبير جداً، وهناك أربع قنوات تابعة لها تعمل ضد اليمن، ومستشارون إيرانيون للحوثي، ما قد يحول البلاد إلى ساحة صراع إقليمية ودولية بدأت بوادرها بتلقيه اتصالات من عواصم غربية وعربية ومعها مجلس الأمن، تدين تصرفات الحوثيين، وتؤكد أن لا مجال لأي تمرد ضد الإجماع الوطني المتمثل في مخرجات الحوار الوطني الشامل.
في الظاهر أن الرئيس يمتلك أوراق قوة تدفعه للتشدد، فهو يشترط على الحوثيين، قبل أي عودة إلى التفاوض، الانسحاب من عمران ووقف إطلاق النار في محافظة الجوف مع القبائل، ورفع مخيماتهم المسلحة المُحاصرة لصنعاء، في حين يبدو أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح لم يفقد الأمل بدور سياسي، فأصدر حزبه مبادرة تتضمن إقالة الوزارة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تنهي التوتر في كل المحافظات، وتخفض سعر الوقود ليصبح بسعر الكلفة التي يُستورد بها، بينما تتهم أطراف حكومية جماعة الحوثي، بإخفاء أهداف مبطنة، وأن غايتها تفجير الأوضاع أمنياً، ومنع وصول الإمدادات الغذائية إلى العاصمة تمهيداً لإسقاطها، ما يعني مزيداً من التوتر ينذر بمواجهات وشيكة.
الرئيس اليمني يختصر الأزمة المحتدمة في بلاده بالإعلان أن هناك أجندات مخفية ومشبوهة وراء تحركات الحوثيين، وجاء الكشف عن هذه الحقيقة المعروفة عند كل المتابعين لأوضاع اليمن، غداة الإعلان عن رفضهم توقيع اتفاق ينهي الأزمة التي تتفاعل في البلاد منذ أسابيع، وتوجت بفشل حوار اللجنة الوطنية معهم، فانعقدت اللجنة الأمنية والعسكرية العليا لتدارس الموقف الأمني في ضوء التطورات الجديدة، والتحديات الأمنية التي تفرضها تحركات الحوثيين، وأكد الرئيس أن يافطاتهم وشعاراتهم، ليست غير دغدغة لمشاعر وعواطف الشعب، ومُسكنّات كاذبة تخفي وراءها مرامي وأهدافاً أخرى، وفي تلميح أقرب إلى التصريح بشأن الانتماء الطائفي للحوثيين، أشار إلى أن اليمن يتعايش منذ آلاف السنين في وئام بين جميع الطوائف والمذاهب.
حتى المقربون من الحوثيين يصفون المحادثات معهم كمن يبني قصوراً من رمل، وإذ نقف ضد رفع أسعار أي سلعة في اليمن، ونؤكد مسؤولية الدولة عن توفير حاجات الناس عبر دعم بعض المواد الضرورية، فإن منطق الأمور يستدعي مناقشة دوافع صنعاء في خفض دعم الوقود، بدل التعنت والإصرار على إلغاء القرار على الفور، وكأن الأمر "عنزه ولو طارت"، ما يؤكد أن الحوثيين يستغلون المسألة الاقتصادية لتحقيق أهداف أخرى ستكشفها الأيام القادمة.
الحوثيون و "عنزه ولو طارت"
[post-views]
نشر في: 29 أغسطس, 2014: 09:01 م