TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > أي ترياق ينفع الدولة الإسلامية ؟

أي ترياق ينفع الدولة الإسلامية ؟

نشر في: 31 أغسطس, 2014: 09:01 م

الولايات المتحدة تقصف أهدافا في العراق من الجو ، و هي فاعلة على الأرض من خلال وجود المئات من قواتها الخاصة، و تستطلع أهدافا لقصفها في سوريا .  من هو العدو الذي تهاجمه الولايات المتحدة الآن ؟ من خلال الحكم على المناقشات السياسية التي تجري داخليا

الولايات المتحدة تقصف أهدافا في العراق من الجو ، و هي فاعلة على الأرض من خلال وجود المئات من قواتها الخاصة، و تستطلع أهدافا لقصفها في سوريا . 

من هو العدو الذي تهاجمه الولايات المتحدة الآن ؟ من خلال الحكم على المناقشات السياسية التي تجري داخليا ، فان الجواب ببساطة هو " في الحقيقة نحن غير متأكدين تماما" . هذه الحقيقة تسلط الضوء على البعد المذهل لظهور و قوة الدولة الإسلامية. هناك القليلون من خارج قيادتها ممن يعرفون الكثير عنها و عن ستراتيجيتها و أهدافها الفعلية . ما يعرفه الجميع هو اننا نواجه مجموعة شريرة عنيفة مكونة من عشرات الآلاف من الرجال اقتطعت لنفسها قاعدة إقليمية في منطقة شمال شرق سوريا و شمال غرب العراق ، و انها مستمرة في القيام بغزوات عسكرية محدودة في المناطق الواقعة على أطراف الأراضي التي تسيطر عليها في كلا البلدين .
الجدل يتركز اليوم حول على من نلقي اللوم في السماح بتطور ظاهرة الدولة الإسلامية و تهديدها، و الى أي مدى ستتوسع ، و حجم الدعم الذي تتمتع به من البلدان التي لم تستولِ على مناطق فيها ؟
كل هذا يعتبر مهما ، الا ان الجانب الأكثر رعبا لظاهرة الدولة الإسلامية هو ليس الشباب المتطرف الذي ينجذب لنداءاتها، و انما العوامل في المنطقة العربية و ما وراءها التي سمحت بظهورها للوجود في المقام الأول – عوامل لاتزال تؤطر مناطقنا المتعبة اليوم . الدولة الإسلامية هي ظاهرة حية و متوسعة و ان العوامل التي تدعو الناس للانضمام اليها لازالت فاعلة في العديد من البلدان . لذا فان التحدي الذي نواجهه جميعا هو ان نحدد بشكل صحيح تلك العوامل التي ولّدت التركيبة الفكرية التي دفعت الشباب للانضمام الى مثل هذه الحركات و الانخراط في نوع البربرية التي تنشرها الدولة الإسلامية اليوم في أشرطتها و في وسائل الإعلام الاجتماعية .
في هذا المجال، لا شك ان أهم سبب في ولادة و انتشار التركيبة الفكرية للدولة الإسلامية هو لعنة الدول العربية البوليسية الحديثة التي كانت منذ سنوات السبعينات تعامل مواطنيها على انهم أطفال بحاجة الى ان يتعلموا الطاعة و الخنوع قبل كل شيء . كما ان هناك عوامل أخرى لعبت دورا في المأساة الحديثة للدولة في انحاء العالم العربي بما في ذلك تهديد الصهيونية و الاستيطان الإسرائيلي العنيف و التدخل الأجنبي المستمر و الهجمات العسكرية من قبل القوى الخارجية بما فيها الولايات المتحدة و بعض الدول الأوربية و روسيا و إيران .
السؤال المحيّر في كل هذا هو لماذا لم تسبّب هذه الظاهرة المتطرفة انهيارا كارثيا للدول الحالية بوقت مبكر. منذ عام 1970 تقريبا ، كان المواطن العربي يعيش داخل أنظمة سياسية و اقتصادية و اجتماعية لم توفر شيئا من المساءلة و الحقوق السياسية و المشاركة العامة، حيث تتميز هذه الدول بالفساد و بخلل وظيفي متوسع مستمر، و فوارق اقتصادية دفعت أغلبية المواطنين الى ان يعيشوا في فقر مدقع، و تقاعس مهين و فشل في مواجهة تهديدات الصهيونية و طموحات الهيمنة الأجنبية. كما انها منعت تطوير امكانيات الفرد في مجال الفكر و الإبداع و الثقافة و الهوية .
ظاهرة الدولة الإسلامية هي أحدث المحطات – و ليست آخرها – في رحلة الإذلال الجماعي العربي و التجريد من الإنسانية، التي تديرها في المقام الأول الأنظمة الاستبدادية العربية التي تدور حول عائلة أو عشيرة واحدة بدعم كبير مستمر من الدول الأجنبية الراعية لها . لقد تفاقم هذا التوجه، و كذلك العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين و غيرهم من العرب. لكن أكبر دوافع التطرف الإسلامي الإجرامي الذي نشهده في هذه الظاهرة هو مأزق مئات الملايين من العرب – رجالا و نساء و جيلا بعد جيل – ممن يجدون انهم غير قادرين داخل مجتمعاتهم على تحقيق إنسانيتهم أو طاقاتهم الكاملة ، أو ممارسة حقوقهم في الفكر و الإبداع، أو في كثير من الحالات الحصول على متطلبات الحياة الأساسية لعوائلهم .
تعابير الحيرة التي نسمعها اليوم من الكثير من السياسيين العرب و الأجانب أو من محللي وسائل الإعلام حول سبب ظهور الدولة الإسلامية و الإجراءات المطلوبة حيال ذلك، تخلو من المصداقية أو التعاطف ؛ فالبعض من الذين يشتكون من تهديد الدولة الإسلامية كانوا مشاركين بشكل مباشر في أفعال ساعدت على ظهورها، ( دول عربية بوليسية فاسدة ، اجتياح العراق ، و دعم كامل لإسرائيل ) .
هناك ترياق واحد فقط على المدى البعيد للقضاء على الدولة الإسلامية و كل ما تمثله؛ هو التوقف عن إتباع السياسات التعسفية و الإجرامية التي أذلّت الملايين من العرب المحترمين رجالا و نساء، و التي أطّرت البلدان العربية على مدى نصف القرن الماضي.
ان قصف العراق و سوريا سيكسب بعض الوقت، و ربما يجب ان يحدث مع إجراء عسكري جاد من قبل القوات العربية و الكردية المحلية. لكن مع ذلك، اذا لم تتغيّر أساليب الدولة البوليسية العربية الحديثة الفاسدة تغييرا جذريا، فان اليأس الشامل و الهستيريا التي تمثلها الدولة الإسلامية سوف تظهر مرة أخرى بأشكال أكثر تطرفا .

عن: ديلي ستار

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وفاة المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل

الداخلية: طرد أكثر من 4 آلاف منتسب وإحالة 15 ألف قضية إلى المحاكم

ائتلاف المالكي يحذر من عودة المفخخات والتهديدات الارهابية الى العراق

طقس صحو والحرارة تنخفض بعموم العراق

الفصائل تهدد "عين الأسد" بسبب احتمالات بقاء الأمريكيين فترة أطول في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جنديان

جنديان "إسرائيليان" متهمان بالتجسس: معلومات حساسة للغاية عن القبة الحديدية نُقلت إلى إيران

متابعة/ المدىكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الاثنين، عن توجيه اتهامات إلى جنديين "إسرائيليين" بالتجسس، فيما أشار الى أن معلومات حساسة للغاية عن القبة الحديدية نُقلت إلى إيران.وذكرت الصحيفة في تقرير انه "استعدادا لتوجيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram