قبل سنوات ، ذكر تقرير نشرته اليونسيف وبثته شبكة الإنترنت انه لايزال في وطننا العربي ورغم التقدم في مجال التعليم 70 مليون عربي يعانون من الأمية من بينهم اكثر من 45 مليون امرأة وطفل حسب التقرير ..ويتركز اكثر من ربع الأميين في بلد واحد وهو مصر (17) مليونا بينما يتوزع 70% في اربع دول اخرى هي السودان والمغرب والجزائر واليمن ..
حمدت الله بعد قراءتي التقرير لأن العراق لم يذكر بين تلك الدول رغم ارتفاع نسبة الأمية فيه مؤخرا ورجوت الله الستر حتى تحل أزماتنا ومنها الأمية لنكون مثالا يحتذى في كل شيء بالنسبة للأشقاء العرب ،كنا وقتها سعداء بسقوط صنم الدكتاتورية وقدوم الحرية والديمقراطية التي حلمنا بها طويلا لذا صرنا قبلة أنظار العرب الذين توقعوا مثلنا ان تتوفر لدينا الحرية والديمقراطية والتآخي بين مختلف القوميات والطوائف ومن ثم الانتعاش الاقتصادي باستثمار خيرات البلد وثرواته واختفاء ظاهرة البطالة وبعدها تحقيق التطور التقني في كل شيء ورفع المستوى الصحي والعلمي وبضمنه طبعا القضاء على الأمية وإعادة الطلبة المتسربين من المدارس الى مقاعدهم الدراسية ، واخيرا وليس آخرا ، الاهتمام بثقافة البلد ووجهه الحضاري من خلال النهوض بالإبداع العراقي وحماية الآثار والأماكن التراثية ،..كان من الممكن ان يتحقق لنا كل ذلك في ظل مشاعر مخلصة وحرص حقيقي على البلد ،وقتها لم تكن لترعبنا تقارير اليونسيف او يهزنا فشل مؤتمرات القمة العربية لأننا سنكون بالنسبة للجميع مثالا يحتذى بتحويل أحلامنا الوردية الى حقائق وقد يقلدنا الآخرون فتحل بالتالي جميع أزماتنا وقضايانا العربية المعلقة ..دون تدخل من احد....
ما يؤسف له اننا لم نكن وحدنا من أصيب بصدمة ما بعد سقوط الدكتاتورية فلم تتحقق لنا الأحلام الوردية وغصنا في مستنقع العنف وتصفيات الأحقاد والمصالح الخارجية والشخصية ، اما أشقاؤنا العرب فحاولوا ان يخلقوا لأنفسهم ربيعا عربيا بإسقاط حكوماتهم الدكتاتورية فعاشوا صدمة فشل الديمقراطية وتحولت أراضيهم ايضا الى ساحات للاقتتال والعنف وتنفيذ الأجندات الخارجية وغابت ايضا المشاعر المخلصة والحرص الحقيقي على البلدان فتمزقت بسرعة لم تكن بالحسبان ، وبعد ان كنا نخشى من ارتفاع نسبة الأمية في الوطن العربي ويفرحنا ألا نكون بين الدول الأكثر أمية ، صرنا نتقبل بسعة صدر بلوغ نسبة الأمية في العراق 74% بين الشباب العراقي حسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة التخطيط فلم تعد تشغلنا هذه الإحصائيات بقدر إحصائيات ضحايا العنف والقتل اليومي ..
انه مؤشر خطير هذا الذي يجعل الأمية واقعا مقبولا في بلد ينشد التغيير والتطور فما يهم ان يجهل الشاب القراءة او الكتابة او يتسرب الطفل من المدرسة بعلم أهله او عدم علمهم او يعيش الشباب أمية حقيقية بالاستسلام لإغراءات ( فيس بوك ) المفرغة من الثقافة والتوعية والتنوير ، ما يهم كل ذلك مادام الشاب على قيد الحياة ..
الحياة ، هذه المفردة التي بات الشباب يفهمها على انها مجرد البقاء حيا او تحقيق ما بوسع الشاب تحقيقه مما يجده أمامه من معطيات ..لم تعد تعني السعي والنحت في الصخر وتحدي الصعاب لتحقيق الأحلام فما ان تسأل أي شاب عن أحلامه سيقول لك بلامبالاة .." يا أحلام ...يا بطيخ ..خلينا نعيش يومنا والله كريم " ويعود مسرعا ليتابع ما يرده من رسائل ساذجة على فايبر او فيس بوك ..لعله محق فقد يكون اليوم بيننا وغدا يقع ضحية انفجار او قتل على الهوية !!
شباب أميون
[post-views]
نشر في: 1 سبتمبر, 2014: 09:01 م