لقد تحدثنا كثيرا عن المطالب التفاوضية للكردستاني واتحاد القوى وشعر بعض القراء ان هناك أطرافا لم يتحدث احد عن مطالبها. والمتسائل يقصد تحديداً: وماذا عن مطالب الشيعة، من الكرد والسنة؟
والمقصود طبعا الطبقة الشيعية التي تعمل اليوم في السياسة.ومنها من حكم واستبد، ومنها من اغتنم الوقت والتجربة وعمل مع شركائه السنة والكرد وسواهم، لمراجعة الأخطاء ونواحي الخلل، وقدم لنا مؤخراً، تصورات اكثر نضجاً حول مفهوم السلطة والحكم والإدارة، وهذا الصنف قدم تضحية كبيرة لابد ان نتذكرها دوما، حين عارض الفريق السياسي والعسكري للشيعي نوري المالكي، وطالب طويلا بالإصلاحات العاجلة والعميقة.
لكن مجمل الطبقة السياسية الشيعية الممثلة نيابيا، هي في موضع الماسك بكل شيء حالياً، من ملف الطاقة والأمن، حتى قضايا المال والعلاقات الدولية، بل ومعها شؤون القضاء وما اتصل به. ولذلك فليس لديهم مطلب بهذا المعنى، إلا اذا طلبوا من انفسهم كممسكين بمقدرات البلاد، في اطار مفاوضاتهم"الشيعية الشيعية". ولذلك جاءت الأطراف الأخرى لتتفاوض معهم على شكل مصحح لإدارة البلاد، وعلى تقاسم بعض الصلاحيات كما يحصل في موديلات الحكم التعددي عبر العالم، وضمانات لعدم ظهور مالكي آخر، يرتجل القرارات ويصم أذنيه أمام الناصح والمحذر.
وقد ظهرت إشارات إيجابية للغاية من قادة شيعة كثيرين، توحي انهم يقدمون اليوم تعريفاً جديدا للأغلبية التي تحصل على منصب رئيس الوزراء. فهناك شيعة بدأوا يدركون بوضوح ان هذا المنصب هو مسؤولية إقليمية ودولية، وهو شراكة في الأمن الإقليمي والنظام الدولي، لا مجرد التزام بشؤون ١٨ محافظة. واذا كان هناك مطلب شيعي كبير، فيجب ان يكون طلبا للكرد والسنة، كي يساعدوا الشيعة على تحويل العراق إلى شريك محترم في امن العالم والمنطقة، ولذلك فحين يطلب السنة معايير عادلة مع السجناء وقوانين الاعتقال، فعلينا ان نتنبه إلى ان إجراء كهذا سيعود نفعه على كل العراق وعلى غالبيته الشيعية، لأنه يقلل دوافع"التمرد المسلح ضد نظام قمعي"، ويكرس بغداد شريكاً دولياً يحترم المواثيق والأعراف الحديثة.
وحين يدافع الكرد عن اللامركزية العميقة بعناد، فهم يفعلون ذلك لانهم يرون النوايا والأفعال المتشبثة بنهج مركزي فاشل في الإدارة، تشتكي منه ذي قار قبل دهوك. وحين تختار بغداد السيد عبعوب أمينا لها، فسيحق لكل المدن ان تقاتل للتخلص من القرار المركزي"سيئ الذوق". وطلب الكرد هذا هو خطوات لبناء الثقة في هذا الاطار، وهم في النهاية يعرضون على الشيعة شراكة ودعماً وإسناداً، اذا ما كان منطق الحوار المتعقل سيد الموقف. وهذا تحقيق لمطلب شيعي في حد ذاته.
ان الكثير من المطالب التي طرحها الكرد والسنة، هي مطالب اتجاه شيعي مهم نادى بالإصلاح، واكتسب خبرة عمل مشترك مع الأطراف الأخرى في معارضته لارتجالات المالكي المتسرعة، وفي وسع رصيد العمل المشترك هذا ان يطوق الخلاف على كل مطلب كردي أو سني، قد يعد سابقا لأوانه أو مبالغا في التوقع.
إن للعقلاء الشيعة مطالب كبيرة، هي مطالب عراقية بالتأكيد، يطلبونها من دائرتهم الداخلية وتناقضات التحالف الوطني نفسه، ومن شركائهم أيضا. ولدى الشيعة العقلاء رغبة سلام لابد ان يجري تفهمها من قبل الشركاء. وإذا أدى الطرف الشيعي الممسك عرفاً بالحكم، ما عليه من التزام مشاركة وضمان، و"سد ذرائع"التمرد والاحتجاج والاعتراض، فان عقلاء البلاد، وكذلك الإرادة الدولية، ستجد مبررات كثيرة حينئذ لدعم التوجه الإصلاحي الذي يمثله الشيعة وحلفاؤهم في العراق، بوصفهم شريكا مسؤولاً يعرف قاعدة اللعب، ويخفف الاحتقانات ويبني الثقة التي هي المتطلب الأساسي لهزيمة داعش.
وإذا تحقق هذا فهو المطلب الأغلى وهو"رأس الهوى"بعد طي صفحة الأهواء المتعجلة البدائية. والفرصة دوما قائمة. وخيط الرجاء لا ينقطع.
مطـالــب الشيعــة
[post-views]
نشر في: 1 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
محمد
حين تختار بغداد السيد عبعوب أمينا لها، فسيحق لكل المدن ان تقاتل للتخلص من القرار المركزي سيئ الذوق كلمات يتطلب نقشها على مدخل البرلمان لتنبه الجميع على اختيار الاصلح لادارة البلاد
ابو اثير
ماذا يمكن للشيعة العراقيين بأن يطلبوه ويتمنونه أذا كانت الصاية والصرماية في أيديهم منذ الأحتلال ولحد الآن ... وأذا الأخوة الشيعة لم يستطيعوا الحصول على شيء ما أو يذكر لمناطقهم ومدنهم وقراهم فالعلة بهم هم وحدهم لأنه أختاروا رجال حكم ليسوا على قدر المسؤولية