TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إنـذار منتظر!

إنـذار منتظر!

نشر في: 31 أغسطس, 2014: 09:01 م

استوقفني تصريح الأمين العام للجنة الأولمبية الوطنية د.عادل فاضل بتنبيه الاتحادات الرياضية كي تحذو حذو اتحاد العاب القوى الذي قدم لنا البطل منتظر فالح في فعالية قفز الزانة، عاداً ما تحقق بأنه انجاز باهر يدق ناقوس الخطر على الجميع ، وليصبح تكرار الانجاز في لعبة أخرى "بمفهوم الدكتور" ضرورة مُلحة !
يعلم د.فاضل قبل غيره أن تاريخ الانجاز في الرياضة العراقية لا يستند على أسس أو ستراتيجية طويلة الأمد كالتي تعدها الدول الأوروبية ذات السجل الذهبي في هكذا فعالية مهمة تحتاج إلى إنماء مستمر للياقة البدنية والتأهيل النفسي لاجتياز ارتفاع لا يستهان به وكذلك التدريب تحت إشراف خبير مارس اللعبة سابقاً ولديه تجربة على الأقل تحدى خلالها منافسيه في البطولات المهمة، في حين أن عملية تسمية المدربين لفعاليات العاب القوى تحديداً تخضع لضغوط العلاقات والمحاباة لتسمية فلان وعلان ممن شاركوا سابقاً في بطولات آسيا وهي تمثل أقصى طموحاتهم آنذاك في ثمانينات القرن الماضي، في حين إن رقم منتظر الذي حققه اليوم 5.5م يمثل رقماً عادياً لأبطال أوروبا وأميركا في الحقبة نفسها بدليل أن الفرنسي رينو لافيلني حقق في بطولة أوكرانيا شباط الماضي رقماً قياسياً 6.16م كسر به رقم البطل الذهبي الأوكراني سيرجي بوبكا 6.15م عام 1993 في البطولة ذاتها.
العالم اليوم لن ينتظر طويلاً لبزوغ نجم مثل منتظر كل عقدين من الزمن، التنافس على أشدّه في كل بطولة لقهر الزمن وإطلاق الإمكانيات وصناعة الأبطال، هناك في أوروبا يستثمرون الدقيقة لإعداد أفضل برامج التدريب والاستفادة من المعسكرات لاختيار قدرات اللاعبين على الوصول إلى مشارف الانجاز، بينما لدينا اتحادات تنام أربعة أعوام كاملة ثم تستفيق بشهرين قبيل انطلاق الدورة الأولمبية أو الآسيوية وتقضي بقية السنين ما بين بطولة ترويحية لتمطية الأجسام على رمال الشواطىء وبين تجمعات شكلية في معسكرات داخل كلية التربية الرياضية أو المحافظات او دولة قريبة !
ما ينتظره منتظر ليس المال والسيارة ومديح الإعلام الذي سيسخط عليه مع أول تراجع لرقمه في بطولة عادية لا سمح الله ، بل يجب أن توفر له منحة دراسية في دولة أوروبية يستفيد من الاحتكاك بأبطالها في الزانة وتصقل مهارته على يد مدرب عالمي يعرف كيف يقوده إلى منصة التقليد الأولمبية في ريو دي جانيرو 2016 فضلاً عن دراسة واقعه الاجتماعي ومدى تأثيره على نفسيته التي تعد قاتلاً أحياناً لرغبة التواصل في اللعبة في حال بقي منتظر يعاني الأمرين تحت سياط الظروف القاهرة.
إن إنذار منتظر ليس موجهاً إلى الاتحادات بالرغم من أهميته، بل الحقيقية إن الاولمبية معنية به بشكل مباشر وهي مطالبة أن تتصرف بمسؤولية وتسعى للقفز فوق حاجز عملها الروتيني البائس الذي تسببت به آليات العمل المفرغ من الإبداع والتجديد وروحية التوثب لتغيير أنماط التعامل مع متطلبات اكتشاف الأبطال وكيفية ديمومة مناهج الرقي بفعالياتهم وزيادة حصص التدريب التي تكاد تصبح (ضحكاً على الذقون) بعدما أطلعتنا التجارب العالمية اليوم عن أداء الرياضي الأولمبي تدريباته بقدر ساعات نوم الرياضي في بلدنا وهذا هو المؤشر الخطير الذي يفترض أن تعالجه اللجنة الاولمبية وتخصص له الوقت الكافي لاستحداث دراسة وافية عن أسباب حصول الطفرات البعيدة في تاريخ الانجاز للرياضة العراقية التي لم تزل تقبض على برونزية عبد الواحد عزيز منذ دورة روما عام 1960 حتى الآن من دون أن تكون هناك ميدالية (توأم) لها برغم إن ما أنفقناه من مليارات الدنانير منذ عام 2003 على ثلاث دورات اولمبية أثينا 2004 وبكين 2008 ولندن 2012 وخرجنا خالي الوفاض يعد كافياً لكينيا مثلاً على غزو جميع الصالات والملاعب المفتوحة بالانجازات الإعجازية !
نتمنى أن يترجم الأمين العام د.فاضل شعار (الأولمبية الراعية لرياضة الانجاز العالي) فعلاً ، ونحن لدينا الثقة الكاملة بما يقوله الرجل بدافع توفير الدعم المعنوي للأبطال وحثّ الاتحادات للاهتمام بهم من خلال تنسيق جهود الطرفين في تهيئة أفضل سبل التحضير الخارجي وتحديد المعسكرات الضامنة لوصول البطلين الشابين منتظر فالح وكرار محمد صالح للحدود المشجعة على التنافس العالمي في السنين الخمس المقبلة ، وإلا تبقى نواقيس الإنذارات تقرع ولا تفزع في وسط رياضي غطّ في النوم كثيراً ، والكسل عنده ألـذ من العسل ّ!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram