حازم مبيضين لا يمكن النظر لرفض حركة حماس مساعي منظمة التحرير لترسيم حدود الدولة الفلسطينية, عبر التوجه إلى مجلس الأمن الدولي, واعتبارها دعم مشروع القرار السويدي الذي يناقشه الاتحاد الاوروبي إفلاساً سياسياً, إلا باعتباره مناكفة ليست في محلها, لأول موقف إيجابي عملي تتخذه المجموعة الاوروبية لصالح إنشاء الدولة الفلسطينية,
رغم أن حماس قبلت مبدأ الدولة الفلسطينية على حدود 1967 عندما دخلت وثيقة الوفاق الوطني, لكنها اليوم تتخفى برفضها قائلة, إن ذلك كان على مبدأ عدم الاعتراف بإسرائيل, والمستغرب أن تعلن حماس اليوم وبعدمية شديدة الوضوح عدم إيمانها بحل الدولتين, وبالدولة الفلسطينية المقترحة, وترفض الاعتراف باسرائيل, وتأسيساً على كل هذه اللاآت, فانها ترى أن ترسيم الحدود عملية من دون معنى, وليس لها أي رصيد, ولا حقيقة على الأرض. في الجهة المقابلة, فان الواضح أن السلطة الفلسطينية التي بدأت حملة دبلوماسية في العواصم الأوروبية للترويج للوثيقة السويدية, التي تقترح إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية, تتعامل مع هذه المبادرة بروح إيجابية عقلانية, وبفهم حقيقي لموازين القوى السائدة, وتبتعد عن الشعاراتية التي أوصلت الشعب الفلسطيني إلى حالته الراهنة, وهي لذلك تعتبر اعتماد الوثيقة السويدية في الاتحاد الأوروبي أولوية لنشاطها الدبلوماسي المكثف, وتدعو الأمة العربية إلى حشد قوتها وتنشيط دبلوماسيتها, لمساندة الدعم الأوروبي للاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية, وباعتبار أن نجاح هذه الخطوة يمثل منعطفاً تاريخياً شديد الاهمية. تذرع حماس وهي تعلن رفضها بأن الطرح السويدي ليس أكثر من خطوة نظرية, لن يكون هناك تجاوب إسرائيلي معها, وأن آلية تقديمه فى حال تمريره بالموافقة عليه لن يكون ملزماً للجانب الإسرائيلي, لايعدو كونه ذراً للرماد في العيون, لأن الأمر الأكثر وضوحاً هو أن هذا الرفض يأتي لمواجهة قبول السلطة وترحيبها, وربما كان لتزامنه مع احتفالات حماس بذكرى انطلاقتها أثر كبير في الرفض, فهذه أيام تستحق أن تظهر فيها هذه الحركة أقصى حالات التشدد, رغم أنها تتفاوض مع الدولة العبرية علناً ومن خلال الوسطاء المصريين والالمان, لإطلاق سراح الجندي الاسرائيلي المختطف جلعاد شاليط, والذي تتحدث الانباء عن أنه وصل القاهرة سراً, تمهيداً لاعلان الاتفاق على صفقة الافراج عنه. تتجاهل حماس أن الطرح الاوروبي المتقدم يأتي في وقت تراجعت فيه المواقف الاميركية, بعد أن رضخت إدارة أوباما الديمقراطية لتعنت حكومة اليمين الاسرائيلي بشأن الاستيطان الذي تتعاظم مخاطره يومياً, لكن المدهش أن رفض هذه الحركة يتطابق مع الرفض الاسرائيلي الذي يعي خطورة الخطوة الاوروبية المتقدمة في مجال الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني, والسؤال هنا عن ما يبدو تطابقاً في المصالح بين حماس واليمين الصهيوني, والتقائهما على رفض التحرك الاوروبي, وهل يبدو معقولاً وقابلاً للفهم أن تضع الحركة الاسلامية مصالحها التنظيمية في موقع الأولوية, ولو كان ذلك على حساب عذابات شعبها, وهل تترك أمة العرب السلطة الفلسطينية تتصارع وحيدة مع تعنت نتنياهو, ومناكفات حماس, وتراجع الاميركيين عن مواقفهم التي بدت في مرحلة ما متفهمة قليلا لطبيعة المعضلة الفلسطينية؟
خارج الحدود: حماس إذ تناكف السلطة
نشر في: 6 ديسمبر, 2009: 06:24 م