كنت قرأت ذات يوم في بعض ما ينشر على المواقع : بأنك إذا أردت أن تعرف أحوال الناس في البلاد التي أنت قاصدها، أدخل حمامات منافذها الحدودية، لتعلم أي البلاد العربية الإسلامية هذه، وتمادى أكثر قائلاً: بان معظم حمامات منافذ الحدود في بلدان شرقنا هذا وسخة، قذرة، مهجورة، ليس فيها أبسط مقومات النظافة والسلوك المتمدن. مع ان ديننا الإسلامي أولى قضية النظافة اهتماما كثيرا .تذكرت هذه وأنا ادخل منفذ الشلامجة الحدودي متجولا، بصحبة عدد من أعضاء الحكومة المحلية في البصرة وعدد من الإعلاميين. أقول هذه لكي لا يتجنى علينا أحد في ما نذكر ونأتي عليه.
في البدء، كنت سعيدا جداً حين شاهدت، مارا بالسيارة، بعض الشبان من سكنة قضاء شط العرب، يسبحون، فرحين في القناة الاروائية التي كثر الحديث عنها، والتي يؤمِّل سكان الفاو وصولها اليهم قادمة من نهر البدعة، قرب الناصرية مارَّة بقرية كتيبان، عابرة الشط الكبير باتجاه قرية ابو فلوس، في رحلة طويلة تقدر بـ 180 كلم، حيث تنقل الماء الحلو العذب إلى الفاو، وهي سعادة ما بعدها سعادة بالنسبة للسكان هناك. لكن السعادة تضاءلت شيئا فشيئا على الطريق المؤدي إلى الشلامجة، فقد قصمت ظهره وخسّفته آلاف الشاحنات القادمة من دولة إيران محملة بآلاف الأطنان من المواد المختلفة، بعد تعطل الميزان منذ ستة أشهر، وعدم قيام الجهات في المخفر الحدودي بتصليحه. وهنا تساءل احد أعضاء المجلس قائلا: أيعقل بأن منفذا حدوديا مهما، يزوّد ميزانية الدولة بمليارات الدنانير سنويا تعجز الجهة المسؤولة عنه عن دفع مبلغ 16 مليون دينار لتصليحه؟ لم يكن السؤال بريئا إلى الحد الذي يعني فيه، ترى لماذا لم تقم الجهة بتصليحه، وهل من علاقة غامضة بين الإبقاء على الميزان عاطلاً وبين التخسفات على الطريق، وبين الجسر المقام على شط العرب، جسر خالد، وبين (الحديدة) المقامة عليه، والتي من شانها منع مرور الحمولات العالية. أسئلة نعرف الإجابة عليها مثلما تعرف الحكومة المحلية لكنها مبهمة عند حكومتنا الفدرالية المشغولة بمشاكلها (صلاحيات المنافذ بقيت اتحادية).
كنت قبل عام ،وقفت على الخط الأحمر الذي يفصل جهتنا الحدودية، جنوبي غربي العراق عند دولة الكويت مقارنا بين الحالين في الدولتين وقد خلصت إلى المأساة التي هنا بالقياس إلى التي هناك، على خط شبه وهمي رسم على الأرض تختلف عنده أحوال الناس، التي تسوء وتتردى هنا وتتحسن وتتجمل هناك، واليوم أقف بين نقطتي جنوبي شرقي العراق عند مركز الشلامجة، حيث تتكر عندي المأساة ذاتها، وانا أشاهد الرداءة والسوء والقبح كله هنا، وأنا أتصفح وجوه الداخلين والخارجين وهي تفصح عن تذمرها وشكواها من كل ما في المركز الحدودي. لم يكن اللواء صدام الشبيبي مدير المركز أقلنا تذمرا، فقد اشتكى للحكومة المحلية من تلكؤ الشركتين اللتين رست عليهما مناقصة تنفيذ بناية المركز الجديد قبل 7 أشهر، ولم تقم بأي عمل يدل على نيتها الشروع بالعمل ، سوى من إبقائها على جرافة قديمة عاطلة، يحدثنا بعض الموظفين عن صفقة تمت بين الحكومة الفدرالية وبين إدارة الشركتين. الحديث كان هامسا لكنه لم يتجاوز الغزل الذي كان قائما بين إدارة مكتب رئيس الوزراء وبين مقاولين من جهة ما.
لا نجد عبقرية كبرى في بناء مبنى يعمل على إدارة دخول وخروج المسافرين والبضائع على نقطة حدودية في الشلامجة أو سفوان او في أي منفذ حدودي آخر، مثلما لا نجد عبقرية في وجود تعامل حضاري مدني داخلهما، لأن قضايا مثل نظافة الحمامات او تسهيل معاملة سائح، زائر، ووجود ميزان شاحنات البضائع، وعربات نقل حقائب المسافرين ووجود عمال خدمة غير شحاذين، وأجهزة تبريد المبنى مع كهرباء متصلة غير منقطعة، مع انضباط في المواعيد وطرق مرور مؤشرة باسهم للخروج والدخول وتفاصيل لا تتجاوز هذه ليست من أعمال التعجيز او الاستحالة. لكن بقاء هيمنة الحكومة الفدرالية وعجز الحكومة المحلية عن المعالجة نتيجة ذلك سيُبقي على أحوال منافذنا كما هي، حيث المباني هناك لا يمكن وصفها إلا بانها تصلح كمناطق للعزل والحجر الصحييّن.
مشاهدات زائر لمنفذ الشلامجة
[post-views]
نشر في: 30 أغسطس, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...